في اليمن.. 100 يوم لترامب = 8 سنوات من عهد أوباما
شهدت الحرب الأمريكية على تنظيم القاعدة في اليمن تكثيفا لافتا منذ مطلع 2017، وخلال 100 يوم من عصر الرئيس الجديد دونالد ترامب، عادلت الضربات الجوية التي تستهدف عناصر التنظيم في مناطق يمنية مختلفة، ما تم تنفيذه خلال فترتين كاملتين من حكم الرئيس السابق، باراك أوباما (2008 -2016)، بحسب متابعين للشأن اليمني.
يمن مونيتور/ صنعاء/ الأناضول:
شهدت الحرب الأمريكية على تنظيم القاعدة في اليمن تكثيفا لافتا منذ مطلع 2017، وخلال 100 يوم من عصر الرئيس الجديد دونالد ترامب، عادلت الضربات الجوية التي تستهدف عناصر التنظيم في مناطق يمنية مختلفة، ما تم تنفيذه خلال فترتين كاملتين من حكم الرئيس السابق، باراك أوباما (2008 -2016)، بحسب متابعين للشأن اليمني.
وخلافا للأعوام المنصرمة، حيث كانت الضربات تتم بشكل خاطف وعلى فترات متباعدة، لا يمر يوم منذ أواخر يناير الماضي، دون أن تشن طائرات أمريكية بدون طيار، غارات على عناصر “القاعدة” في عدد من المحافظات اليمنية، وعلى رأسها “البيضاء (جنوب غرب)، شبوة (جنوب)، أبين (جنوب)، ومأرب (وسط)”.
ووفقا لآخر البيانات الصادرة عن البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكي)، شنت المقاتلات الأمريكية، منذ 28 فبراير ، وحتى أواخر أبريل الماضي، أكثر من 90 غارة ضد مواقع التنظيم في اليمن.
ونجحت العمليات العسكرية الأمريكية في استنزاف القاعدة بشكل كبير، فإضافة إلى سقوط مقاتلين بشكل شبه يومي، كانت معسكرات التنظيم ومخازن أسلحته تتعرض للتدمير هذه المرة، وهو جعل زعيم القاعدة في جزيرة العرب واليمن، قاسم الريمي، يصرخ ويتوعد أمريكا بالرد.
عصر ذهبي
لم تقتصر العمليات العسكرية الأمريكية ضد تنظيم القاعدة خلال 2017، على تكثيف الضربات الجوية التي تنفذها طائرات بدون طيار، فالبحرية الأمريكية المرابطة في خليج عدن، شنت عدة هجمات على مواقع التنظيم في محافظة أبين، جنوبي البلاد، وهو ما شدد الخناق على عناصر القاعدة.
وخلال أبريل الماضي، كانت مواقع التنظيم في مناطق” خبر المراقشة”، وغربي مدينة “مودية”، بمحافظة أبين، هدفا لضربات البحرية الأمريكية، في تطور نوعي للحرب الأمريكية ضد القاعدة.
وعلى الرغم من إجلاء القوات الأمريكية في جنوبي البلاد، والعسكريين الذين كانوا متواجدين في سفارة واشنطن بصنعاء، عقب اجتياح جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) للعاصمة، في سبتمبر 2014، وتقدمهم نحو جنوبي البلاد، إلا أن واشنطن أعادت بعض من قواتها مجددا للحرب ضد القاعدة.
وأقر المتحدث باسم البنتاجون، جيف ديفيس، منتصف إبريل الماضي، بـ”تواجد محدود” للقوات الأمريكية في جنوبي اليمن، في إطار الحرب ضد ما أسماه بـ”إرهاب تنظيم القاعدة”.
ويقول البنتاغون، إن استهداف المواقع الإرهابية “سيستمر”، وأن الغارات التي تنفذها واشطن “تهدف إلى الحد من قدرات القاعدة على شن هجمات خارجية انطلاقاً من هذا البلد، وإعادة الأراضي التي تسيطر عليها إلى الحكومة اليمنية الشرعية”.
وبدا أن الإدارة الأمريكية تهدف إلى استنزاف تنظيم القاعدة بشكل كبير وبأي الأثمان، وظهر ذلك من خلال الاستهداف الجوي الذي امتد أيضا إلى عناصر في التنظيم يستقلون حتى دراجات نارية، أي على مستوى شخصين، وليس مركبات فحسب، كما حدث في منطقة “الروضة” بشبوة وأبين، خلال الأسابيع الماضية.
القاعدة يتوجع
يكابر تنظيم القاعدة غالبا بعدم اكتراثه بالضربات الأمريكية التي تستهدف عناصر في اليمن، لكن العمليات الأخيرة، أخرجت زعيم التنظيم في جزيرة العرب واليمن، قاسم الريمي، عن صمته، وخرج يتوعد أمريكا بالرد، وذلك عبر لقاء صحفي، يكشف حجم الوجع الذي تعرضوا له.
وهاجم الريمي، في اللقاء الذي نشره، الأحد الماضي، موقع” صدى الملاحم” التابع للقاعدة على الإنترنت، الإدارة الأمريكية في عصر الرئيس “ترامب”، واعتبر عملياتها العسكرية “المكثفة” انعكاسا للفشل المتراكم للإدارات الأمريكية المتعاقبة، التي أفلست في مواجهة عناصرهم “في كل مكان”.
وفي ذات اللقاء، قال زعيم القاعدة إنهم “لن يتركوا جرائم أمريكا تمر دون عقاب”.
ولفت إلى نجاحهم في قتل وجرح عدد من الجنود الأمريكيين وإسقاط طائرتين عموديتين، وذلك في العملية التي نفذها الجيش الأمريكي بمنطقة “يكلا” في محافظة البيضاء، أواخر يناير الماضي، وهو ما لم يؤكده أو ينفه الجيش الأمريكي.
ولا يُعرف على وجه الدقة عدد القيادات من تنظيم القاعدة التي سقطت خلال العمليات الأمريكية الأخيرة، ومنذ عملية “يكلا” في “البيضاء” التي أسفرت عن مقتل 14 من عناصر التنظيم بينهم قيادات سعودية، كان القيادي “ياسر السلمي”، المعتقل السابق في غوانتانامو، أحد أبرز الأهداف الأخيرة، بعد أن اصطادته طائرة بدون طيار مطلع مارس الماضي في بلدة “قيفة” بمحافظة البيضاء.
وتسببت الضربات المكثفة في تواري التنظيم بشكل كبير عن الأنظار في المناطق التي بدأ بالسيطرة عليها بشكل علني ونشر حواجز تفتيش في شوارعها.
وقال مصدر محلي في شبوة، إن عناصر التنظيم بدأت بالذوبان في المجتمع والتحرك في شكل خلايا نائمة.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته لدواع أمنية، “حتى في المديريات النائية في الصعيد تسببت الضربات في تواري التنظيم”.
وأضاف مطارح (مناطق تواجد) قبيلة آل عاطف، التي ينتمي لها زعيم التنظيم في المحافظة، سعد بن عاطف، تم إخلاؤها بشكل تام، ويبدو أنهم انتقلوا للعيش في كهوف وسط الجبال”.
سر التحول
يرى مراقبون، أن الإدارة الأمريكية، في عهد دونالد ترامب، تريد إحداث “نقلة نوعية” في الحرب على الإرهاب وإظهار مقدرتها على تحقيق ما عجزت عنه إدارة أوباما، من خلال تنويع العمليات، والانتقال من الطائرات بدون طيار إلى المواجهات المباشرة.
وقال سعيد الجمحي، وهو باحث في شؤون القاعدة: “ترامب يحمل عقلية تجارية تختلف عن العقلية السياسية لدى أوباما، وكل ما يهمه هو تحقيق المكاسب دون النظر في العواقب”.
وأضاف: “أعتقد أن التحول الأمريكي في مواجهة القاعدة، جاء لتحقيق مكاسب سياسية أكثر من كونها نجاحات ضد الإرهاب، كما ستصب استراتيجية المواجهة الميدانية ضد القاعدة، لصالح التنظيم نفسه”.
وأشار الجمحي، إلى أنه رغم ما ستحققه الضربات المكثفة والمشاركة البرية من نجاحات محدودة، إلا أن القاعدة سوف تستغل ذلك بمزيد من الترويج لخطاب عاطفي، تدغدغ من خلاله مشاعر الساخطين على أمريكا، من خلال وصف المعركة بأنها بين “الإسلام والكفر العالمي” وأنها “هجمة صليبية”، كما شاهدنا ذلك في خطابات سابقة لقادة التنظيم.
ويعتقد الجمحي، أن “التعامل مع الإرهاب، ومواجهته، لن يكون بالحل العسكري فقط ، بل لابد أن يترافق ذلك مع عدد من الضرورات واللوازم، وفي مقدمتها، الاستقرار السياسي والاقتصادي، في المجتمعات التي تنشط فيها الجماعات الارهابية، وكذا التماسك المجتمعي، وإصلاح التعليم”.