يبقى الأطفال هم الشريحة الأكثر تضرراً، والفئة الأكثر اكتواءً بلهيب الصراع الدامي في اليمن، مع دخوله العام الثالث. يمن مونيتور/صنعاء/الاناضول
يبقى الأطفال هم الشريحة الأكثر تضرراً، والفئة الأكثر اكتواءً بلهيب الصراع الدامي في اليمن، مع دخوله العام الثالث.
فعلاوة على وقوعهم ضحايا مباشرين لنيران المعارك، التي أسفرت عن مقتل ألفا و546 طفلاً، وإصابة ألفين و450 آخرين، وفق أرقام أممية، لم يسلم أطفال اليمن من تداعيات أخرى جراء الحرب امتدت اليهم في مختلف المجالات.
ووفقا لآخر الأرقام الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في صنعاء، هناك أكثر من ألف و500 طفل تم تجنيدهم إجبارياً في المعارك، و235 طفلاً مختطفاً أو محتجز قسرياً.
وتشير الأرقام، التي حصلت عليها الأناضول من يونيسف، إلى أن هناك 9.6 مليون طفل يمني ( أي 80% بالمائة من إجمالي عدد الأطفال في البلاد)، بحاجة إلى مساعدة إنسانية للبقاء على قيد الحياة، وهو رقم يشكل أكثر من النصف من إجمالي عدد اليمنيين المحتاجين لمساعدات والذين تقدرهم الأمم المتحدة بنحو 17 مليون نسمة.
** الضحايا
كباقي الأرقام الصادرة لضحايا الحرب، والتي قد تكون الأعداد الفعلية أكثر من المعلنة، تقول يونيسف إنها تحققت من مقتل ألف 546 طفلاً، بينهم ألف و22 من الذكور و478 من الإناث، فيما هناك 46 آخرين غير معروفين، أي أنهم تحولوا إلى أشلاء.
وفيما يخص الإصابات، كان عدد الأولاد هو الأعلى أيضاً، حيث تم التحقق من إصابة ألف و801 طفلاً من الذكور، و649 من الإناث.
ولا تحدد الأمم المتحدة هوية الجناة في تقاريرها، سواء كانت نيران “الحوثيين” وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أو نيران مقاتلات التحالف العربي التي سقط فيها أطفال بعد إصابة أهداف مدنية في بعض الحالات.
** التجنيد
من أكثر المآسي، التي خلقتها الحرب لدى اليمنيين، هو التجنيد الإجباري للأطفال ممن هم دون السن القانونية، الذين يتم إجبارهم على حمل السلام والتوجه إلى جبهات القتال.
وخلال الأشهر الأخيرة، تزايدت معدلات التجنيد الإجباري بوتيرة عالية، وخصوصا بعد معارك الاستنزاف الطويلة التي شهدتها جبهات القتال، ودخلت عامها الثالث، الأيام الماضية.
ووفقا للأرقام، التي حصلت عليها الأناضول، من اليونيسف، فقد تم التحقق من تجنيد ألف و572 طفلاً للمشاركة في القتال أو استخدامهم من قبل الأطراف المتحاربة لتنفيذ مهام غير عسكرية.
وتقول الأمم المتحدة، إن بعض المجندين”لا تتعدى أعمارهم 8 سنوات”.
ولا تكشف اليونيسف عن هوية الجهات المجندة للأطفال، لكن مفوضية حقوق الإنسان، اتهمت، الشهر الماضي، وبشكل صريح الحوثيين بتجنيد العدد الأكبر من الأطفال، فيما أدانت فرنسا ومنظمة العفو الدولية قيام الحوثيين بتجنيد الأطفال واعتبرت تلك الأعمال جريمة ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.
وسجلت العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، حالات اختفاء لأطفال، عرف أهاليهم فيما بعد أن قيادات أمنية حوثية قد أخذتهم إلى جبهات القتال.
** سوء التغذية الحاد
انعكست الأزمة الإنسانية، التي خلفتها الحرب في اليمن، بشكل مباشر على الأطفال الذين فقدوا أبسط مقومات الحياة، وظهروا كهياكل عظمية، وخصوصا في محافظة الحديدة، غربي البلاد.
وفقا لمنظمة يونيسف، هناك حوالي 2,2 مليون طفل مصاب بسوء التغذية الحاد ويلزم تقديم الرعاية العاجلة لهم، كما يعاني قرابة نصف مليون طفل من سوء التغذية “الحاد الوخيم”، وهي حالة مهددة للحياة تضاعفت أعدادها بشكل كبير وبنسبة وصلت إلى 200% منذ العام 2014.
ويقفز رقم سوء التغذية الحاد لدى الأطفال بشكل مهول عاماً بعد آخر، ففي حين كانت الاحصائيات عام 2014 (قبل اندلاع الحرب) تشير إلى 160 ألف طفل فقط يعانون من سوء التغذية، ارتفع الرقم إلى 210 آلاف طفل في العام 2015 و360 ألف طفل في العام 2016، ليصل خلال العام الجاري إلى قرابة نصف مليون طفل.
وحسب المنظمة الدولية، فان الأطفال المصابون بسوء التغذية الحاد الوخيم أكثر عرضة للوفاة وبمقدار عشر مرات قياساً بغيرهم من الأطفال الأصحاء مالم يتم تقديم التدخلات العلاجية اللازمة لهم في الوقت المناسب.
ويتسبب سوء التغذية الحاد في إضعاف جهاز المناعة، ويجعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، كما قد يعاني الأطفال المصابون بسوء التغذية الحاد من التقزم مدى الحياة وضعف في القدرات الذهنية والإدراكية، وفقا للأمم المتحدة.
** تسرب من المدارس
أجبرت الحرب ملايين الطلاب على عدم مواصلة التعليم، ففي حين تم إغلاق بعض المدارس ونزوح آلاف الطلاب، تعرضت مئات المدراس في مناطق النزاع للتدمير، فيما تم تحويل بعضها إلى ملاجئ للنازحين، أو يتم احتلالها من قبل جماعات مسلحة وتحويلها إلى ثكنات عسكرية.
ووفقا لاحصائيات يونيسف، كان كان عدد الأطفال خارج المدرسة كبيراً حتى قبل هذا النزاع، لكن الرقم تضخم إلى 2 مليون طفل بعد تعذر مواصلة التعليم لأكثر من 350 ألف طفل بسبب إغلاق المدارس العام 2016.
وحسب المنظمة الأممية، هناك أكثر من ألف و600 مدرسة تضررت خلال النزاع أو أنها تؤوي نازحين أو محتلة من قبل جماعات مسلحة.
وتسبب تسرب الأطفال من التعليم في تزايد معدلات تجنيد صغار السن، بالإضافة إلى ارتفاع معدل عمالة الأطفال، والتسول في الشوارع، مع لجوء غالبية الأسر إلى آليات تأقلم للبقاء على قيد الحياة.
**زواج قاصرات وحوادث اغتصاب
تسببت الحرب في تزايد معدلات العنف القائم على النوع وسط الأطفال، والذي زاد بمقدار 63% عن ما قبل اندلاع النزاع، وفقاً لاحصائيات أممية.
وحسب الأرقام، التي حصلت عليها الأناضول، فقد تم الابلاغ منذ اندلاع الحرب، عن 10 آلاف و806 حالة اغتصاب، وحوادث أخرى لم يتم الافصاح عنها ضد الفتيات والنساء.
كما عاد زواج الصغيرات بقوة إلى الواجهة خلال الحرب في ظل غياب سلطات الدولة، بالإضافة إلى كون اليمن من بين دول قليلة لم تقر حتى الآن الحد القانوني الأدنى لسن الزواج.
وكشفت دراسة أجرتها يونيسف أواخر العام 2016، وشملت 6 محافظات يمنية، أن معدلات الزواج المبكر وصلت إلى مستويات تُنذر بالخطر.
وأفادت الدراسة، أن ما نسبته 72,5% من النساء اللائي شملتهن الدراسة (15-49 سنة) أنهن تزوجن قبل بلوغ سن الثامنة عشرة، مقابل 50% عما كان عليه الوضع قبل اندلاع النزاع، في حين أفادت 44,5% منهن تقريباً أنهن تزوجن في سن 15 سنة أو ربما أقل.
وتبرز ظاهرة زواج الأطفال بقوة داخل اليمن، في محافظتي الحديدة ( غرب)، حجة ( شمال غرب)، وإب ( وسط) وهي محافظات تستضيف أعداداً كبيرة من النازحين.
وتقف الحالة الاقتصادية كسبب رئيسي لزواج الأطفال، فإضافة إلى لجوء بعض الأسر لتزويج بناتهم من أجل التخفيف عن كاهلها، تزايدت الظاهرة مؤخراً بهدف الحصول على الأموال لمواجهة الصعوبات التي خلفها الصراع.