“الكوليرا”… قاتل آخر يتسلل إلى حياة اليمنيين
توفي ما لا يقل عن 10 أشخاص، في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، جراء الإصابة بوباء الكوليرا، فيما تتزايد بشكل متسارع عدد الحالات المتشبه بإصابتها بالمرض، في تطورٍ لافتٍ يهدد بكارثة صحية، في ظل ظروف صحية متدنية يشهدها القطاع الصحي في اليمن.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/خاص:
توفي ما لا يقل عن 10 أشخاص، في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، جراء الإصابة بوباء الكوليرا، فيما تتزايد بشكل متسارع عدد الحالات المتشبه بإصابتها بالمرض، في تطورٍ لافتٍ يهدد بكارثة صحية، في ظل ظروف صحية متدنية يشهدها القطاع الصحي في اليمن.
وتواجه العاصمة صنعاء، وعدد من المحافظات القريبة منها، للمرة الثانية خلال أشهر، تسارعاً مخيفاً في انتشار وباء الكوليرا، بعد أن كانت قد واجهته للمرة الأولى أواخر العام 2016م، فيما تقول المؤشرات والأرقام إن الوضع الذي يمر به انتشار الفيروس خلال العشرة الأيام الأخيرة، قد يتطور إلى الحالة الوبائية.
وفي العاصمة صنعاء، التي تخضع لسيطرة مسلحي الحوثي منذ أواخر العام 2014، تم تخصيص مجمع آزال الطبي في نقم ومجمع 22 مايو في مذبح ومركز بن حيان والمستشفى الجمهوري التعليمي ومستشفى السبعين لاستقبال حالات الإصابة بالاسهالات المائية والحادة ومنها حالات الاشتباه بإصابتها بوباء الكوليرا.
وقال لـ”يمن مونيتور” مصدر في إحدى المنظمات الطبية، إن 83 حالة مشتبه بها في مركز 22 مايو، و4 في آزال، و45 حالة مشتبه بها في الجمهوري و34 حالة مشتبه بها في السبعين. فيما كانت معلومات مؤكدة أفادت أن ما لا يقل عن 10 أشخاص على الأقل توفوا بسبب المرض.
وتشير وثيقة لوزارة الصحة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، اطلع عليها “يمن مونيتور”، أن هناك (218) حالة إصابة بالمرض رَصدت في الرابع من مايو/آيار الجاري.
وأكد مصدر في مستشفى الجمهوري، إن عدد 4 حالات وفاة سجلت في المستشفى الجمهوري، حتى الآن. فيما ترقد حوالي 40 حالة مشتبه بها في المركز الذي خصص لاستقبال الحالات المماثلة.
ويستقبل مستشفى الثورة بصنعاء فقط الحالات المصابة بالفشل الكلوي، وهو أحد مضاعفات الإصابة بوباء الكوليرا، وبحسب مصادر طبية تحدثت ليمن مونيتور فإن المستشفى وحده، استقبل 30 حالة فشل الكلوي، من المصابين بوباء الكوليرا.
ومع ذلك فقد استقبل طوارئ المستشفى حوالي 50 حالة أخرى، 30 منها كانت حالتها خطرة وتحتاج لانعاش، فيما 20 حالة بدت عليها الأعراض الأولى للمرض، وتم تحويلها إلى مستشفى الجمهوري.
وعبر عدد من الأطباء لـ”يمن مونيتور” عن قلقهم البالغ إزاء هذا الانتشار السريع لوباء الكوليرا في ظل تكدس القمامة في شوارع صنعاء، بعد إضراب عمال النظافة عن العمل، في ظل تنصل وزارة المالية والبنك المركزي من صرف رواتبهم.
وأشاروا، مشترطين عدم كشف هوياتهم إلى أن تزامن تراكم وتكدس القمامة في شوارع صنعاء مع موسم الأمطار الذي سوف يولد المستنقعات ويضاعف من مشكلة تكدس القمامة وبالتالي يوفر بيئة خصبة لانتشار وباء الكوليرا.
وتشير المعلومات إلى انتشار المرض في عدد من المحافظات القريبة من صنعاء، كالحديدة، وحجة، وذمار، وإب، والجوف. حيث سجلت عدد من حالات الاشتباه بوباء الكوليرا في هذه المحافظات.
وفي بيان له، مساء الجمعة، كشف مدير عام الصحة بالجوف “مياز اليوسفي”، عن تسجيل ثلاث حالات مصابة بمرض الكوليرا خلال 24 الساعة الماضية في المحافظة. فيما قالت لـ”يمن مونيتور”، مصادر طبية في ذمار، أمس السبت، إن عدد من الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا، وصلت إلى هيئة مستشفى ذمار العام، فيما أكدت المصادر نفسها أن حالة وفاة على الأقل تم تسجيلها بسبب وباء الكوليرا.
وقالت ملاك شاهر، الناطق الرسمي باسم منظمة أطباء بلا حدود إن المستشفيات التي تعمل فيها المنظمة، بدأت تستقبل الحالات المصابة بوباء الكوليرا منذ نهاية مارس/آذار 2016م، فيما يبدو أنها تزيد بشكل ملحوظ خلال العشرة الأيام الأخيرة.
وأضافت، شاهر، في حديث هاتفي أجراه معها مراسل “يمن مونيتور”، أن مستشفى عبس الريفي في محافظة حجة استقبل: 218 حالة. منذ 30 مارس/آذار العام الماضي، 123 منها تم استقبالها في الأيام الأخيرة. فيما استقبل مستشفى السلام بخمر في محافظة عمران، 60 حالة، في الخمسة الأيام الأخيرة. وفي محافظة الضالع، استقبلت المنظمة 158 حالة، فيما استقبل مستشفى القاعدة بإب: 17 حالة، تقوم المنظمة بعلاجها.
وأشارت المتحدثة باسم منظمة أطباء بلا حدود أن أعداد الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا في مختلف المحافظات ما زالت مرشحة للزيادة. إذ ما زالت المستشفيات تستقبل العديد من المصابين، موضحةً انه لا وجود لحالات وفيات وفقاً لبيانات المنظمة.
وأفادت المتحدثة باسم المنظمة إن هذه الإحصائيات تتعلق بالمستشفيات التي تعمل فيها المنظمة، مشيرة إلى أنها تعمل في 8 محافظات، في 13 مستشفى، من ضمنها 4 مستشفيات استقبلت حالات مصابة بالكوليرا.
وأشارت ملاك إلى أن وباء الكوليرا يستلزم القيام بعزل المريض تجنباً للعدوى، وفي المستشفيات المذكورة قامت المنظمة بإنشاء مراكز مستقلة للتحكم بعدم انتشار المرض.
وأوضحت شاهر، إن الوضع الصحي في اليمن يزداد تدهوراً يوماً بعد الآخر، نظراً لعدم توافر الموارد المالية اللازمة لتشغيل المستشفيات، ودفع رواتب الموظفين، بالإضافة إلى الاستهداف المباشر للمنشآت الطبية، على اختلاف الآلة الحربية التي تستهدفها.
وكشفت تقارير الرصد الوبائي اطلع عليها مراسل “يمن مونيتور” عن أول بلاغ تم اكتشافه في محافظة “البيضاء” حيث وصل البلاغ إلى أمانة العاصمة في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2016م، وتم التأكيد بعد التشخيص المخبري في المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة أن الإصابة كانت بوباء الكوليرا.
ومع تدهور النظام الصحي، تخشى منظمة الصحة العالمية، أن تتحول جميع المحافظات اليمنية إلى مناطق منكوبة بوباء الكوليرا، خصوصا مع شحة الدعم والتجاوب الدولي.
ومنذ سيطرة المسلحين الحوثيين وآخرين محسوبين على جناح الرئيس السابق في حزب المؤتمر الشعبي العام، على العاصمة وبعض المدن اليمنية الأخرى أواخر العام 2014، شهدت البلاد تدهوراً كبيراً في الأوضاع الإنسانية واتسعت دائرة الفقر والبطالة وانهارت الخدمات الأساسية، إضافة إلى انقطاع رواتب موظفي الدولة لعدة أشهر.
وتعرض القطاع الصحي في اليمن، كغيره من القطاعات للانهيار، بسبب مصادرة الميليشيات الانقلابية لميزانيات المستشفيات والمرافق الصحية، وتحويلها إلى مجهود حربي، الأمر الذي انعكس سلباً على الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. فيما يخشى أن يؤدي الإهمال في قطاع النظافة إلى مضاعفة الخطورة مع انتشار وباء الكوليرا.