آراء ومواقف

التحالف التركي ــــ العربي للصومال.. المصالح الاستراتيجية

مهنا الحبيل

شكّل انتخاب محمد عبد الله فرماجو الرئيس الجديد للصومال، في فبراير الماضي لحظة فارقة في تاريخ القرن الإفريقي، واستقراره السياسي والعمق العربي والإقليمي،
 شكّل انتخاب محمد عبد الله فرماجو الرئيس
الجديد للصومال، في فبراير الماضي لحظة فارقة في تاريخ القرن الإفريقي، واستقراره السياسي
والعمق العربي والإقليمي، المتصل به أمنياً وسياسياً واقتصادياً واستراتيجياً، وما
نقصده من هذه اللحظة هو مجمل التفاؤل الشعبي وخاصة الشبابي الذي أحاط بانتخاب فرماجو،
وفرصة تحقيقه معادلة الأمن ثم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تجفيف مصالح
الحرب والفساد معاً، ثم الانطلاق لتكوين البنية الدستورية الجديدة للنهضة بأفق وطني
ديمقراطي جامع، لهذا الوطن الذي أنهكته الحرب.
وفرماجو الذي يجمع بين التعليم الحديث،
والتجربة في المؤسسات التعليمية الأميركية، وبين توجه إسلامي معتدل، خارج الحزبيات
الدعوية، وسجل سلِمَ من الفساد، شخصية يحتاجها الصومال، وإن كانت المعادلة صعبة جداً
وليست سهلة، لكن الفكرة هنا هي البناء مع الشريك التركي، الذي مد يده مبكراً للصومال
وهذا يُحسب لأنقرة وحكومة العدالة، فركّز جهدها على البنية التحتية التعليمية والصحية
والمحلية، فساهمت جهودها في فرص صمود الدولة أمام الإرهاب، وأمام مستثمروه الدوليون
والمحليون والأفارقة.
واغتيال أحد وزراء الحكومة الصومالية مؤخراً،
بعد انتخاب الرئيس، لم يكن مفاجئا، أمام ما ينزفه الشعب من ضحايا العنف المروع وفوضى
الإرهاب، لكن ذلك لا يُلغي مساحة القدرة للتأسيس على هذه الفرصة السياسية للإنقاذ،
والتي إذا استقر الصومال عبرها، فهو سيتحول لشريك مفيد لأشقائه، ويتحول إلى عنصر تأثير
مركزي في القرن الإفريقي، فضلا عن أصل سلته الغذائية الخصبة، التي فقدها بفقد قدرته
الأمنية والاقتصادية، وإمكانية العودة القوية لها، حين ينجح العهد الجديد.
وبغض النظر عن واجب الإسناد العربي والإسلامي،
خصوصا في هذه التجربة الجديدة، فإن تحويل الصومال من دولة فاشلة، إلى دولة مستقرة ثم
ناهضة، هو عمل عربي إسلامي مهم، وهو خطوة لكسب التحدي أمام مشروع الإرهاب، ومن يستثمره
غربياً أو إسرائيلياً، مقابل الدولة المدنية المسلمة، وتطويرها الدستوري، وسلامة الشعب
واستقراره.
والمدخل هنا، لا يقصد منه فوضى التدخل ولا
عشوائيته، لكنه يقترح مشروع مارشال بحسب مساهمة كل دولة عربية، يُعزز الاقتصاد والتنمية
الذاتية تحت صلاحيات الرئيس المنتخب، هذا مسار، أما المسار الثاني المهم هو دعم المصالحات
الوطنية الإسلامية، واحتواء كل بنية اجتماعية دينية أو قبلية وضمها إلى البناء الدستوري
الجديد.
وهذا يتطلب فريق مشترك من الرئاسة الصومالية
والمجتمع المدني، ومن بعض الشخصيات العلمية الإسلامية، في منطقة الخليج العربي، المؤثرة
في الجماعات المسلحة في الصومال، تستثمر المراجعات لكل من انضم لإسناد الإرهاب جهلا
أو من خلال تصور صراعي، لإرث مرحلة المحاكم الإسلامية أو من خلال إيمانه بالانفصال
السلفي عن الشعب الصومالي، وتبين له اليوم فداحة ما جرّت له تطورات الحرب، وأن المصالحة
الشرعية العليا، والوطنية لكل إنسان صومالي هي الخروج من هذه الحرب المدمرة، للشعب
وهويته الإسلامية.
وأن الواجب هو الاصطفاف مع الدولة، لتبقى
دولة للشعب المسلم المطمئن في أرضه، وهذا النوع من المشاريع، يجب أن يكون تحت رعاية
رسمية منهجية، لا حوارات مفتوحة في فضاءات الجماعات، ويعد قبلها مشروع مصالحة اجتماعي،
وهنا يلعب الدور الإعلامي بعداً مهما لإسناد هذا المشروع، مع الرئاسة الصومالية.
وعليه فإني أدعو القنوات الإعلامية العربية
لرعاية هذا المشروع إعلاميا، عبر الرئيس فرماجو وفريقه، وخاصة الجزيرة، لدورها الريادي
المؤثر، لترعى المشروع المركزي للإعلام العربي الجديد، ودوره في بناء النهضة والسلم
الأهلي، كسياق طبيعي يمثله خطاب سمو الأمير للشعوب من القمة العربية إلى المنصة الدولية،
وهو يُعزز مفهوم الشراكة الاستراتيجية، مع الأشقاء في أنقرة، لمد اليد لعون للصومال
لقيام دولته ونهضته، كما اتحدت ايادي قطر وتركيا لأجل غزة وشعبها، وقبلة فلسطين الأولى
للمسلمين.
نقلا عن الوطن القطرية
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى