هل تضرب انتهازية الساسة عدالة “القضية الجنوبية” في اليمن؟
مراقبون عدّوا المجلس الانتقالي خطوة تهدد الحكومة الشرعية والتحالف العربي المساند لها. يمن مونيتور/ عدن/ خاص:
تتصاعد الخلافات يوماً عن آخر، الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته من جهة، وبعض رجالات السياسة المنتمين إلى الحراك الجنوبي من جهة اخرى، ما يهدد بضرب عدالة القضية الجنوبية التي ناضل من أجلها المواطنون في جنوب اليمن.
وأمس الخميس، شكّل ساسة جنوبيون، كانوا إلى وقت قريب مسؤولون في حكومة هادي، مجلساً انتقالياً في العاصمة المؤقتة عدن، يترأسه محافظها السابق عيدروس الزُبيدي تحت مسمى “هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي”، يراد له أن يدير ويمثل جنوب اليمن.
مراقبون عدوا ما حدث تمرداً على الحكومة الشرعية وضرباً للعملية السياسية برمتها، في توقيت حساس جداً، مرجحين أن تكون الامارات العربية المتحدة (ثاني دولة في التحالف العربي) تقف خلف ذلك، بهدف تمكين شخصيات محسوبة عليها بينها المحافظ السابق “الزبيدي”، وهاني بن بريك، والأخير كان وزيراً في الحكومة الشرعية وأٌقيل قبل أيام بقرار رئاسي قضى أيضاً بإحالته للتحقيق.
وذهبت بعض التحليلات إلى ما هو أبعد من ذلك، عادةً ما حصل بمثابة تكرار للسيناريو الليبي في اليمن، من خلال قيام فصيل مسلح بمنازعة الحكومة الشرعية صلاحياتها، وهو ما ينذر بكارثة قد تتسبب في احباط جهود الحكومة والتحالف في تحرير المناطق من الحوثيين.
وعلى مستوى دول التحالف العربي التي تقاتل إلى جانب شرعية هادي وحكومته، بدت مواقف السعودية والإمارات متباينة من المجلس الانتقالي في العاصمة المؤقتة عدن، على الرغم من أنه لم يصدر موقف رسمي عن حكومتي البلدين، إلا أن تصريحات لسياسيين من البلدين تلوّح إلى ذلك.
ويعتقد الباحث والمحلل السياسي، ياسين التميمي، أن الاعلان عن تشكيل مجلس انتقالي جنوبي، يمثل تهديداً مباشراً للسلطة الشرعية ولمشروع الدولية وللعملية السياسية ومرجعياتها بشكل عام، لأن هذا الإعلان الذي يرقى إلى مستوى التمرد والخروج الكامل عن الدولة يتم هذه المرة تحت المظلة العسكرية للتحالف بشقه الإماراتي في عدن.
ويرى أن “المعادل الموضوعي للمجلس السياسي بصنعاء، الذي تأسس في ظل انقلاب وتمرد عسكريين من جانب صالح والحوثيين، ويلتقي معه في هدف هدم الدولة والنيل من شرعية السلطة الانتقالية”.
ويضيف”التميمي”، “نحن إزاء مواجهة علنية كانت تدور في الخفاء طيلة الفترة الماضية بين الرئيس وأبو ظبي، التي تدفع باتجاه التغيير في هرم السلطة الانتقالية وتستهدف الرئيس هادي بشكل خاص، وما نراه اليوم هو تورط خطري لطرف بالتحالف في ترتيبات لا تتفق مع أهداف التحالف في اليمن، ولا تندرج ضمن أجندة دعم السلطة الشرعية”.
ويعتبر الباحث اليمني في حديث لـ(يمن مونيتور) أن هذه “حالة تصادم خطيرة بين مشروع الدولة الاتحادية التي يعبر عنه الرئيس هادي، وبين المشاريع التفكيكية التي تحمل عناوين عديدة كان آخرها المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي هذا التطور لا شكل يأتي في سياق الضغط السياسي الذي تمارسه أبو ظبي على الرئيس هادي، لكنه بالنسبة للحراكيين الذين شكلوا تياراً موالياً للإمارات ليس مجرد طريقة في التعبير عن رفع سقف المطالب الجنوبية، بقدر ما هو تورط واضح في جر التحالف والسلطة الشرعية إلى أزمة جديدة عنوانها الانفصال”.
ويختم بالقول: “هذا الإعلان يضع مصداقية التحالف العربي على المحك، ولا ندري كيف سيتم تجاوز هذه الخطوة التي أقل ما فيها أنها أعادت إنتاج انقلاب في عدن تحت إشراف التحالف، يشابه الانقلاب الذي أنجزه الحوثيون وصالح في صنعاء تحت إشراف إيران”.
من جهته، يقول الصحفي عارف بامؤمن، إن ما يسمى بالمجلس الانتقالي الذي أعلن في عدن أمس، لن يشكل فقط تهديدا للوحدة بصيغتها الحالية لأن هذه الصيغة أصلا كانت مهددة من قبل نظرا للممارسات نظام صالح طيلة 20 عاما سابقة، بل يشكل خطرا على الدولة نفسها، فإذا كان العالم يتعامل مع شرعية وانقلاب فسيتعامل الآن مع شرعية وانقلابين”.
ويرى “بامؤمن” أن الخلاف الجوهري بين ماتم في صنعاء في 21 سبتمبر 2014 وماحصل في عدن أمس هو أن الأخير أعلن في ظل حرب يشنها التحالف بقيادة السعودية ضد الحوثي وصالح وأتى تحت غطاء الشرعية التي باتت مهددة جنوبا اليوم، من قبل شركائها في الحرب.
بامؤمن يرى في تصريح لـ(يمن مونيتور) أن “خطورة المجلس هو أنه في طريقه لتشكيل مجلس عسكري وهنا ستكتمل أركان الإنقلاب وسنكون أمام سيناريو ليبي وعندها لن يكون بمقدور التحالف الغربي وحده السيطرة على الوضع، ستتداخل الملفات والمصالح ونجد أنفسنا أمام لاعبين جدد في اليمن”.
ولهذا، يتحتم على التحالف الآن السيطرة على الموقف التعامل مع شركائه في الحرب سابقا “سلطة الأمر الواقع حاليا” قبل إعلان المجلس العسكري لأن بإعلانه يعني خروج الوضع من تحت يده. وفقاً لـ”بامؤمن”.
ويعتقد “بامؤمن”، وهو صحفي من حضرموت، أن محافظته “لن ترضخ هذه المرة بعد أن أعلنت مطلبها المتمثل في إقليم مستقل في دولة اتحادية بعيداً عن صنوف التبعية، لأن هناك مزاج عام رافض للمجلس ولو أن محافظ حضرموت أعلن تأييده للمجلس إلا أن الأخير يستمد قوته من منصبه، فتوجه من الرئيس بتجريده من منصبه سيفقده نفوذه. في ذاكرة حضرموت تختزن ذكرى سيئة لتجربة 1967 حينما سيقت حضرموت بقوة إلى حضيرة الجنوب.
وكان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وهيئة مستشاريه، أعلنوا رفضهم تشكيل مجلس انتقالي في جنوب البلاد، معتبرين ذلك “يتنافى كلياً مع المرجعيات الثلاث المتفق عليها محليا واقليميا ودوليا والمتمثلة في المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي 2216 والقرارات ذات الصِّلة”.
ووفقاً لبيان صادر عن الاجتماع الرئاسي ونشرته وكالة “سبأ” الرسمية، فإن ما حصل في عدن “لن تكون محل قبول مطلقاً وهو يستهدف مصلحة البلد ومستقبله ونسيجه الاجتماعي ومعركته الفاصلة مع المليشيات الانقلابية للحوثي وصالح، ولا تخدم إلا الانقلابيين ومن يقف خلفهم، بل ويضع القضية الجنوبية العادلة موضعاً لا يليق بها”. حد تعبير البيان.
وتعليقاً على ذلك، أكد وزير الخارجية اليمني “عبدالملك المخلافي”، اليوم الجمعة، أن استقلال وسلامة ووحدة اليمن وسيادة أراضيه التزام دولي وعربي وخليجي.
وقال “المخلافي” في تغريدات على حسابه الرسمي في “تويتر”، إن استقلال وسلامة ووحدة اليمن وسيادة أراضيه التزام دولي وعربي وخليجي والتزام وتوافق يمني وفق لمخرجات الحوار الوطني، وكل ما هو خلاف ذلك باطل، معتبراً أن “المشاريع القصيرة النظر القائمة على الرغبات، لا الحسابات الدقيقة يكون مصيرها الفشل، ولكن من المؤسف انها قد تسبب آثار كارثية قبل اعلان فشلها. في إشارة واضحة إلى مجلس الزبيدي/ بن بريك.