بالتأكيد أنت لا ترى ما أرى من طسيس الجغرافيا.. لذا تخيل معي.. تخيل مثلا.. مثلا يعني انتصرت فكرة “عدن للعدنيين”، وتم إعلان عدن إقليماً مستقلاً تبعاً لذلك.. ما الذي يمكن أن يحدث؟
بالتأكيد أنت لا ترى ما أرى من طسيس الجغرافيا.. لذا تخيل معي.. تخيل مثلا.. مثلا يعني انتصرت فكرة “عدن للعدنيين”، وتم إعلان عدن إقليماً مستقلاً تبعاً لذلك.. ما الذي يمكن أن يحدث؟
بالتأكيد سأجد نفسي محرج جداً من القائد الجنوبي الرائع عيدروس الزبيدي، خصوصا إذا كانت قلوب العدنيين قاسية وقرروا تهجير كل من ليس بعدني!
كم سيكون محرجاً خضوعي والقائد عيدروس لحالة التهجير ذاتها.. المحرج حقاً هو أنني سأصل قريتي على أعلى جبل المقاطرة وبا اتروش وبا اتغدى وبا خزن وبا يقرح معي القات وعاد عيدروس ما وصلش قريته في الضالع.
طبعا عيدروس يقدر يبحش على أصحابه بأن هذا الليد الذي ذبل القات من فمه في المقاطرة بالتزامن مع وصوله الضالع ما هو إلا شمالي “قزة”، أما هو فلا يزال ذلك الجنوبي العتيد.
إنك على “جوجل إرث” أو على “أطلس العالم” سيكون بوسعك أن تحدد من منا الجنوبي حقا.. أنا أم عيدروس؟ مع أن الإجابة لا تمنع أن أظل شمالياً بالنسبة لأبناء قبائل الصبيحة في لحج والذين صاروا شماليين بالنسبة للعدنيين، وأصبحت عدن ذاتها إقليماً مستقلاً على شمال الصومال!!
إنني وفي أسوأ الأحوال سأظل جنوبياً وبالمعنى الحرفي للجغرافيا بالنسبة لعيدروس والضالع، كما سيبقى الضالع جنوبياً بالنسبة للجنوب الصنعاني الذي يشمل “ذمار” ونوعاً ما حي شميلة ومعه ذمار فون وشميلة هاري..
أما الجنوب العربي فيشمل الجنوب الصنعاني أيضاً، وكذلك الشمال الصنعاني “عمران وصعده” بل ويشمل “نجران والحجاز واليمن وعمان”، إضافة إلى السودان بالنسبة للجانب العربي الأفريقي.
إنك وفي دوامة الجنوب العربي هذا تكمن الأهمية البالغة لشمالك الكريه القزة اللي حكيته إلى أن محيته من الخارطة..
وهي الخارطة التي جعلت فيها “العراق والشام” شمالك العربي الذي تناضل للفكاك عنه بالضالع ولحج وعدن مع تكعافك الذي لا بد منه لبنت الشغالة: أبين، أما حضرموت فقد حسمت أمرها كإقليم مستقل له جغرافيته وتاريخه وبعديه الجيوسياسي والحضاري..
لا مفر من بقاء شمال اليمن هو المقابل الجغرافي والسياسي لجنوبك.. وحده الشمال الذي يمكنك تحديده على نحو يصبح فيه الضالع جنوبياً وإن بدت معه “إب” هي الأخرى جنوبية، وأصبحت “تعز ولحج وعدن وأجزاء من أبين” جنوب الجنوب تماماً، كما هي عمران وصعده شمال الشمال.
معناته إبرد لك من توهان الجنوب العربي.. قد لا تحتاج لهذه المتاهة فلربما تجد في جبال ورجال الضالع وما أحرزوه من انتصارات عسكرية وسياسية لجهة تأكيد جنوبيتهم ما يمكن من خلاله تعديل حقائق الجنوب الجغرافي لصالح جنوبهم السياسي.. ألا وهو: جنوب اليمن!
الجنوب الذي فرضوه بتضحياتهم ونضالات شركائهم الجنوبيين، دون حاجتهم للفرار إلى متاهات الجنوب العربي الذي يشمل موريتانيا أيضا..
أخيراً هات أذنك با أخافسك: لازم يكون هناك وحدة عشان يكون هناك انفصال.. وكمان لازم يكون هناك شمال عشان يكون هناك جنوب. معناته الوحدة الجريمة هي الانفصال الجريمة، والشمال المشطوب من الخارطة هو الجنوب الملغي وبما أن الوحدة لم تتحقق فالانفصال لن يتحقق..
إجمع دوماااااان ياليد.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.