مومياوات اليمن.. أيضاً في خطر
دمّرت الحرب جزءاً كبيراً من المعالم الحضارية وتراث المدن اليمنية، وفي العاصمة صنعاء بدأت مومياوات اليمن القديم بالتحلل والتعفن نتيجة عدم توفر الكهرباء والظروف المناسبة مما دفع خبراء الآثار إلى إطلاق نداء للسلطات الرسمية المحلية ولـ”المجتمع الدولي” لإنقاذ تاريخ مهدّد بالاندثار. يمن مونيتور/العربي الجديد
دمّرت الحرب جزءاً كبيراً من المعالم الحضارية وتراث المدن اليمنية، وفي العاصمة صنعاء بدأت مومياوات اليمن القديم بالتحلل والتعفن نتيجة عدم توفر الكهرباء والظروف المناسبة مما دفع خبراء الآثار إلى إطلاق نداء للسلطات الرسمية المحلية ولـ”المجتمع الدولي” لإنقاذ تاريخ مهدّد بالاندثار.
يكشف مسؤولون وخبراء في الآثار أن المومياوات المحفوظة في متحف قسم الآثار في “جامعة صنعاء” تتعرّض للتلف نتيجة عدم توفر الإمكانيات اللازمة مثل مواد التعقيم والأجهزة والطاقة الكهربائية حتى وصل الأمر إلى انبعاث روائح كريهة منها.
اكتشفت مومياوات اليمن خلال عام 1983، حيث عثر على أكثر من مئتي مقبرة منحوتة في الصخر في مناطق جبلية لم يفكّر أحد بأنها قد تحتوي على كنز أثري قابع في بطون الجبال الشاهقة في محافظة المحويت شمال غربي العاصمة صنعاء، واعتبرها العلماء أولى الدلائل على أن فن التحنيط لم يكن حكراً على مصر القديمة وحدها.
يعتبر رئيس قسم الآثار في “جامعة صنعاء”، عبدالرحمن جار الله، أن “تعرّض المومياوات للتحلل والتعفّن كارثة حقيقة تهدّد بفقدان اليمن لقطع أثرية نادرة تشير إلى تاريخه القديم في التحنيط، بالإضافة إلى الأثر البيئي المحتمل من ناحية انتشار البكتيريا الناتجة عن تحلل مثل مومياوات كهذه”.
يضيف جار الله في حديثه إلى “العربي الجديد” أن “المومياوات تحتاج إلى صيانة ومعالجة دورية من ستة أشهر إلى سنة حيث يتم ضبط قياسات الرطوبة والبرودة ودرجة الحرارة على مستويات معينة تعمل على حفظ المومياوات ومنع انتشار البكتيريا”. يتابع “في الفترة الأخيرة ونتيجة للحرب، أصبحنا عاجزين عن صيانة ومعالجة المومياوات نتيجة انقطاع الكهرباء كلياً من قسم الآثار وتوقف الأجهزة المخصّصة لضبط قياسات الرطوبة والحرارة والجامعة عاجزة”.
يطالب جار الله بمعالجات عاجلة منها استقدام خبير آثار خارجي يحدّد مكامن الخلل ومدى انتشار البكتيريا وطرق تلافي المشكلة هذه، وكذلك توفير الأدوات اللازمة لتلافي الكارثة الأثرية.
ويرى العديد من المؤرخين والباحثين اليمنيين أن المومياوات في اليمن لم تأخذ حظها من الاهتمام والبحث، وأنها تتمتّع بقيمة علمية كبيرة حيث تسلّط الضوء على طبيعة المجتمع الذي عاش في منطقة جنوب الجزيرة العربية، كما أن الدراسة الأنثروبولوجية لها كفيلة بالكشف عن نوعية السكان الذين عاشوا في هذه المنطقة المهمة تاريخياً في حقب زمنية غابرة.
أغلب المومياوات اليمنية التي تم فتحها، وُجدت مكفنة بملابسها الأصلية وتلبس في العادة حذاءين؛ الحذاء الأصلي وحذاء آخر ربما كانت تفرضه مراسيم الدفن، وقد كفنت جميعها بالجلد المدبوغ ولفت بالكتان لفات عديدة وعثر بجانبها على أوان فخارية ورؤوس رماح وقطع من الخشب نقش على إحداها اسم صاحب المقبرة.
بعض هذه المومياوات وجدت في حالة قرفصاء في مقابر صخرية في مناطق وعرة من الجبال. وكان اليمنيون يستخدمون في عملية التحنيط الزبيب ودهن الجمل وبعض أوراق النباتات، حسب إفادة ألن فرومانت مدير مجموعة متاحف الإنسان في باريس وكبير خبراء البعثة الفرنسية التي زارت اليمن في آذار/مارس 2009.
وأثبت تقرير المعمل الفيزيائي الهولندي التابع لجامعة أوتراخت الهولندية أن عمر أربع مومياوات يمنية عثر عليها في جبل شبام الغراس في محافظة صنعاء بعد فحصها بتقنية “الكربون 14” يتراوح بين 3020 قبل الميلاد و960 قبل الميلاد. هذه المعطيات لا تؤكد فقط أن اليمنيين القدماء كانوا على علم كبير بالتحنيط وأسراره منذ أبعد العصور، بل إنهم كانوا سبّاقين إلى هذه الممارسة، أي قبل انتقالها إلى وادي النيل في مصر.