كلما حاصرت السياسات والشركات الروسية والصينية، نفوذ وهيمنة السياسات والشركات الأمريكية والبريطانية في المنطقة، وفي العالم، كلما زادت كمية اللاجئين إلى أوروبا، لتتنامى فيها خلايا الإرهاب أكثر. إنها روسيا الإمبريالية في تكامل المصالح وتصادمها مع أمريكا الإمبريالية.. وكلما حاصرت السياسات والشركات الروسية والصينية، نفوذ وهيمنة السياسات والشركات الأمريكية والبريطانية في المنطقة، وفي العالم، كلما زادت كمية اللاجئين إلى أوروبا، لتتنامى فيها خلايا الإرهاب أكثر، وبالتالي كلما تهددت النظم المالية والعسكرية والاقتصادية والثقافية الغربية المعولمة.
على أن التوازن الإقليمي، يرتبط وبشكل مباشر، بالتوازن الدولي، الأمر الذي سيحدث تحالفات جديدة في المنطقة، وفي العالم. في حين تدرك كافة الأطراف، أن التحكم بمسارات ومستقبليات النفط والغاز والطاقة وأسواق السلاح والصلب والتكنولوجيا والمخدرات ومعابر التجارة العالمية، لا يستطيعه الطرف الذي يعتمد على إستراتيجية الصدف، وردات الفعل المكلفة.
وبينما سيمتد المشهد المحتدم من أوروبا الشرقية إلى إفريقيا وصولاً إلى أمريكا اللاتينية، فها هي سوريا المكلومة، تفك شفرة الصراع، وتحدد ملامحه وقواعده، ليس على مستوى الشرق الأوسط فقط، بل على مستوى الشرق الأدنى أيضا.
أما الجبهة المحورية المستقبلية، في هذا كله، فهي الهجمات الإليكترونية مستقبلا. بل إن أوباما مثلا اعترف بالخسارة فى معركة التجسس والتسريبات المتبادلة بين الولايات المتحدة وروسيا إبان مرحلة التنافس الإنتخابي الأمريكي.. كما اعترفت الإستخبارات الأمريكية صراحة بضعفها في مواجهة تدخل الإستخبارات الروسية في معركة الإنتخابات لصالح ترامب.
ولعل أكبر خسارة أمريكية في المنطقة، خلال فترة الإدارة الديمقراطية الاوبامية، تتمثل في تحول تركيا إلى الفلك الروسي.
وبينما ستتعزز القوة الاوراسية بزعامة روسيا والصين، سيأتي ترامب والسياسة الخارجية الأمريكية على وجه الخصوص مقلوبة رأسا على عقب.. ثم مع عدم توقع مآلات ترامب سينجح بوتين في اندفاعاته المدروسة بلاشك.. فمن شأن أي جنون ترامبي أن يؤجج إندلاع انتفاضات شعبية وانقسامات حزبية امريكية داخلية خطيرة.. ومن شأن أي قرارات إقتصادية متهورة أن تفاقم الأزمة الأمريكية، داخليا وخارجيا وبالذات مع الصين.
كما من شأن أي اختلال في التوازن بين الدول الكبرى المعنية في تقاسم النفوذ، أن يلقي بظلاله على مجلس الأمن واحتمالية تجميد عمل الأمم المتحدة كما من شأن أي قرار أمريكي انعزالي أن يخرج عدة دول من الفلك الأمريكي لتجد نفسها في الفلك المضاد بالراحة، وتحديدا إذا علق ترامب عضوية أمريكا في الناتو.
أما ميركل المانيا فإن الثقل الأوروبي سيكون عليها، كما ستكون في خيار لا أصعب منه بين مجنونين ترامب وبوتين.. ثم انها مرحلة صعود واندفاع القوميات والهويات التي ستخسرها ولايتها الجديدة .
وجراء هذا سيصعد اليمين في أوروبا، وستتخلخل مركزيتها العالمية أكثر، وستضطرب بشكل مثير، خصوصا فرنسا كما تفيد المؤشرات.. وبالمقابل ستنهار الكثير من العلاقات الأمريكية الأوروبية، لصالح المافيا البوتينية الشرسة التي ستجعل العالم كله يدفع أعباء، ليس إنهيار الإتحاد السوفيتي السابق فقط، وإنما أعباء سقوط نظام ما بعد العولمة أيضاً.
كل ذلك من الطبيعي حدوثه، فيما العالم العربي الغبي كعادته التاريخية، أكثر ضياعا بين صراعات المتوحشين الكبار الذين سيدوسونه بلا أدنى شفقة أو رفة جفن بالمحصلة.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.