صرواح.. أولى جبهات الحوثيين في مأرب وآخر المعاقل
كان الحوثيون يعتبرون صرواح نقطة عبور إلى مأرب، لكن المقاومة الشعبية أجهضت أحلامهم في السيطرة على المحافظة النفطية. يمن مونيتور/ مأرب / من أحمد ربيع
في إبريل 2015، كانت مديرية صرواح، إلى الغرب من مأرب شرقي اليمن، أولى الجبهات التي اجتاحها الحوثيون باعتبارها كتف المحافظة النفطية التي استعصت عليهم، واليوم، وبعد مرور عامين كاملين، باتت المنطقة آخر معاقل الجماعة المسلحة التي اجتاحت عاصمة البلاد منذ أواخر سبتمبر/ أيلول 2014.
صبيحة الأحد 12 إبريل 2015، انفجر الوضع العسكري في “صرواح”. قدم الحوثيون عرضا لرجالاتها: الأرض مقابل السلام؛ أرادوها محطة عبور إلى مأرب، لكن صرواح رفضت أن تكون مجرد منصة لعبور المسلحين الحوثيين، ورفعت شعارها الرافض “لن يمروا”.
انطلقت شرارة المعارك في مركز المديرية، الذي كان الحوثيون قد اوفدوا مجاميع من مسلحيهم في الأيام التي دارت فيها المفاوضات، ليقوموا باحتلال التلال الصغيرة المحيطة بالسوق.
كان المناهضون للحوثيين، والذين انخرطوا فيما بعد بصفوف المقاومة الشعبية يجنحون للسلم كثيرا، حفاظا على المدينة وتلافياً للضريبة التي سيدفعها السكان، لكن الحوثيين أشعلوا الحرائق حتى اللحظة، مسنودين بالوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
معارك في الأمام وخيانات في الخلف
عقب نصف ساعة من المواجهات الأمامية في مركز مديرية صرواح، كانت الخيانة تأتي من الخلف: 5 مواقع عسكرية تابعة للواء 312، غرب صرواح، جلّها من القوات الموالية لـ”صالح” انسحبت بعد قيام الحوثيين بتأمين نقلهم على متن سيارات خاصة وتسليمهم مبالغ مالية.
تركت تلك القوات وراءها سبع دبابات تم تسليمها للحوثيين الذين اجتاحوا صرواح، ولا يملكون سوى دبابة واحدة يطلقون عليها “المؤمنة”.
ووفقا لمصدر حوثي، فإن سبب تسمية تلك الدبابة العجوز بـ”المؤمنة” لأنها شاركتهم في حروبهم بمعاقلهم الرئيسة في صعدة ودماج ضد السلفيين، ومن يصفونهم بـ”الجماعات التكفيرية”، مرورا بعمران وصرواح، لكن قوات صالح مكّنتهم من الحصول على 7 دبابات اُخريات مقابل رشى مالية.
استبسال للمقاومة
حشد الحوثي لصرواح أعداداً ضخمة من أتباعه، وكميات من العتاد العسكري المنهوب من مخازن القوات المسلحة، أو الذي سلمه لهم الحرس الجمهوري (سابقاً) الموالي لصالح ونجله، والتي تم انتقائها بعناية فائقة بما يتلاءم مع تضاريس الأرض كمشاة جبلي.
كان الحوثي وصالح، يراهنان على قوتهم الضاربة في العبور السهل إلى مأرب، وبالتحديد مدينة مأرب، مركز المحافظة، ووفقا لمصادر، فقد كانوا يقولون “سنعبر صرواح في نصف ساعة “، لكن الصورة بدت مختلفة، حيث صدّت المقاومة الشعبية وما تبقى من وحدات تابعة للواء 312 زحف تلك القوات طيلة أسبوعين، كانت خسائرهم فيها غير متوقعة بالعتاد والأرواح.
عقب تلك الخسائر وصعوبة الاختراق، لجأ الحوثيون إلى التحصن بالممتلكات، ونقل مسرح المواجهات إلى المناطق السكنية والأسواق والمزارع، فيما نشروا القناصة على الحصون الأثرية هناك.
تراجع الحوثيون نحو المناطق المأهولة بالسكان، جعل المقاومة تقرر الانسحاب للخلف قليلاً، شرقي صرواح، إلى منطقة لا يوجد بها سكان، وأيضا لإعادة الترتيب والتنظيم والمواجهة في مناطق خالية وصالحة للمواجهات.
استغل الحوثيون هذا التراجع لنقل المعركة إلى أكثر من جبهة، وساعدهم هذا في التسلل نحو المدينة، وهناك دارت معارك شرسة، راح ضحيتها آلاف من مسلحي الحوثي، قبل أن تحرر المقاومة تلك المناطق في 5 أكتوبر 2015، ليعود الحوثيون مرةً أخرى إلى مركز صرواح، كآخر معاقلهم.
وفي 9/9/2016 قاد الشهيد اللواء الركن/ عبدالرب الشدادي قائد المنطقة العسكرية الثالثة عملية التفاف واسعة للجيش الوطني والمقاومة الشعبية من الشريط الجنوبي والجنوبي الغربي المحاذي لمركز المديرية بصرواح في عملية اسماها الجيش (نصر2)، وأسفرت عن السيطرة على أجزاء هامة في الجهتين الجنوبية والغربية والسيطرة على جبل الحشيرج المطل على منطقة المطار غرب صرواح ومناطق استراتيجية اخرى وتمديد خطوط الامداد.
ويستعد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، خلال الأيام القادمة، لتحرير باقي مناطق صرواح من قبضة الحوثيين، وأصبحت المعارك قاب قوسين أو أدنى من مركز المديرية، وبتحريرها يكون الجيش قد أكمل تأمين طريق أخرى باتجاه محافظتي صنعاء وذمار، وحماية ظهر المقاومة أيضاً.
فاتورة الحرب
دفعت صرواح فاتورة باهظة جراء الحرب التي جلبها الحوثيون لها، فبعد سيطرتهم عليها، لم تشهد المنطقة أي مشروع يبعث الحياة فيها، بل تم اطباق الحصار عليها وتشريد أهلها منها وعمل نقاط على مداخل المناطق التى ما زالت تحت سيطرتهم وجعلها في عزلة تامة ومنع الدخول اليها.
وتسبب الحرب بتشريد نحو 2500 أسرة من صرواح، سواء بصورة قسرية ممن أحتل مسلحو الحوثي منازلهم أو قاموا بتدميرها، أو رافضين للعيش تحت سلطة خاضعة للمليشيا، ففضلوا النزوح صوب ضواحيها أو خارجها.