هل تنجح “برلين” باختراق حالة الجمود في الملف اليمني؟
مشاورات رفيعة المستوى تتم في برلين بين ممثلين عن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وخصومها. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
يبدو أن مشاورات رفيعة المستوى تتم في العاصمة الألمانية برلين بين ممثلين عن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وخصومها المسلحين الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في ظل تكتم الطرفين اللذين يتحاربان على الأرض منذ أكثر من عامين.
ووصل وفد يمني برئاسة أحمد عبيد بن دغر رئيس الحكومة، يوم الأحد، إلى “برلين” وكان في استقباله أفراد من سفارة بلاده ويضم الوفد رئيس وفد الحكومة المفاوض وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، وبحلول منتصف ليل الأحد/ الاثنين لم يلتقِ بن دغر أياً من المسؤولين الألمان.
في الوقت نفسه، ينشط عبدالملك المخلافي- المتواجد ضمن الوفد- في اتصالات دبلوماسية، وتحدث عبر الهاتف مع أمين عام منظمة التعاون الإسلامي وأمين عام الجامعة العربية ومع إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الدولي لليمن، إلى جانب وزير الخارجية البحريني؛ في وقت التقى سفير اليمن بالمنامة بوزير داخلية البحرين، ومعظم هذه الاتصالات بحثت الأوضاع في البلاد وارتباطها بملف السلام. كما أن المخلافي تحدث مع وزير الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان.
وفي الدوحة تحدث “ولد الشيخ” عن مفاوضات جديدة ووقف لإطلاق النار مع بدء شهر رمضان المبارك متهماً أطرافاً إقليمية، لم يُسمها، بمحاولة استغلال الأحداث في اليمن لبسط نفوذها الإقليمي. وقال وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن آل ثاني، في تغريدة على تويتر إن “ولد الشيخ” أطلعه على تحضيرات بدء مفاوضات جديدة بين اليمنيين. “ولد الشيخ” قال أيضاً إنه التقى وزير الخارجية السعودي يوم السبت في الرياض.
وزار “ولد الشيخ” الرياض، الأسبوع الماضي، والتقى الرئيس اليمني مع “بن دغر” كنا التقى بمسؤولين خليجيين إلى جانب سفراء الدول الـ18 الراعية للمبادرة الخليجية.
من جهته قال هشام شرف وزير الخارجية في حكومة الحوثيين، إن هناك إمكانية لوقف لإطلاق النار في اليمن قبل شهر رمضان، مضيفاً في حوار مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، أن “موسكو كانت من الحكومات القلائل التي حاولت أن تتوسط بين طرفي الصراع في اليمن لإحلال السلام، إضافة إلى سلطنة عُمان التي بذلت جهودا كبيرة في هذا الصدد”. لكنه اشترط وجود السعودية والإمارات ضمن المفاوضات معهم، متحدثاً أن وقفاً لإطلاق النار ومن ثم الجلوس على مائدة المفاوضات.
ويعول الحوثيون على اهتزاز موقف الحكومة المعترف بها دولياً بعد الأحداث الأخيرة في العاصمة المؤقتة عدن، إذ أعلن قادة جنوبيون الخميس الماضي (11 مايو/ آيار) تشكيل مجلس انتقالي لإدارة جنوب اليمن وتمثيلها خارجياً، وهو ما رفضته الحكومة اليمنية.
ويبدو أن برلين هي الغرفة الأخيرة التي يمكن أن تكون مهبط للمشاورات بين طرفي الصراع، حسب مصادر تحدثت في وقت سابق لـ”يمن مونيتور”، كانت هناك مشاورات في موسكو وأبوظبي مع فريق علي عبدالله صالح، وتحدثت نشرة “انتليجينس اونلاين” المخابراتية الفرنسية أن نجل “صالح” (أحمد علي) رأس وفداً للمشاورات مع السعودية والإمارات دون علم الحوثيين الذين غضبوا بشدة من تحرك صالح منفرداً.
وتشير هذه المشاورات إلى تمكين موسكو من انخراط أكبر في اليمن -وربما تكون تلك إشارة ولد الشيخ عندما تحدث عن أطراف تحاول استغلال الأوضاع في اليمن- عبر تقديم مبادرة تحفظ أمن الحدود السعودية وتضغط من أجل وقف التدخل الإيراني في اليمن، مقابل حكومة انتقالية يُسلم لها الحوثيون السلاح.
والمشاورات الأخرى كانت تقودها واشنطن والمملكة العربية السعودية مع الحوثيين من أجل تسليم ميناء الحديدة دون قتال أو أن تشرف عليه جهة ثالثة قد تكون سلطنة عُمان كما ألمح بذلك السفير الأمريكي السابق (جيرالد فايرستاين) أو الأمم المتحدة.
وقال فايرستاين إن بإمكان سلطنة عُمان أن تكون جزءً من العملية التي تضغط على الحوثيين من أجل الوصول إلى هذه النتيجة، المرّجوة، والتي يعتقد “فريستاين” إن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف لنقل السيطرة على الميناء إلى طرف محايد قد يثير العودة إلى المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة.
وبشأن ذلك تحدث “ولد الشيخ”، يوم الأحد، “نبحث عن حل وسط فيما يتعلق بمرفأ الحديدة، ونحتاج إلى توافق جميع الأطراف لوقف النزاع وهذا من شأنه أن يخفف من معاناة الشعب اليمني ويفسح المجال للتوصل إلى حل”. حسب ما نشرته وكالة الأنباء القطرية. داعيا الأطراف اليمنية المختلفة إلى القبول بما أسماه “الحلول الوسط” للخروج من الأزمة اليمنية.
واحتضنت برلين لقاءات فردية برعاية الأمم المتحدة منذ مارس/ آذار الماضي، حسب مصادر دبلوماسية تحدثت لـ”يمن مونيتور”، حيث التقى مسؤولون في الحكومة الشرعية دبلوماسيين ألمان، وكذلك حوثيين وموالين لـ”علي عبدالله صالح” إلى جانب فريق “الطريق الثالث” والذي يتضمن مسؤولين حكوميين سابقين -أغلبهم من الموالين للرئيس السابق- وتهدف إلى انعاش “مبادرة كيري” مع بعض الترميمات.
وكانت المبادرة الألمانية للحل في اليمن ملفاً رئيساً لزيارة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل المملكة العربية السعودية والإمارات نهاية ابريل/ نيسان الماضي وبداية مايو/ آيار الجاري، وتحدثت عن إحلال السلام في اليمن ووقف الأعمال القتالية في البلاد.
الدبلوماسيون يشيرون إلى أن هناك ضغوطاً من سفراء دول الاتحاد الأوروبي لدى اليمن من أجل التوصل إلى تسويه، كما أن سفيرة الاتحاد الأوروبي على إطلاع تام بما يدور في تلك المشاورات.
وتخشى دول غربية من تكرار النموذج السوري في انتشار الجماعات الجهادية والإرهابية في البلاد ذات الموقع الجغرافي الهام المؤثر إقليمياً ودولياً كرابط بين القارتين الآسيوية والأفريقية وممراً هاماً لـ 20 بالمائة من الشحن العالمي عبر مضيق “باب المندب” الاستراتيجي.
ويعوّل مراقبون على نجاح “برلين” في جمع الأطراف اليمنية لأنها لا تملك طموحاً توسعياً كما هو الأمر لدى روسيا والولايات المتحدة الأمريكيَّة، وبَعملٍ دؤوب تعتقد برلين أنها ستحقق نجاحاً في اختراق حالة الجمود التي تصيب المشهد السياسي اليمني مقابل التحشيد العسكري المستمر في جبهات القتال.
وفشل المبعوث الأممي منذ اختتام مشاورات الكويت في السابع من أغسطس/ آب 2016، في جمع الأطراف على طاولة واحدة مجدداً، على الرغم من الحراك السياسي الذي شهدته الشهور الأخيرة من العام الماضي، من إعلان مبادرة وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، إلى الخطة الأممية التي أُطلق عليها “خارطة الطريق”، ورفضتها الحكومة.
وستعتمد أي جولة مشاورات قادمة على مدى القبول بوقف إطلاق النار، كإجراء يتم قبل البدء بالعملية، وكذا مدى الثقة بالمفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، حيث فشلت ثلاث جولات من المشاورات السياسية -رعتها الأمم المتحدة- في إيجاد حل للصراع في اليمن.
وتشهد اليمن منذ سبتمبر/ أيلول عام 2014، حربا بين القوات الموالية لحكومة الرئيس اليمني دعمتها لاحقاً (مارس/آذار2015) قوات “التحالف العربي” بقيادة المملكة العربية السعودية من جهة، والقوات الموالية للحوثيين، والرئيس السابق من جهة أخرى، مخلفة آلاف القتلى والجرحى، فضلا عن أوضاع إنسانية وصحية صعبة.