الصورة الطبيعية والموضوعية لتعز الحديثة ظهرت في 2011 من خلال ليلة الثورة في 11 فبراير وكذا مسيرة الحياة التي عبرت عن عنوان الثورة وعنوان الحياة في مدينة تحاصرها مليشيا الموت منذ سنوات ويريدون منها ان تكون ذاتها الطبيعية كما لو ان مايحصل فيها مجرد لعب تنس ميدان الصورة الطبيعية والموضوعية لتعز الحديثة ظهرت في 2011 من خلال ليلة الثورة في 11 فبراير وكذا مسيرة الحياة التي عبرت عن عنوان الثورة وعنوان الحياة في مدينة تحاصرها مليشيا الموت منذ سنوات ويريدون منها ان تكون ذاتها الطبيعية كما لو ان مايحصل فيها مجرد لعب تنس ميدان
ما تشهده تعز من بروز ظواهر متفرقة هي قناع اسود ظهر بظهور الانقلاب وسيزول بزواله ولست هنا بصدد التهوين او ضد نقد اشكال التطرف والانفلات الأمني فيها لكن ينبغي ان يقرأ الامر بسياق امني وليس بسياق اجتماعي وسياسي للحظة الراهنة كنتيجة لسبب لا ان يتحول الى تعميم لتشوية الشخصية السياسية والاجتماعة لتعز التي كابدت كثيراً من اجل حرية الجميع…
لا أحد بمقدوره اختزال صورة واحدة عن تعز وكذا بقية المدن في العالم عبر التاريخ التي كان لها حضور ثوري وسياسي وتنويري وساورد هنا نموذج صورة باريس المتعددة لدى كثير من المهتمين بالقراءة الفنية والتاريخية للمدن
ظهرت في اليابان متلازمة عجيبة وغريبة اسمها متلازمة باريس المتلازمة التي تعكس خيبة امل جيل من اليابانيين الذين سافروا الى باريس واصيبو بصدمة حضارية …من بين الملايين من السائحين اليابانيين الذي وصلوا باريس سنوياً، أصيب عدد منهم بتلك المتلازمة على أثرها عادوا الى طوكيو وبقية مدن البلاد ..
باريس ارتبطت بذهنية مثالية لدى اليابانيين منذ صغرهم نتيجة مؤثرات عديدة من بينها السينما والروايات.. بالغوا في تخيل جمال المدينة وحضارتها العريقة وفي الواقع شاهدوا صورة مغايرة تماماً ضخب مادي ضجيج مرئي، وهي صورة مختلفة تماماً عما قاموا برسمه في مخيلتهم للمدينة..
و عندما اصدرت ايتل عدنان كتابها ” باريس عندما تتعرى” نسجت عالم غامض وساحر من الشعر والحزن والمطر والاحلام بشكل متداخل بين ماهو شاعر ي وماهو واقعي لكن الاحساس بالمدينة كان حاضر الى درجة ان احد الكتاب قال ان الكاتبة حملت الى القارئ رائحة القهوة في مقاهي باريس وحرارة الانفاس وأصوات نبض القلوب في افراحها و مراثيها وفي حالاتها المختلفة.
إرنست همنغواي الروائي الشهير هو الآخر كتب عن باريس باعتبارها وليمة متنقلة في عشرينيات القرن الماضي 1921-1926، في السنين التي سحرت فيها باريس عقول الأدباء والفنانين وتجار الفن، والمصورين وكل أنماط البشر الذين أحبوا الحرية والإبداع والحياة المشعة بالفن والسهر وكذا تفاصيل المدينة الساحرة، الشبيهة بالعيد المستمر من الطقس البارد، الى العواصف الى الثلج الأبيض المعلق على النوافذ وعلى غصون الأشجار الى يوميات الباحثين فيها عن دف الاقبال على الحياة.
كل ما سبق ثلاث صور متفاوتة عن مدينة باريس ومثلها بقية المدن التي ينسج حولها أحلام وتصورات مسبقة او ما يمكن القول عنها “اسطرة” المدن وينتج عن تلك “الاسطرة” جدل واسع كالجدل الدائر حول صورة تعز وشخصيتها المدنية التي لها علاقة بالهوية والحرية من قرون..
عندما انطلقت الثورات العربية برزت الى السطح ظاهرة عرفت بمدن الثورة وهي المدن التي شكلت حاضنة شعبية واسعة للثورات وتقلص فيها حضور الأنظمة القمعية منذ اللحظات الأولى لخروج الجماهير معلنين ثورة البلاد ..
في اليمن كانت تعز هي احد مدن الثورة قدمت فيها تعزشخصيتها الحقيقية امتداد لملهمي المشروع الوطني من روادها سواء أولئك الذين كان لهم بصماتهم في ثورة سبتمبر وكانوا من ضمن طلائع التنوير من النعمان الى عثمان الى عبد الغني علي العقل المالي والإداري الأول للجمهورية الى العديد من التجار الذين وهبوا من اجل الجمهورية تجارتهم وربما حياتهم او أولئك الذين كان لهم بصماتهم في ثورة أكتوبر والذين واضعوا أسس فكرية وسياسية لتعريف ثورة أكتوبر باعتبارها ثورة الشعب وعرفوا بأنفسهم كيمنيين منذ قرروا مقاومة امبراطورية كانت لاتغيب عنها الشمس في تلك المرحلة ..
بعد ثورة فبراير كان هنالك توجه واضح من قبل أصحاب الخيال الخبيث لإلحاق الأذى بتعز من باب العقاب على دورها الواسع والمهم والحيوي في مشروع ثورة فبراير وهذا الخيال افرز انقلاب كان لتعز حضورها المبكر في مقاومته ووضع حد لنظرية “تعز لقمة صائغة” ومثلها مثل بقية المدن والمحافظات التي أظهرت مقاومة بحسب قدرات وامكانيات كل مدينة ومحافظة وربما منطقة..
سنوات من الحصار الخانق لتعز لمدينة مكتظة بالملايين ولأول مرة في تاريخها الحديث تشهد مقاومة مسلحة من قبل قطاعات واسعة في المجتمع التعزي بهذا الشكل ولان المقاومة المسلحة حديثة العهد ومباغتة افتقرت بكل تأكيد الى العمل الأمني والاستخباراتي بالغ الدقة والذكاء وخصوصاً مسألة الاشتغال على ورقة التطرف لتشويه تعز واظهارها كقناع اسود يغطي على الصورة الحقيقية لها في ثورة فبراير وفي مسيرة الحياة وكذا الانتقام من المقاومين الذين كسروا الانقلاب في المواجهات الميدانية وبالتالي استنساخ تجربة الانتقام من الجيش السوري الحر عن طريق الكيانات المتطرفة مثل داعش وغيرها..