بعد 35 عاما من رئاستة للحزب.. “صالح” يواصل اللعب على رؤوس المؤتمريين (تحليل)
يواصل “صالح” الزج بحزب المؤتمر الشعبي إلى مصير مجهول من خلال تحالفه مع المسلحين الحوثيين. يمن مونيتور/ خاص/ من ليث الشرعبي
قبل أيام اجتمعت قيادات حوثية مع قيادات من حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) في صنعاء، وكان اللقاء بغرض بحث معوقات الشراكة القائمة بينهما، منذ اجتياح العاصمة وبعض المدن الرئيسية.
قيادي مؤتمري رفيع قال: “التقينا بهم وطرحنا عليهم مجموعة مطالب تتمثل بضرورة إشراكنا في سلطة الأمر الواقع بحكم الشراكة المعلنة بيننا وبينهم، وبحكم التضحيات التي نقدمها يوميا بسبب هذا التحالف، وشرحنا لهم شماتة الأعداء وسخريتهم من هذا التحالف الشكلي، ونحن نريد أن نظهر أمام الرأي العام كشركاء لا مجرد تابعين”.
واستطرد القيادي المؤتمري في حديث خص به موقع (يمن مونيتور): “بعد ساعة من الشرح والإيضاح قدمنا مجموعة مطالب مكتوبة للقيادات الحوثية، وكانت المفاجأة أن صالح الصماد (قيادي حوثي ورئيس المجلس السياسي) يقول لنا: اسمعوا يا مؤتمر، قدمنا لكم ما لم نقدمه لأي حليف آخر، لا حزب الحق ولا حزب البعث ولا أي حزب قد حصل ما قد حصل عليه المؤتمر من تنازلات ومزايا، ويكفي مطالبات وشكاوى لأن بقية الحلفاء بيقولوا بعدين يشتوا نساويهم بالمؤتمر وصعب نعطي كل حليف ما يريد ومهمتنا الآن التضحية والصمود وليس الغنائم”!
خرجت قيادات المؤتمر من الاجتماع مصدومة، بحسب القيادي المؤتمري الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة، والذي اكتفى بهذه الواقعة للرد حول مستقبل حزب المؤتمر والوضع الذي وصل إليه في ظل الانشقاقات المتتالية، والهجرة الجماعية لكوادره.
بداية مشرفة
بعد سنوات من صعود علي عبدالله صالح إلى السلطة في الشطر الشمالي من اليمن، تأسس المؤتمر الشعبي العام في أغسطس 1982م كمظلة لكافة القوى السياسية التي كانت تعمل في السر، فالأحزاب كانت محظورة بموجب الدستور اليمني يومها.
بدأ المؤتمر كتجربة فريدة ضمت كافة القوى بكل تناقضاتها، واستمر هذا الحال حتى إعلان الوحدة اليمنية في 1990م والتي جاءت بالتعددية السياسية، وحينها خرجت القوى التي كانت منضوية تحت مظلة المؤتمر إلى العلن، وشكلت لها أحزابها السياسية مستفيدة من الهامش الديمقراطي الناشئ بفعل الوحدة.
خرج الإسلاميون بحزب الإصلاح، وشكلت الهاشمية الزيدية حزب الحق واتحاد القوى الشعبية، وأعلن الناصري عن تنظيمه وكذلك البعث، وحافظ المؤتمر على عدد كبير من مشايخ القبائل وهم يمثلون قوة شعبية كبيرة، والملفت أن الهاشمية الزيدية اقتربت من الحزب الاشتراكي رغم التباين الكبير في الأيدلوجيات والسبب وجود قيادات في هرم الاشتراكي تنتمي لما يسمى بـ”الهاشمية” أمثال علي سالم البيض وحيدر العطاس.
خاضت اليمن أول تجربة ديمقراطية فعلية في 1993م، وكانت نتائج الانتخابات صادمة للهاشمية الزيدية التي أدركت أن حضورها في الشارع اليمني لا يذكر، وأن وصولها إلى السلطة عبر الصندوق مستحيل، فلجأت وبذكاء إلى إبقاء أحزابها كهياكل فارغة من باب الاحتياط، وعززت حضورها في حزب المؤتمر الذي احتل المرتبة الأولى في الانتخابات.
أصبح المؤتمر فارغا من الكثير من قياداته التاريخية، فملأت الهاشمية الزيدية هذا الفراغ، ومن أهم رجالاتها في الحزب هم: الراحل يحيى المتوكل أمين عام مساعد للقطاع السياسي والعلاقات الخارجية، والراحل أحمد العماد رئيس هيئة الرقابة التنظيمية والتفتيش المالي، واللواء يحيى الشامي الذي خلف العماد في هيئة الرقابة.
إزاحة الكبار
خرج الحزب الاشتراكي من السلطة بعد حرب صيف 1994م، وخلا الجو لـ”صالح” الذي استمات على الاستحواذ على مقاعد مجلس النواب في انتخابات 1997م، وبفعل التزوير واستغلال إمكانية الدولة صار المؤتمر هو الحزب الحاكم الوحيد للجمهورية اليمنية.
شرع صالح في تفصيل السلطة وحزب المؤتمر على مقاسه، وبدأ يرتب وضعه كحاكم للأبد، وكان حزب المؤتمر هو الأداة الأنسب لتنفيذ مشروعه. وكان المؤتمر في الواقع واقعا تحت تأثير الهاشمية الزيدية التي استفادت منه وتغلغلت في أهم مفاصل الدولة الحساسة خصوصا المؤسسات المالية والإيرادية، وقد استحوذت على صالح باسم الهضبة المقدسة التي ينتمي لها، وبلغ الاختراق لاحقا ذروته بتزويج صالح ببنت قيادي مؤتمري “هاشمي”!
كان التخلص من الإسلاميين هدفا مشتركا لصالح والهاشمية الزيدية، وبالفعل بدأت عملية إزاحة القيادات المؤتمرية التي لها ميول أو توجه إسلامي حيث تم إزاحة عبدالملك منصور – الأمين العام المساعد لشئون الفكر والثقافة والإعلام- والراحل عبدالسلام العنسي أحد المؤسسين للحزب وأمين سر اللجنة الدائمة في فترة من الفترات، ود. أحمد الأصبحي الذي تولى منصب أمين عام مساعد، وتعرض لمحاولة اغتيال من أحد حراس مقرات المؤتمر بصنعاء في 1993م.
وقف صالح ضد أي خطوة من شأنها تحويل المؤتمر إلى حزب حقيقي خوفا من صعود قيادات من العيار الثقيل تزاحمه على المركز الأول، وأراد صالح أن يبقى الحزب أداة في يده وأن يبقى هو الآمر والناهي في كل شؤونه، وظل الحزب يحكم اسما لا فعلا وهو ما أثار حفيظة تيارات داخل المؤتمر كانت تريده حزبا سياسيا مثل كل الأحزاب الحاكمة تديره قيادة منتخبة، وليس حزبا في يد شخص يتحكم في كل أموره.
يقول الكاتب عارف أبو حاتم في مقال سابق إن “إطلاق يد صالح داخل المؤتمر جعلت أعضاء الحزب يتسابقون على وده، حتى اعتقد الرجل أن المؤتمر إحدى متعلقاته الشخصية التي يجوز التصرف بها على النحو الذي يريد دون أي مراعاة للأدبيات التنظيمية”.
صفعة مدوية
بدأ تيار معارض يتشكل داخل حزب المؤتمر للوقوف دون مطامع صالح المتزايدة، وأراد هذا التيار إصلاح مسار الحزب بحيث يكون حزبا حاكما يدير الدولة ويتحمل مسؤولية إدارتها ويعين المسؤولين ويتحمل نتائج اختيارهم، وبدأت تظهر أصوات من داخل الحزب تعلن معارضتها لبعض خطوات صالح.
أدرك هذا التيار مبكرا أن صالح يقود الحزب نحو الجحيم حيث لم يعد للمؤتمر أي وزن عنده، فهو الذي يعين رؤساء الحكومات والوزراء ويختار كل المسؤولين، وأصبح المؤتمر مجرد غطاء لغسيل أوساخ صالح ليس إلا.
ففي عام 2007م تم إقالة رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال وهو أمين عام حزب المؤتمر، ولم يعلم بخبر إقالته إلا من وسائل الإعلام أثناء حضوره جلسة حوار مع قيادة أحزاب المشترك!
ويعتبر أول ظهور لهذا التيار المعارض في مؤتمر انعقاد المؤتمر العام السابع للحزب بعدن في ديسمبر 2005م، حيث تدخل صالح لفرض شخصيات في قيادة الحزب وإسقاط أخرى، وعمت الفوضى قاعة المؤتمر حينها، وتداولت الصحافة يومها تسريبات عن اعتزام قيادات مؤتمرية تأسيس حزب جديد، ومن بين هذه القيادات حسين الأحمر وطارق الفضلي، وخرجت صحف مؤتمرية تتهم ليبيا القذافي بالوقوف وراءهم.
بدأ هذا التيار ينمو يوما بعد آخر، ووصل الحال إلى درجة أن صحيفة الميثاق وهي لسان حال الحزب كتبت مقالا في 2007م تدعو فيه إلى استقطاب الرئيس صالح إلى المؤتمر الشعبي!
لكن الضربة الموجعة التي وجهها هذا التيار لصالح كانت أثناء انتخابات المحافظين في 2008م حيث سقط المرشحين الذين فرضهم صالح باسم المؤتمر رغم أن الانتخابات لم يخضْها إلا حزب المؤتمر، والمجالس المحلية التي انتخبت المحافظين المرشحين تحت سيطرة المؤتمر، ومع ذلك سقط المرشحون الذين لم يختارهم الحزب وإنما صالح في محافظات البيضاء والجوف ومأرب وبفارق كبير، وفاز البعض بصعوبة أمام مرشحين مؤتمرين ترشحوا كمستقلين نكاية برئيس الحزب صالح.
لم يُعر صالح هذا التيار المعارض له داخل المؤتمر أي اهتمام مستقويا بأجهزة الدولة، وواصل مشواره باتجاه تحويل الحزب إلى مزرعة خاصة به حتى جاءت ثورة 11 فبراير، فشعرت بعض قيادات المؤتمر أن مركب الحزب يغرق فتقافزت منه خوفا من تحمل نتائج وتبعات أخطاء فادحة لحزبهم هم براء منها، وتجاهل صالح الاستقالات الجماعية من الحزب وخرج بتصريحات يقول فيها إن الحزب تطهر من الأوساخ، مظهراً غضباً شديداً تجاه رجالات حزبه الذين تركوه وحيداً إلا من بعض القيادات.
فرص ضائعة
تعرض الحزب لهزة عنيفة بعد ثورة 11 فبراير لكن حظه لم يكن سيئا مقارنة بالأحزاب الحاكمة في الدول التي طالها الربيع العربي كمصر وليبيا وتونس، فلم يحدث عزل سياسي لقيادات المؤتمر ولا جرى حله وتصفية أمواله، بل إن المبادرة الخليجية ضمنت للحزب المشاركة في السلطة بنصف مقاعد الحكومة!
حينها كان المؤتمر بحاجة إلى مراجعة شاملة وتصحيح وضعه، والاستفادة من أخطاء الماضي، لكن صالح وقف مجددا دون أي خطوة إصلاحية من شأنها تحويل المؤتمر إلى حزب سياسي، وكأن المؤتمر قد أصبح ملكه الخاص!
خالف صالح اللائحة الداخلية للحزب التي تنص على أن رئيس المؤتمر هو رئيس الجمهورية، وصالح لم يعد رئيسا للجمهورية بعد فبراير 2012م، وكان يفترض أن يسلم رئاسة الحزب لرئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي الذي يشغل النائب الأول لرئيس الحزب والأمين العام لكن صالح رفض.
شارك المؤتمر بنصف حكومة الوفاق وظل مهيمنا على الدولة العميقة، وكانت أخطاء خصومه تتزايد في إدارة مرحلة ما بعد الثورة، وكان المؤتمر بحاجة لاستغلال هذه الأخطاء سياسيا وإعلاميا وإعادة ترتيب صفوفه التنظيمية بانتظار أول انتخابات ولو تأخرت قليلا، لأنها قد تقوده للسلطة مجددا نتيجة عدة عوامل منها إخفاق قوى الثورة في إدارة المرحلة الانتقالية، وأهمها تمتع الحزب بعلاقات ممتازة مع معظم دول الخليج وتلقيه دعما ماليا من بعضها التي كانت تحلم بعودته للحكم نكاية بالربيع العربي.
كانت أمام المؤتمر فرصة ذهبية، وما عليه إلا الضغط باتجاه إجراء انتخابات وإحداث تغييرات في قياداته تتواكب والمرحلة التي تمر بها اليمن لكن صالح لم يكن همه مصلحة الحزب وإلا لسلم رئاسة المؤتمر للرئيس هادي، وعقد مؤتمراً عاماً للحزب لانتخاب قيادة جديدة، ويظل كزعيم تأريخي للحزب وبمقدوره دعم نجله أحمد للوصول إلى مواقع متقدمة في الحزب مستغلا الكاريزما التي يتمتع بها داخل المؤتمر.
ذهب صالح بالمؤتمر منحى خطير جدا وهو التحالف مع جماعة الحوثي المسلحة لإحداث انقلاب مسلح وإسقاط الدولة اليمنية رغم أن أبجديات السياسة كانت تقتضي منه عدم التورط في هكذا تحالف لأن الحليف أداة إيرانية، وطهران تمثل العدو الأول لدول الخليج، ولا يمكن لدول الجوار أن تسمح بتحويل اليمن إلى ساحة فارسية مهما كلفها ذلك من ثمن.
تحالف صالح مع الحوثي تحت تأثير الهاشمية الزيدية، رغم أن هذا الطريق كان يتعارض تماما ومصلحة المؤتمر، وكان هذا التحالف هو القشة التي قصمت ظهر الحصان، فهل هي مصادفة أن الهاشمية الزيدية بدأت مشوارها في حزب المؤتمر بإقصاء الجناح المحسوب على الإسلاميين وأوصلته إلى التحالف مع الحوثي كمشروع إمامي كامل الدسم، أم أن العملية مدروسة ومخطط لها بدقة؟
حماقة تنظيمية
أسقط صالح حكومة باسندوة التي كان حزبه يمتلك نصف حقائبها، وعوقب في حكومة بحاح في 2014م حيث حصل الحزب على ثلاث حقائب فقط، ورغم أن صالح دعا وزراء المؤتمر للانسحاب من الحكومة إلا أنهم رفضوا باستثناء وزير واحد يدعى أحمد الكحلاني وينتمي إلى ما يسمى “الهاشميين”.
اتخذ صالح خطوة متهورة في نوفمبر 2014م أثارت استياء الكثير من قيادات المؤتمر عندما أقال الرئيس هادي من الحزب وهو النائب الأول والأمين العام، وكذلك الراحل الدكتور عبدالكريم الإرياني، وهو أحد مؤسسي الحزب والنائب الثاني للحزب، ما تسبب في إحداث شرخ عميق داخل الحزب، فقد عقدت أكثر من 200 من قيادات الحزب في المحافظات الجنوبية اجتماعا في عدن، وأكدت أن قرار الإقالة باطل جملة وتفصيلا ويتعارض مع النظام الداخلي للحزب. وقال القيادي أحمد الميسري إن اللجنة العامة ارتضت لنفسها أن تكون “كومبارس”.
وشنت الأمانة العامة للمؤتمر هجوما لاذعا على القيادات الجنوبية، وقالت إن الاجتماع الذي عقد في عدن له أهداف تشطيرية ومشبوهة وغير شرعي، واعترف القيادي المؤتمري أحمد الصوفي يومها في تصريح صحفي أن قرار إقالة هادي والإرياني تسببت بتمزيق المؤتمر.
وفي أكتوبر 2015م انقسم الحزب إلى شقين أحدهما في صنعاء وآخر في الرياض حيث أقرت قيادات المؤتمر في الرياض عزل صالح من رئاسة الحزب وإحالته للمحاسبة التنظيمية ودعم تولي هادي لقيادة المؤتمر. وأقر الاجتماع ترشيح أحمد بن دغر نائبا أول لرئيس الحزب. وفي أكتوبر 2015م أعلن صالح براءته من أعضاء الحزب في الرياض، وقال بيان صادر عن الأمانة العامة إن “الشخصيات المتواجدة خارج البلاد والتي تتحدث باسم المؤتمر لا تمثل المؤتمر لا من قريب ولا من بعيد”.
وفي ديسمبر 2015م دعا حزب المؤتمر في الرياض أعضاء اللجنة العامة والدائمة لاتخاذ خطوات إجرائية لتصحيح الاختلالات التي ألحقها صالح بمكانة وسمعة المؤتمر بتحالفه مع مليشيا الحوثي. وحضر مؤتمر الرياض قيادات كبيرة من بينها د. رشاد العليمي والشيخ محمد الشائف، بينما لا تزال قيادات أخرى تلتزم الصمت حتى اللحظة احتجاجا على تحالف صالح مع الحوثي، وأبرز هذه القيادات الشيخ سلطان البركاني.
قيادة جديدة
مؤخرا خرجت تكتلات سياسية تابعة لقيادات مؤتمرية سابقة، وردا عليها قال مصدر مسؤول بالدائرة التنظيمية للمؤتمر في مارس/ آذار الماضي في تصريح منشور إن المؤتمر لا يفرخ أحزاب، وليس له علاقة بما يتم تفريخه بدعم وتمويل مشبوه، موضحا بأن المرحلة التي تمر بها اليمن هي مرحلة “فرز حقيقي وتمحيص يميز فيها الخبيث من الطيب”.
هذه التكتلات والاستقالات المتتالية نتيجة طبيعية لتحالف صالح مع الحوثي، وفي تصريح لصحيفة سعودية قال د. أحمد بن دغر النائب الأول لرئيس المؤتمر: “المخلوع ضل الطريق، وعلينا أن نعيده لطريق الصواب”، وأضاف: “بقاء صالح أضر بالمؤتمر، وكان يفترض أن يكتفي بحكم 33 عاما، ولكن للأسف صالح طمع وهذا الطمع أثر على المؤتمر”.
وثمة شبة إجماع داخل حزب المؤتمر على ضرورة انتخاب قيادة جديدة لإنقاذ الحزب، فقد دعا القيادي محمد علاو لعقد مؤتمر عام استثنائي لمناقشة كل ما صدر من قيادة الحزب بزعامة صالح، والدعوة لانتخاب قيادة تنظيمية جديدة للحزب. وأكد القيادي كامل الخوداني أن قيادات المؤتمر الحالية يهمها مصالحها الشخصية والحصول على مكاسب خاصة لهم ولحاشيتهم ومقربيهم، “هذه القيادات تستخدم الحزب للحفاظ على هذه المصالح، وتستغل قواعد المؤتمر أقبح استغلال”.
طريق التعافي
تدرك كثير من قيادات المؤتمر أن صالح يقود الحزب إلى المحرقة، وصالح يدرك أيضا حجم الدمار الذي ألحقه بحزبه عندما انقلب على مسار الشرعية الدستورية والتحالف مع مليشيا مسلحة، ولهذا أعلن صالح استعداده التخلي عن الحزب خلال 21 يوما، لكنه اشترط إيقاف عمليات التحالف العربي، وصالح أصبح شخصا غير موثوق بنظر الداخل والخارج.
وليس أمام المؤتمر اليوم من طريق للتعافي إلا بفك التحالف مع الحوثي أولا، وحول هذه النقطة تحديدا قال نبيل الصوفي وهو أحد المقربين من صالح في صفحته على الفيسبوك قبل أيام: “أنا مع أن يعلن المؤتمر اعتزاله العمل السياسي، والاعتكاف في البيوت لما يخلص العدوان”.
الخطوة الثانية للمؤتمر هي إزاحة صالح من رئاسة الحزب كونه أصبح شخصية محروقة داخليا وخارجيا، فتحالف صالح مع الحوثي قضى على مستقبل الحزب في المحافظات الجنوبية والمناطق الوسطى، واليوم يتحمل المؤتمر أخطاء شراكة شكلية مع جماعة مسلحة لا تؤمن بالشراكة والعمل السياسي أصلا، وقد وصلت الاستهانة حد مناشدة المؤتمر جماعة الحوثي بتنفيذ الاتفاقات المبرمة معها.
صالح السبب الرئيس لانقسام الحزب، والخارج وتحديدا دول الجوار لن تقبل التعامل مستقبلا مع حزب يرأسه صالح وستلجأ لدعم خصومه للحيلولة دون استعادة حضوره السياسي، وحتى الحوثي لا يقبل بعودة صالح للسلطة وإلا لما وقف دون انعقاد مجلس النواب عندما قدم الرئيس هادي استقالته مضطرا قبل عامين.
تحول صالح إلى عبء ثقيل على الحزب، ويفترض أن يذهب المؤتمر نحو عقد مؤتمره العام لانتخاب قيادة جديدة متخففة من أعباء الماضي ما لم ستستمر الانقسامات والانشقاقات، ومع مرور الوقت سيتحول المؤتمر من حزب جماهيري وأكبر تنظيم سياسي إلى “حزب عائلي”.
بل إن صالح قد بدأ يخطو في هذا الاتجاه، فقد عين مؤخرا ابن شقيقه، العميد يحيى محمد عبدالله صالح في عضوية اللجنة العامة، بعد أقل من شهر على إعلان انضمامه للمؤتمر، وهذه سابقة في تأريخ الأحزاب.
واضح أن المؤتمر وقع في فخ كبير وأن تحالفه مع الحوثي أفقده الكثير من الأوراق، وصار حلقة ضعيفة الآن وكل ما يملك هو استجداء شفقة “السيد”، ويبقى السؤال: هل سيترك أعضاء وقيادات المؤتمر الباب مفتوحا لـ”الزعيم” لاستمرار اللعب بالحزب ومستقبله السياسي حتى يصير جثة هامدة بفعل حماقات عجوز يريد القفز على قانون التغيير، أم أن الحزب على موعد مع انتفاضة قادمة؟!
*المادة تحليلية خاصة بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدره الأصلي، وهي تعبر عن رأي كاتبها، ولا تمثل، بالضرورة، وجهة نظر الموقع.