اجراءات “حوثية” تفاقم أزمة السيولة النقدية في اليمن
هناك خشية من استمرار حكومة الحوثيين في سحب السيولة، بحجة رواتب الموظفين، دون أن تتقدم خطوة في حلها. يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص
طالبت مصلحة الضرائب، التابعة لوزارة المالية الخاضعة لسيطرة الحوثيين في العاصمة صنعاء، كبار المكلفين من البنوك والشركات، بدفع الضرائب نقداً، بدلاً من تسديدها كالمعتاد عبر الشيكات (إشعارات) إلى البنك المركزي، في اجراء قال عنه خبراء إن من شأنه أن يقضي على ما تبقى من سيولة في السوق النقدية في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.
ووفقاً لوثيقة حصل “يمن مونيتور”، على نسخة منها، صادرة عن “الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين بمصلحة الضرائب” الخاضعة لسيطرة الحوثيين بصنعاء، جرى التعميم على كبار المكلفين، بسداد المستحقات الضريبية، نقداً، وتوريدها لحساب الوحدة طرف البنك المركزي أو خزينة الوحدة، ابتداءً من شهر مايو/ أيار الجاري.
وأفادت الوثيقة أن “هذا يأتي بناءً على توجيهات المجلس السياسي، والمجلس الاقتصادي الأعلى”.
وقال خبيران اقتصاديان تحدثا، بشكل منفصل، لـ”يمن مونيتور”، واشترطا عدم الكشف عن هويتهما، إن كلاً من المجلس السياسي، والمجلس الاقتصادي الذي شكله تحالف الحوثي صالح، من مجموعة من الوزراء فيما يسمى بـ”حكومة الانقاذ”، اصدرا توجيهاتٍ إلى مصلحة الضرائب، بإلزام كبار المكلفين بتوريد “المستحقات الضريبية نقداً” بدلاً من توريدها على هيئة شيكات كما هو المعتاد، مضيفين إن مثل هذا الاجراء من شأنه أن يهدد السيولة، ويقضي على ما تبقى منها في السوق.
وقال أحدهما: تكمن الإشكالية في أن البنك المركزي في صنعاء يحجم عن صرف أي مبالغ نقدية، بالرغم من أن ثمة سيولة تدخله عبر الايرادات المختلفة التي ما زالت تورد إليه، دون أن تغادره، إذ يكتفي بحيل أخرى مثل البطاقة السلعية لتجنب تدفق السيولة منه، وفوق ذلك فها هو يطالب كبار المكلفين، بتوريد ضرائبهم التي اعتادوا أن يدفعوها شيكات عبر حساباتهم في البنك المركزي، بتوريدها نقدياً.
وحسب الخبيرين، حاولت البنوك التجارية، الحد من أضرار أزمة السيولة من خلال خفض سقف السحب من أرصدة المودعين، الأمر الذي خلق بعض التوازن أو حماها من الانهيار، بيد أنها لو قامت بدفع الضرائب التي كانت معتادةً دفعها على هيئة إشعارات إلى البنك المركزي، فإنها لن تسلم من الضرر.
وقال لـ”يمن مونيتور”، موظف في بنك التسليف التعاوني الزراعي، لن تتضرر البنوك فقط، بل السوق المالية التي تسوء يوماً عن يوم.
ويبرر الحوثيون هذا الاجراء في كونه سوف يساعد البنك المركزي الخاضع لسيطرة الجماعة المسلحة، على دفع رواتب الموظفين، وينقذه من أزمة السيولة، غير أن ما يقلق (كبار المكلفين: البنوك، وشركات الاتصالات، والشركات الكبرى عموماً) هو كون البنك قد اتخذ اجراءات مشابهة من قبل لنفس المبرر، دون أن يفضي ذلك إلى أي شيء.
وكانت حكومة عبدالعزيز بن حبتور، غير المعترف بها دولياً، قد أصدرت، نهاية العام 2016م، توجيهاتٍ لوزارة المالية بسحب الودائع الحكومية من البنوك والمصارف الأخرى وإيداعها طرف البنك المركزي، بحجة سد العجز الذي يعاني منه البنك المركزي، والمتمثل في “أزمة الرواتب” بشكل أساسي.
ومع ذلك فقد بقي موظفو الدولة ثمانية أشهر بلا رواتب، وهو أمر كان له أثره السلبي على السوق النقدية عموماً، وتخشى البنوك أن تستمر حكومة الحوثيين في سحب السيولة، بحجة رواتب الموظفين، دون أن تتقدم خطوة في حلها، وإنما تكدس السيولة النقدية في خزائن البنك المركزي، أو تذهب للمجهود الحربي لمقاتلي الجماعة التي عرفت أيضاً بممارسة الفساد بشكل علني.
وقال مسؤول في أحد البنوك التجارية في صنعاء، إن المشكلة تكمن في أن حركة السيولة تمضي باتجاه واحد، أي صوب البنك المركزي، وهناك تكدس الأوراق النقدية، دون أن تدخل في حركة تبادل، إذ أن البنك من جهته يصرف أرقام وهمية فقط، عبر البطاقة السلعية (للموظفين)، أو عبر الآجل (للتجار مثلاً).
والتف الحوثيون على استحقاق صرف رواتب الموظفين المتأخرة منذ 8 أشهر في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، من خلال ما أسموه بالبطاقة السلعية التي تتيح للموظفين شراء السلع الغذائية من نقاط بيع محدودة دون استخدام النقود، ومع ذلك فإنهم يدفعون للتجار بالآجل.
وتعاني المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين من أزمة سيولة في العملة المحلية، يصاحبها انقطاع رواتب الموظفين والمتأخرة منذ أكتوبر/ تشرين الثاني، والتي وعدت حكومة الحوثيين بصرفها دون أن تفي بذلك.
وفي الـ13 من الشهر الفائت أعلن الحوثيون تشكيل (مجلس اقتصادي أعلى)، برئاسة رئيس الوزراء عبدالعزيز بن حبتور، وعضوية عدد من الوزراء، إضافة إلى محافظ البنك المركزي، وأمين عام رئاسة الوزراء. قالوا إن الهدف منه “معالجة الأوضاع الاقتصادية في صنعاء، وصرف رواتب الموظفين”.
وفي الـ 17 من الشهر نفسه، ذكرت وكالة سبأ الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أن اجتماعاً للمجلس السياسي والمجلس الاقتصادي، عقد في اليوم نفسه، أقر توريد كل أوعية الدولة إلى البنك المركزي وتحصيلها نقداً.
الوثيقة