دبلوماسية سعودية نشطة لكسب الموقف الروسي تجاه الشرعية باليمن
تنجح الدبلوماسية السعودية في عزل إيران وكسب الموقف الروسي تجاه الأحداث باليمن. يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص
بالرغم من تشابك المصالح بين كل من روسيا وإيران في الشرق الأوسط، والذي يتجلى في الحالة السورية مثلاً، إلا أن السعودية نجحت في كسب الموقف الروسي في الحالة اليمنية، واستمالته لما يصب في صالح دعم الشرعية في البلاد، مستخدمة في ذلك مرونة دبلوماسية تتجلى بين الحين والآخر كأداة فعالة تساهم في تقوية الموقف السعودي عبر استمالة موقف روسيا أهم وأكبر حلفاء إيران.
ولم تستخدم روسيا حق الفيتو في مجلس الأمن ضد القرار 2216 الذي منح السعودية شرعية التدخل على رأس تحالف عاصفة الحزم في اليمن، بيد أن الدبلوماسية السعودية نجحت أيضاً في انتزاع اعتراف روسيا بشرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وحكومته، كممثل وحيد للشعب اليمني، وهي أرضية من الملاحظ أن الجانب الروسي لم يتجاوزها بشكل رسمي، بل ويبدو حريصاً على عدم تجاوزها.
وعلى سبيل المثال، فعقب إعلان تحالف الحوثي/صالح، ما أسموه بالمجلس السياسي في صنعاء، سارعت روسيا لنفي ما كانت قد تناقلته بعض وسائل الإعلام عن اعترافها بالمجلس السياسي، وقال القائم بأعمال السفارة الروسية في صنعاء٬ أوليغ دريموف٬ إن الموقف الروسي بشأن الأزمة اليمنية واضح منذ البداية وهو الاعتراف بالحكومة الشرعية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي٬ مشيرًا إلى أنه جرت إساءة فهم تصريحه بشأن المجلس السياسي الأعلى التابع للانقلابيين. وأضاف لصحيفة “الشرق الأوسط”، حينها، “أن موسكو رسميًا وقانونيًا لا يمكنها الاعتراف بحكومتين حسب قرار مجلس الأمن الدولي 2216؛ حيث أن روسيا تؤيد ولديها علاقات رسمية وزيارات واتصالات هاتفية مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي٬ الرئيس اليمني الشرعي”، مؤكداً أن سفارة موسكو في صنعاء تتواصل مع الطرف الثاني في هذا النزاع، لتقريب وجهات النظر، ومساعدة جهود المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد٬ لإيجاد حل سلمي وسياسي.
ولم تحظَ العملية العسكرية التي يقوم بها التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن بقبول روسي، بطبيعة الحال، إلا أن اعترافها بشرعية الرئيس هادي يعني ضمنيا اقرارها بالمصوغ القانوني لتدخل التحالف العربي في اليمن الذي يستمد شرعيته من شرعية الرئيس هادي في عملية عسكرية كان وما زال هدفها منذ انطلاقها هي إعادة الرئيس الشرعي وحكومته إلى اليمن، واستعادة البلاد من أيدي الانقلابيين.
ويرى الكاتب السعودي، الدكتور أحمد قران الزهراني، إن (الدبلوماسية السعودية اختطت مسارا خاصا عبر تاريخها الحافل بالقضايا العربية والدولية حيث اتسمت بالهدوء والاتزان وعدم المصادمة ومحاولة جني مكاسب حتى في القضايا الشائكة وذلك من خلال الحوار المتزن والمصالح المشتركة..).
وأضاف، الدكتور الزهراني الأكاديمي في الإعلام السياسي، في تصريحات خاصةٍ ل”يمن مونيتور”، لم تخسر المملكة العربية السعودية مكانتها الدولية رغم الظروف التي مرت بها المنطقة العربية ولعل ما حدث في اليمن يؤكد على قوة الدبلوماسية السعودية حيث استطاعت تحييد روسيا الموالية لإيران التي لها اياد في دعم الحوثيين ومحاولة السيطرة على اليمن فبدأت الدبلوماسية السعودية بالعمل على تبني مجلس الأمن لقرار التدخل في اليمن لطرد الحوثيين وتحجيم التدخل الإيراني حيث لم تعارض روسيا الحليفة لإيران القرار في تكوين تحالف عربي مما يؤكد نجاح الدبلوماسية السعودية في اختراق جدار الدبلوماسية الروسية الصلب والمتعنت مع القضايا العربية..”
ومنذ الأيام الأولى لعاصفة الحزم، نشطت الدبلوماسية السعودية في كسب الموقف الروسي من خلال التحركات الدبلوماسية المستمرة، وفي يونيو حزيران: 2015م، وعقب معارضة روسيا للتدخل السعودي في اليمن، زار محمد بن سلمان روسيا، وخلال الزيارة وقع الجانبان ست اتفاقيات استراتيجية، أبرزها اتفاقية تعاون في مجال الطاقة النووية، وتفعيل اللجنة المشتركة للتعاون العسكري والتعاون في مجال الفضاء. وبحسب وسائل إعلام، فإن زيارة الأمير محمد بن سلمان فتحت الأبواب لثلاثين وفدا سعوديا زارت روسيا منذ تلك الزيارة لبحث المزيد من التعاون بين البلدين.
وحينها بدت التحركات السعودية باتجاه روسيا خطاً سياسياً جديداً إزاء التقارب الأمريكي الإيراني الذي شهدته العلاقات بين البلدين في عهد أوباما، وهو الخط السياسي الذي يبدو أن الدبلوماسية السعودية لم تتخل عنها، بالرغم من التغيرات السياسية التي أحدثها صعود ترامب، واتسعت معها الفجوة بين كل من امريكا وإيران، إذ أن السعودية لم تفتأ اللعب على عزل إيران عن الحليف الروسي أو تجميد العمل المشترك بينهما على الأقل فيما يتعلق بالحالة اليمنية، وهو اتجاه يبدو أن السعودية سوف تستمر في انتهاجه بما قد يكون له أثره في الأحداث والتحركات الاستراتيجية القادمة.
وأمس الأول، قالت رئيسة المجلس الاتحادي الروسي، فالنتينا ماتفيينكو، إن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود قد يزور روسيا بحلول نهاية العام الجاري. وذلك في تصريحات نقلتها وكالة (سبوتنيك)، الرسمية عن ماتفيينكو قالت فيها: “كما تعلمون، دعا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الملك السعودي إلى القيام بزيارة رسمية لروسيا. وقال الملك إنه قبل الدعوة بامتنان… ربما سيحدث هذا العام، وكلا الجانبان شددا على أهمية أن يتم الترتيب لهذه الزيارة بشكل جدي”.
وجاء هذا بعد يوم واحد من نشر صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا الروسية تقريراً صحفياً، نقله موقع قناة روسيا اليوم على الإنترنت، يتوقع التقرير “صداماً بين الولايات المتحدة الأمريكيَّة من جهة وروسيا وإيران من جهة أخرى على خلفية رغبةً واشنطن تقديم مساعدتها لحلفائها (الحكومة اليمنية ودول الخليج) لتحرير ميناء الحديدة غربي اليمن من الحوثيين.
ولا يبدو أن ثمة أرضية ثابتة تقف عليها مثل هذه التوقعات، ومع ذلك يبدو أن الدبلوماسية السعودية، وفي كل الأحوال، تضع في حسبانها الموقف الروسي من معركة الحديدة المرتقبة، التي تستهدف تحرير ميناء ومدينة الحديدة الاستراتيجيين، آخر أهم الموارد المالية لمليشيا الحوثي بعد نقل البنك المركزي إلى عدن. وآخر المنافذ التي تحصل عبرها على السلاح المهرب وتهدد من خلاله الملاحة الدولية.
وقال الدكتور الزهراني، “لعل زيارة الملك سلمان التي أشارت إليها بعض وسائل الإعلام العالمية تأتي في هذا الإطار لتضع روسيا في المسار الذي تسير عليه كافة الدول عدا إيران تجاه القضية اليمنية مما يعني انكسار إيران في مخططاتها تجاه الدول العربية. مضيفاً أن (روسيا تعي تماما مكانة السعودية عربيا واسلاميا ودوليا ومكانتها الاقتصادية والسياسية وتأثيرها على مسارات القضايا الدولية وبالتالي لن تحاول خسارة دولة بحجم السعودية.).