اليمن وقمم الرياض الثلاث.. بين فرص الحل العسكري وإعادة المسار السياسي
تشير العديد من التقارير والتحليلات الصحفية لوسائل إعلام عالمية مهتمة بزيارة ترامب التاريخية للسعودية، إلى أن اليمن ستكون أولوية قصوى في تلك الزيارة.
يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص
في الوقت الذي يتوقع أن يكون لها انعكاساتها المؤثرة على الساحة السياسية في الشرق الأوسط، ومن بينها اليمن، يغادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الولايات المتحدة الأمريكية، مساء اليوم الجمعة، متجها صوب المملكة العربية السعودية، في زيارة هي الأولى له، خارج الولايات المتحدة منذ دخوله البيت الأبيض.
وتشير العديد من التقارير والتحليلات الصحفية لوسائل إعلام عالمية مهتمة بزيارة ترامب التاريخية للسعودية، إلى أن اليمن ستكون أولوية قصوى في الزيارة التي سوف يلتقي فيها ترامب بزعماء عشرات الدول الإسلامية والعربية، ويعقد فيها صفقات تجارية غير مسبوقة.
وتوقعت صحيفة “واشنطن تايمز” الأميركية أن يكون الدعم الأميركي للرياض في حربها ضد جماعة الحوثي المسلحة في اليمن أحد الأهداف الأساسية للزيارة.
ورأت الصحيفة، أنه وعلى الرغم من تركيز الكثير من خطاب البيت الأبيض حول الشرق الأوسط على الاتفاق النووي الإيراني والقتال ضد الدولة، فإن زيارة ترامب يمكن أن تفتح الباب أمام تدخل الولايات المتحدة في الحرب المدعومة من السعودية ضد الحوثيين في اليمن. وأشارت إلى أن الولايات المتحدة بقيت في ظل الرئيس السابق بعيدة عن الصراع في اليمن، إلا أن زيارة ترامب إلى السعودية تحمل بين طيّاتها إشارة واضحة إلى أن السياسة الأمريكية إزاء حرب اليمن يمكن أن تتغيّر بسرعة.
وبخلاف سياسة أوباما تسعى أمريكا ترامب لتعميق مشاركتها في التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين ذراع إيران في اليمن، وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت أن “وزير الدفاع جيم ماتيس طلب من البيت الأبيض الموافقة على تدخل الولايات المتحدة في حيثيات هجوم ستشنه الإمارات العربية المتحدة على الحديدة، وذلك من خلال مراقبة الوضع وتجنيد الاستخبارات، فضلاً عن توفير سبل التزود بالوقود والتخطيط العملياتي للهجوم”.
ويعكس الخطاب الإعلامي والسياسي الأمريكيان قناعة أمريكية حول كون إيران تواصل تهريب الأسلحة لجماعة الحوثيين الموالين لها في اليمن، والذين تمثل سيطرتهم على الموانئ المطلة على البحر الأحمر تهديداً مباشراً لمصالح أمريكا، ولا يستبعد منها تدخلاً مباشراً، كالذي حصل في الخريف الماضي، عندما قصفت البحرية الأمريكية مواقع للرادارات الحوثية كرد مباشر على هجمات طالت سفناً بحرية أمريكية في مضيق باب المندب.
وفي مارس/ آذار الماضي، ناقش كبار قادة الجيش الأمريكي خيارات زيادة الدعم الأمريكي للسعودية في اليمن، ومن بين هذه الخيارات توفير الأسلحة والذخيرة للقوات السعودية، وزيادة العمليات الاستخبارية والمراقبة ضد أهداف الحوثيين.
ويأمل قادة الخليج الذين تشارك بلدانهم مع السعودية في الحرب ضد الحوثيين ذراع إيران في اليمن، دعماً أمريكياً أكثر في عهد ترامب، ضد إيران وأذرعها في منطقة الشرق الأوسط.
وقال مدير الأمن والدفاع في مركز الأبحاث الخليجي، مصطفى العاني، لوكالة رويترز، إن “قادة الخليج يرغبون في رؤية أميركا تصنف الميليشيات التي تدعمها إيران كمجموعات إرهابية”.
ويتوقع مراقبون أن يدفع ترامب بقوة باتجاه حسم الملف اليمني، من خلف دول التحالف بقيادة السعودية، خصوصاً أن من شأن “النجاح في هذا الملف” أن يحسب لإدارته التي تحتاج إلى تحقيق انتصار ما في الساحة الخارجية، مع العمل في الاعتبار أن معركةً مثل معركة اليمن، لن تخسر فيها أمريكا شيئاً مقابل المكاسب التي يمكن أن تحصدها، سواءً على المستوى المعنوي أو المادي.
ويأمل البيت الأبيض من زيارة ترامب إلى السعودية أن تحول الانتباه بعيدا عن الجدل الداخلي وتوجهه صوب سياسته الخارجية في ظل المشاكل التي تواجهها إدارته، حسب تقرير لوكالة رويترز؛ في حين سوف تثمر هذه الزيارة إذا ما تحولت أقوال ترامب إلى أفعال فيما يتعلق بتشدده من إيران، ورغبته في إعادة الفاعلية للدور الامريكي في الشرق الأوسط، وتحقيق المزيد من دعم الاقتصاد الأمريكي.
ويرى الكاتب اليمني، هشام محمد أن “القرار الأمريكي يبنى على دراسات وتوصيات الخبراء والمستشارين ولهذا سيكون على الادارة الامريكية الموازنة بين مصالحها الاقتصادية ومصالح حلفاءها في الخليج العربي الذين يرتبط أمنهم بالاقتصاد الامريكي ويتضح ذلك من الصفقات التي يتحدثون عنها، وبين الحفاظ على مكانتها وهيمنتها العسكرية والسياسية في الشرق الاوسط بعد ان تخلت عن جزء منها الادارة السابقة لصالح الروس وحلفاءها الايرانيين”…
وأضاف “محمد” ، في حديث لـ”يمن مونيتور” أنه “بالطبع سينعكس ذلك على مجريات الحرب في اليمن، ومن الممكن ان يرافق ذلك انعاش للمبادرات السياسية، التي اعتقد انها ستعود إلى الواجهة بمزيد من الضغوط التي سيفرضها اللاعبون الدوليون، فإيران لن تجازف أكثر ويهمها ان تحافظ على مكاسبها من الاتفاق النووي”.
ويبدو أن ثمة توافقاً أمريكياً-سعودياً، حول الملف اليمني، مهدت له زيارة قام بها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن والتقى فيها بترامب، وقال وزير الخارجية السعودية في مؤتمر صحفي أمس الخميس، إن زيارة محمد بن سلمان كانت بناءة جدا. مؤكداً “على وجود توافق تام بين بلاده وأميركا حول قضايا المنطقة ولا سيما في سوريا واليمن”.
ويتوقع ألا تأخذ المسألة الكثير من الجدل والوقت فيما يتعلق بوجهات النظر الأمريكية_السعودية، تجاه اليمن، ويرى الكاتب والباحث السعودي، الدكتور أحمد قران الزهراني، أن (اليمن سيكون من أولويات المباحثات الأمريكية السعودية وسيسعى ترامب الى إنهاء المشكلة اليمنية بما يتوافق ورؤية السعودية ومجموعة دول التحالف وكذلك الحكومة الشرعية اليمنية.).
وفي حديثه لـ”يمن مونيتور”، يضيف الدكتور الزهراني، وهو باحث سعودي في الإعلام السياسي، أن زيارة ترامب تجسد (رغبة من أمريكا في إنهاء الصراعات التي كلما طال أمدها كلما اتسعت رقعة الجماعات الإرهابية وبالتالي فإن عليه أن يطوق هذه الصراعات وأن يحد من أطماع إيران ودعمها لتلك الجماعات حتى يعود الاستقرار للمنطقة..).
ويرى الزهراني إن (اختيار ترامب للسعودية كأول محطة خارجية له اعترافا بمكانتها على الساحة الدولية وتأثيرها على مجريات الأحداث في المنطقة وأهميتها عربيا وإسلاميا وزاد من ذلك الموقف الصلب الذي اتخذته في اليمن رغم عدم رضا أمريكا في عهد أوباما على تدخلها لإعادة الشرعية الى اليمن ودحر جماعة الحوثي المدعومة من إيران..).
وتأتي زيارة ترامب في وقت حساس تمر به الحالة اليمنية، فالتحالف الذي يسيطر على معظم جغرافيا اليمن، ينوي تضييق الخناق على الحوثيين وحليفهم صالح من خلال إعلانه نيته تحرير محافظة وميناء الحديدة الاستراتيجيين، خصوصاً في ظل بقاء الميناء كأهم روافد الحوثيين لتهريب الأسلحة.
ومع اقتراب الزيارة بدأت مجدداً التحركات الأممية والدبلوماسية باتجاه إعادة احياء المسار السياسي، وينشط المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد منذ أيام، في جولة افتتحها بزيارة إلى الرياض، وصرح في ختامها من الدوحة، إنه “بصدد السعي لإعادة العملية السياسية، وكشف عن مشاورات محتملة لإطلاق مبادرة تفضي إلى وقف إطلاق النار مع بدء شهر رمضان المبارك، معتبرا ذلك تمهيدا للدخول في جولة جديدة من المحادثات بين الأطراف اليمنية وأيضا إيقاف الهجوم المحتمل على ميناء الحديدة في الساحل الغربي”. فيما لم تتضح بعد معالم ما يدور خلف تحركات ولد شيخ ومثلها الكثير من التداولات والأفكار الاوروبية الخليجية، التي يبدو أنها جميعاً بانتظار نتائج زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية غداً.
وبدا واضحاً تغير الموقف الأمريكي تجاه اليمن، في عهد الرئيس ترامب، فيما تفيد التوقعات أن يتجسد ذلك جلياً في الزيارة المرتقبة، التي يرى البعض أن التغير الواضح في خطاب الرئيس اليمني السابق، وحليف الحوثيين في اليمن، علي عبدالله صالح، تجاه السعودية، وتصاعد حدة الخلاف بينه وبين مليشيا الحوثيين، إنما هي إحدى المؤشرات على إمكانية إحداث زيارة ترامب تغيراً واضحاً فيما يخص الملف اليمني.
ويخشى الحوثيون أي نتائج قد تعزز موقف التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن، وقبل يوم واحد من زيارة ترامب إلى السعودية، تطوف سيارات حوثية شوارع العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة المليشيا، حاملةً مكبرات صوت تدعو فيها لحشد شعبي في العاصمة صنعاء، تندد فيه بما أسمته العدوان الأمريكي على اليمن.
وفي وقت متأخر من مساء الليلة الجمعة، زعم الحوثيون إنهم أطلقوا صاروخ باليستي (بركان 2)، على العاصمة السعودية الرياض، فيما لم تصدر أي تصريحات من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، بخصوص ذلك، حتى لحظة كتابة هذا التقرير (9:50 دقيقة).
ومن شأن ذلك أن يصعد من الموقف الأمريكي_السعودي، من مليشيا الحوثي التي تعد أكبر التهديدات الإيرانية في الجزيرة العربية، وأكثرها تهديداً للولايات المتحدة وحلفائها من دول الخليج العربي.
وتأتي أهمية زيارة ترامب للسعودية، في كونها الأولى خارج الولايات المتحدة الأمريكية منذ دخوله البيت الأبيض.
واعتبرت هذه الزيارة كسراً للبروتوكول المتّبع في البيت الأبيض؛ فغالباً ما كان الرؤساء يبدؤون زياراتهم الافتتاحية إلى دول الأمريكيتين، أو أحد حلفاء واشنطن في أوروبا. بينما سوف يبدأ ترامب زيارته الأولى للملكة العربية السعودية، في تصرفٍ اعتبر على أنه توبيخ لسياسة أوباما التي ظلت بعيدةً عن الصراع في الشرق الأوسط.
وقال مسؤول سعودي رفيع إن زيارة ترامب “ترسل رسالة واضحة وهي أن الولايات المتحدة تقف مع حلفائها المقربين في المنطقة وأنها لن تتخلى عنهم”، وهو ما يعكس وجهة نظر العديد من قادة الخليج تجاه أوباما، ويضيف المسؤول السعودي لوكالة “رويترز”: “هذه الإدارة (الجديدة) ترفض الانتظار لحظة واحدة بينما تنشط إيران”.
وترغب السعودية والتحالف الذي تقوده لدعم الشرعية في اليمن، في المزيد من الدعم الأمريكي، الذي انحسر في عهد أوباما.