الشاب “سعيد ” من أبناء تلك المنطقة اليمنية الجميلة التي تكوسها الأشجار الخضراء وتغطيها الورود الفاتنة، وتفوح منها رائحة الزهور والفل العابق الذي ينعش الأرواح.
الشاب “سعيد ” من أبناء تلك المنطقة
اليمنية الجميلة التي تكوسها الأشجار الخضراء وتغطيها الورود الفاتنة، وتفوح منها رائحة الزهور والفل العابق الذي ينعش الأرواح.
هو سعيدٌ فعلاً كاسمه.. وما زاده تأكيداً
بأنه “اسمٌ على مسمى” هو حصوله على فتاة جميلة وقلبها الحنون المبادل له
حباً وشغفاً.
كان يشعر كثيراً بالارتياح والسعادة؛ وكأنه
ملك الدنيا بما فيها، وكان يخاطب نفسه بقوله: “لقد وصلت إلى الأمر المراد.. من
الإنجاز الكبير أن تحصل على فتاة كما تريد، وبالمواصفات التي تحلم بها وترسمها كل ليلة
قبل أن تنام”.
ها هو سعيد قد فاز بقلب “فتاة جميلة”
تبادله حباً بحب؛ ولم يبق أمامه إلا دفع المبلغ المطلوب، ومن ثم إقامة مراسم الزفاف،
بعد أن تمت الخطوبة.
وهاهي الجميلة تتحسس الخاتم الذهبي على
اليد اليمنى كل لحظة.. تعد الوقت عداً، وأملها أن يأتي موسم الصيف لكي تقام حفلة زفافها
وينتقل الخاتمُ من يدها اليمنى إلى اليسرى،
معلناً حياة جديدة برفقة شخص جميل ورجل شهم حسب نظرة أسرتها له.
حتى المنطقة الرائعة والعزلة الجميلة تشعر
كثيراً بالارتياح لهما.
الأشجار الخضراء أيضا تتراقص فرحاً لهما،
وتصفق بأغصانها الخضراء مشاركة لهما الحب الفريد.
وما إن بدأت الحرب تدب في البلاد وتغرس
شوكها في كل زاوية من المنطقة، وتنشب أظفارها في الأجساد وزادت السياسة اشتعالًا، ونارها
تزداد سعرة وحريقاً؛ بدأ الأهل في الأسرة يتفرقون في الآراء، وتختلف وجهات نظرهم حتى
أدى إلى اضطراب الأسر كثيراً وكثر الخلاف فيها.
أسرة سعيد على وجه الخصوص كان الخلاف في
الفكر بينها وبين أسرة خطيبته مقلق للغاية؛ وهو ما جعل سعيد يحس أن الوضع سيزداد سوءاً
مع الواقع وتعنت أسرة فتاته عن قبوله زفافه؛ فهم يخالفونه في الانتماء السياسي والتوجه
الحربي والحزبي، واحتد الأمر كثيراً، وزاد تعقيداً، والفتاة تسمع كلاماً غير لائق من
أسرتها ضد من تحب، فهم يقذفونه بألفاظ نابية كثيراً على عكس ماكانوا عليه سابقاً، وقد
كانت تتقزز كثيراً بصمتٍ خفي.
أما سعيد فقد أحس أنه من واجبه نصرة الحق
والوقوف معه ومناهضة الباطل وذهب قاصداً القتال، وكان ذلك هو الدافع الأكبر لأسرة حبيبته
لرفضة.. فقد اتخذته عذراً كاملاً لها لفسخ خطوبة دامت سنتين من الزمن.
علم سعيدٌ بالخبر الذي نزل عليه كالصاعقة؛
لكنه أحس أنه قد دخل في حبٍ جديد، وهو حب الحقيقة والدفاع عنها.. كان هذا عزاه، والأمر
الذي يواسي به نفسه كلما تذكر فتاته الجميلة، ويتذكر أيضاً العهد الذي عهد لنفسه به
ألا يعود إلا بنصرً أو شهادة.
وفعلاً وصل إلى الشهادة قبل أن يرى النصر،
وفتاته ضلت تتجرع الحزن لفقدها خطيباً وحبيباً .
هذا هو الحال لدى البعض من المحبين في اليمن؛
بل إن الحكاية قد حدثت كثيراً.. ولدينا العديد من الحكايات المؤلمة، فهي ليست نسج خيال،
بل واقع نعيشه في ظل الحرب.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة
نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها
ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.