لم يكن تصريح الدكتور جمال البيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب مفاجئا بل كان متوقعا, عندما قال إنّ الاستثمارات العربية خارج العالم العربي قد بلغت ترليون وثمانمائة مليون دولار, وأضاف إنّ معظم الاستثمارات في الوطن العربي والتي تصل الى أكثر من 90% هي في قطاع الخدمات والعقارات والمجمعات السياحية والمنتزهات, وأنّ نصيب قطاعي الصناعة والزراعة من أموال المستثمرين العرب في العالم العربي لا يصل الى 8% من إجمالي المال المستثمر. لم يكن تصريح الدكتور جمال البيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب مفاجئا بل كان متوقعا, عندما قال إنّ الاستثمارات العربية خارج العالم العربي قد بلغت ترليون وثمانمائة مليون دولار, وأضاف إنّ معظم الاستثمارات في الوطن العربي والتي تصل الى أكثر من 90% هي في قطاع الخدمات والعقارات والمجمعات السياحية والمنتزهات, وأنّ نصيب قطاعي الصناعة والزراعة من أموال المستثمرين العرب في العالم العربي لا يصل الى 8% من إجمالي المال المستثمر.
قلت في نفسي إذا كان هذا الوضع التشاؤمي في العالم العربي – حيث ينعم الكثير من مدنه بالاستقرار والأمان النسبي قياسا بأوضاع وأحوال بلادنا – فكيف سيكون حال الاستثمار عندنا والحال كما هو معروف وواضح للجميع بائس ومؤلم والحرب لم تضع أوزارها بعد.
غياب الجدية في الاستثمار لدى الحكومات اليمنية
بعد مؤتمر لندن في العام 2006م تظاهرت الحكومة اليمنية التي كان يرأسها آنذاك الأستاذ عبدالقادر باجمال بأنّها ستنشط في مجال جلب الرساميل والأموال من الخارج للاستثمار في اليمن وذهب وفد رفيع المستوى يضم الكثير من وزراء حكومته ومن بعض المختصين لزيارة ألمانيا لإقناع المستثمرين الألمان للقدوم للاستثمار في اليمن وكانت المفاجأة المحرجة التي تنظرهم في ألمانيا عندما أخبرهم المسؤولون الألمان عن ملف الاستثمار في ان الرأسمال اليمني الذي يستثمر في ألمانيا بالرجوع للاستثمار في اليمن وقد بلغ حينها ما يقرب من سبعين مليار دولار.
كان ذلك في العام 2006م أما اليوم ونحن في عام 2017م فربما يكون الرقم قد تضاعف بفعل عوامل النهب المنظم للمال العام لعلية القوم وللفساد المتعاظم في اليمن حيث قمّة الفساد في فساد القمّة. وقد أسقط في ايدي الوفد الحكومي اليمني حيث كان الرد الألماني قاسيا ومفحما.
وفي إحدى زيارات رئيس وزراء يمني أسبق في عهد علي عبدالله صالح لماليزيا واجتماعه مع وفد من التجار الماليزيين من أصول يمنية وفي أثناء اجتماعه معهم و دعوتهم للقدوم للاستثمار في اليمن عندما شكى له بعض التجار الحاضرين من أنّ القوانين المنظمة للاستثمار في اليمن ما زالت بدائية وغير مشجعة ومقيدة للرأسمال القادم من الخارج للاستثمار في اليمن فما كان منه إلا أن تحمّس وقد زاد عيار الحماس عنده فقال بإمكاننا أن نفصل لكل مستثمر قانون خاص به.
أدرك حينها التجار الماليزيون أنّه لا توجد جدية لدى الحكومة اليمنية آنذاك لإيجاد بيئة استثمارية جاذبة في اليمن وكانت نتيجة ذلك اللقاء معروفة سلفا حيث فشل رئيس الوزراء في إقناع ولو تاجر ماليزي واحد من أصل يمني للقدوم والاستثمار في اليمن.
تم استدعاء رئيس وزراء ماليزيا الأسبق الدكتور مهاتير محمد في عام 2012م وذلك لاستشارته في مساعدة الحكومة التي كان يرأسها الأستاذ محمد سالم باسندوة وذلك في كيفية النهوض بالاستثمار في اليمن وعندما سأل بعفوية عن حجم انتاج الكهرباء في اليمن فأجابوه بنحو الف ومائتي ميغاوات في اليوم وكان الرقم الحقيقي لإنتاج الكهرباء هو ثمانمائة ميغاوات في اليوم فقال لهم بلد ينتج هذه الكمية من الكهرباء من المعيب عليه أن يتكلم عن الاستثمار.
وتتلخّص فكرة مهاتير محمد أن لا استثمار ولا رخاء اقتصادي بدون استقرار وأمن وهيبة دولة, وسيادة القانون ونظافة يد المسؤولين وريادة وتميز في كل أنماط التعليم من الأساسي الى الفني الى الجامعي والعالي ، لكنّ الواقع الذي صدم مهاتير محمد والذي تعيشه اليمن أن لا استثمار إلا بشراكة مع اللصوص ، وهيبة اللص وقاطع الطريق أكبر من هيبة الدولة ، ويستطيع أحقر الخلق أن يقطع ويدمر شبكة الكهرباء أو أنبوب النفط عند بوابة أكبر قاعدة عسكرية دون أي ردة فعل من قبل سلطة الدولة.
في اليوم التالي لزيارته لليمن عاد مهاتير محمد راجعا الى بلده ماليزيا تأكله الحسرة على بلد كريم فرّط فيه حكامه وعليّة القوم في سلطته الحاكمة وساهموا في فقره وتخلّفه.
ولم تظهر أي من السلطة أو الحكومات المتعاقبة في اليمن أية توجهات جدية نحو تهيئة الظروف وتوفير كل متطلبات البيئة الجاذبة للاستثمار, و بالعكس من ذلك فقد عملت السلطة الحاكمة على توفير كل ما يقنع أي مستثمر بعدم جدوى الاستثمار في اليمن.
فرص استثمارية ضائعة بالإمكان استعادتها (هذا غيض من فيض)
مشروع القرن – مدينة النور- التي تربط ضفتي البحر الأحمر بين قارتي آسيا وأفريقيا بجسر فوق مضيق باب المندب
قال رجل الاعمال السعودي في شركة بن لادن السعودية، طارق بن لادن عام 2009م ، ان فكرة مشروع جسر جيبوتي اليمن مشروع سيتم تنفيذه بنظام (بي- أو- تي) ( بمعنى تمويل المشروع ثم تشغيله ثم تسليمه فيما بعد للدولة) كمشروع استثماري وسوف يحدث ثورة شاملة في اتصال القارتين وينقل المنطقة نقلة حضارية واقتصادية ليس لها حدود.. وتفاصيل هذا المشروع الذي تعاقد من أجله كما تناقلت وكالات الأنباء والأخبار العالمية , رئيس جمهورية جيبوتي مع شركة تنمية الشرق الأوسط الاستثمارية بشأن البدء في تنفيذ المشروع العملاق المقترح بإقامة جسر بين جزيرة ميون اليمنية وينتهي الي الجهة المقابلة في إفريقيا في دولة جيبوتي قبالة مضيق باب المندب في نهاية البحر الأحمر , ويشمل طريقا للسيارات وخط سكة حديد واقامة مدينة علي مساحة600 كيلومتر مربع تمتد بنهاية الجسر في جيبوتي وأخرى عند بدايته على الجهة اليمنية باسم مدينة النور. ستضم هذه المدن بنية تحتية صناعية وسياحية وتجارية ومنطقة حرة وغيرها من الأنشطة التجارية بين القارتين وبتكلفة تقدر بنحو ما بين15 الي20 مليار دولار بالنسبة للجسر, أما تكلفة المدينتين فتصل الي50 مليار دولار.
وتكمن الأهمية الاستراتيجية للمشروع في الميزة الجيوسياسية لموقع البلدين علي خارطة التفاعلات الإقليمية والدولية في منطقة البحر الأحمر, وهو ما سيعزز من حركة السكان بين الشاطئين وتنشيط الحركة الاقتصادية وتشجيع انتقال رءوس الأموال الخليجية, فضلا عن أنه سوف يعزز من قدرة البلدين علي التحكم في مضيق باب المندب من خلال التصميم الجغرافي للمنطقة, ويوفر المشروع نصف مليون فرصة عمل لكلا الدولتين.
وسيتم بناء الجسر علي مرحلتين
*الأولي بناء جسر بين اليمن وجزيرة بريم (ميون) في البحر الأحمر طوله 17 كيلومتر
*والثانية ربط جزيرة بريم (ميون) مع جيبوتي بجسر آخر طوله13 كيلومترا من الكباري المعلقة
لكنّ الذي لم يقله رجل الأعمال بن لادن أنه طلب منه الموافقة على منح علية القوم حصة في هذا المشروع تعادل 20% من رأسمال المشروع وبدون أن يدفع هؤلاء فلسا واحدا مقابل السماح لبن لادن بالموافقة والبدء بالمشروع وهو السبب الذي على ضوئه رفض بن لادن العرض وتوقف المشروع من الجانب اليمني.