هنالك قطاع جنوبي واسع مع الوحدة.. وهؤلاء يرون أن القضية الجنوبية سببها أداءات سلطوية اقصائية واستحواذية وافسادية. بمعنى أن المشكلة ليست في الوحدة ذاتها، وإنما في الممارسات القذرة التي تمت باسم الوحدة منذ ماقبل حرب 94 وصولاً إلى حرب 2015 المستمرة.
هنالك قطاع جنوبي واسع مع الوحدة.. وهؤلاء
يرون أن القضية الجنوبية سببها أداءات سلطوية اقصائية واستحواذية وافسادية. بمعنى أن
المشكلة ليست في الوحدة ذاتها، وإنما في الممارسات القذرة التي تمت باسم الوحدة منذ
ماقبل حرب 94 وصولاً إلى حرب 2015 المستمرة.
وتحديدا، تكمن المشكلة في كيفية الحكم..
أي في عدم وجود الإدارة المعتبرة للوحدة، كما
في التغييب الممنهج للآليات العادلة التي تنال
رضا جميع اليمنيين شمالا وجنوبا.
لذلك حتى لو استمرت الوحدة، أو عاد التشطير،
ستبقى المشكلة قائمة في عدم تحقق وإبداع دولة المواطنة والديمقراطية والتمدن. أما الوعي
الاستغلالي للسلطة واحتكارها، فهو الآفة التاريخية التي كانت وما زالت تتجلى في الشمال
وفي الجنوب على حد سواء.. والحال أن الشمولية بمبررات ايديولوجية، أو حتى بمبررات قبلية
أو مناطقية أو مذهبية، هي العدو الحقيقي لدولة الشعب المفقودة والمنشودة.
وبالتأكيد، سنستمر نقول في وجه كل المزايدين
والمخادعين والأوغاد والأغبياء؛ بأن الموضوعية تقتضي رفض المزاج السلطوي الذي أفسد
وخرب الوحدة، وليس الوحدة التي حاول سرقتها واحتكارها ذلك المزاج المأزوم و الأرعن.
بالتالي لابد من رفض الميليشيات والإرهاب
اللذين ضد الجميع بدون إستثناء شمالا وجنوبا؛ لا رفض كل شيء على نحو عبثي، ثم التواطئ
مع الميليشيات والارهاب بالنهاية!
كذلك مثلما رفضنا ممارسة الطغيان باسم الوحدة،
سنظل نرفض ممارسة الطغيان باسم رفض الوحدة أيضاً، إضافة إلى رفضنا عدم اعتماد معايير
ناضجة لحق تقرير المصير حال لم يتوصل الجميع لحلول ذات إجماع بشأن القضية الجنوبية
على وجه الخصوص.
وأما الذين كانوا وما زالوا يرفضون تصويب
وتصحيح آثار المسارات التسلطية الحاكمة لليمن الجمهوري بشطريه، كما لليمن الموحد بالمحصلة؛
فهم أولئك الذين -في الشمال وفي الجنوب للأسف- يستمرون كل يوم أكثر في تدمير الحقوق
والواجبات المتساوية؛ مكرسين تمزيق النسيج الوطني برمته، لأن غايتهم العليا -حسب معطيات
الواقع- تتمثل في استعادة مزاج السلطنات جنوبا والإمامة شمالا، ومن ثم إرجاع الشمال
والجنوب معاً إلى ما قبل سبتمبر 62 ونوفمبر 67.. وليس إلى ما قبل مايو 90 فقط.
أما الثابت في هذا كله، فهو أن ذات عصابات
القوى المهيمنة شمالاً وجنوباً، تارةً بمنهجها العسكري والمستغل للدين؛ وتارة بمزاجها
البدوي والقبلي، كانت وما زالت تتربص بالدولة وبالمواطنة وكذا بقيمتي الجمهورية والوحدة،
بغض النظر عن استمرارها كجلاد أو كضحية في السياق، أو حتى تحولها من ضحية إلى جلاد،
والعكس!
لكن باختصار شديد: ستبقى حاجتنا ماسة للنجاة
من التأثير السلبي لهذه القوى ومصالحها الأنانية والاجرامية والشريرة والنهمة، متجهين
نحو الدفع الإيجابي لحل القضايا الوطنية العالقة والمتأججة سواء في الجنوب وفي الشمال،
كما في الغرب وفي الشرق وفي الوسط أيضا؛ لكن بمفهوم الدولة التي يجب استعادة رمزيتها
الكيانية كمؤسسة وطنية، وبالتالي وفق المصلحة الوطنية لليمن ولليمنيين دون أية تمييز،
بدلاً من كل التماهي الأهوج مع قيم تلك القوى وهي تستمر بكامل اندفاعها المعتوه في
تدبير وهندسة التشظي والانتقام والملشنات، وكذا تكريس العنف والكراهيات والاحترابات
المناطقية والمذهبية اللعينة؛ وصولا إلى تغلغلنا بالمقابل في مرحلة مابعد الضياع، والتي
تلوح الآن في الأفق!
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون
الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها
ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.