ضمن استراتيجيتها الاقتصادية.. السعودية توطد علاقاتها مع مستهلكي النفط بآسيا
سعت المملكة العربية السعودية لتوطيد علاقاتها مع كبار مستهلكي النفط في آسيا، خلال جولة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز الأخيرة، التي شملت خمس دول آسيوية. يمن مونيتور/الرياض/الاناضول
سعت المملكة العربية السعودية لتوطيد علاقاتها مع كبار مستهلكي النفط في آسيا، خلال جولة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز الأخيرة، التي شملت خمس دول آسيوية.
وقال خبراء اقتصاديون، في أحاديث متفرقة مع “لأناضول”، إن السعودية بدأت تحولاً جذرياً في استراتيجيتها الاقتصادية بالتوجه نحو آسيا ومنحها الأولوية، فيما تبقى الولايات المتحدة الأمريكية في صدارة ترتيب الملفات.
ووصل العاهل السعودي بلاده، السبت الماضي، قادما من الصين، خامس محطات جولة آسيوية بدأها في 26 فبراير/شباط الماضي بزيارة ماليزيا ثم على التوالي: إندونيسيا، وسلطنة بروناي دار السلام، واليابان.
وأضاف الخبراء إن زيارة العاهل السعودي للدول الآسيوية، التي ركزت على ملفات اقتصادية، تزامنت مع زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، التقى خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وركزت على ملفات سياسية مثل مكافحة الارهاب وملف إيران.
وقال الخبراء إن الزيارات السعودية الأخيرة، أتاحت فرصاً استثمارية كبيرة على المستويين الحكومي والخاص، متوقعين أن تشهد صادرات النفط السعودي لدول آسيا نسب نمو ملحوظة بعد توقيع عدد ضخم من اتفاقيات التعاون.
والسعودية هي أكبر مُصدر للنفط الخام في العالم، وفي صدارة موردي النفط للدول الآسيوية وأبرزها الصين واليابان؛ وتصدر المملكة لكل منهما أكثر من مليون برميل نفط يومياً، فيما تبلغ صادرات النفط السعودية يومياً بين 7 – 8 ملايين برميل.
تحول جذري
وقال خبير الاقتصاد والنفط السعودي، راشد أبانمي، إن السعودية بدأت تحولا جذريا في استراتيجيتها الاقتصادية بالتوجه نحو آسيا ومنحها الأولوية، بالتزامن مع نية الحكومة السعودية طرح جزء من أسهم شركة أرامكو للبيع (5%) ، والمطالب بطرحها في بورصة طوكيو.
وكان رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، طلب من العاهل السعودي خلال زيارته الأخيرة دعم إدراج أسهم شركة النفط العملاقة أرامكو في بورصة طوكيو، في وقت تكثف فيه المراكز المالية في آسيا وغيرها الجهود للفوز بالإدراج الذي تقدر قيمته بواقع 100 مليار دولار.
وأضاف أبانمي، في حديث مع “الأناضول”، أن أكثر من 70% من صادرات المملكة النفطية تذهب للدول الآسيوية ، مثل: ماليزيا والصين والهند وإندونيسيا.
وأشار إلى انخفاض تكلفة نقل النفط إلى الدول الآسيوية، مقارنة بالأسواق الأوروبية نتيجة قرب المملكة والخليج العربي لدول آسيا.
مرحلة جديدة
من جانبه، قال الكاتب الاقتصادي السعودي، محمد العنقري، إن علاقة الشراكة بين الدول الآسيوية والمملكة تعد قديمة وتحتاج لتتويجها بين فترة وأخرى بزيارات القادة، التي يتم خلالها الموافقة على توصيات ونتائج التعاون السابق بين البلدين لبدء مرحلة جديدة أقوى.
وأضاف العنقري للأناضول، أن زيارات العاهل السعودي أتاحت فرصا أكبر وأوسع، من حيث ضخ الأموال وتشكيل التشارك الدولي بين القطاع الخاص في البلدين.
وأكد أن مبادرة طريق الحرير الصينية أحد الأفكار العملاقة، التي يعمل عدد من الدول على تأسيسها بالاستفادة من التقدم التقني الحاصل في العصر الحديث.
و”طريق الحرير” يأتي ضمن خطة استراتيجية للصين، يطلق عليها “حزام واحد وطريق واحد”، وتهدف إلى إنشاء طريق حديث لتعزيز علاقاتها مع منطقتي أوروبا والشرق الأوسط.
علاقات استراتيجية
وبحسب التقرير السنوي لشركة أرامكو، منتج النفط في البلاد، تستحوذ منطقة الشرق الأقصى، التي تضم الدول التي شملتها جولة الملك سلمان، على نصيب الأسد من صادرات النفط الخام والمنتجات المكررة السعودية عام 2015، بنسبة 65% و35% على التوالي.
وتتمتع الدول الأسيوية التي شملتها الزيارة بعلاقات اقتصادية قوية بالسعودية؛ وتعد الصين أكبر شريك تجاري للسعودية، مستحوذة على 13% من علاقات المملكة التجارية مع العالم في 2015.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة والصين في 2015، نحو 49.2 مليار دولار، منها 24.6 مليار دولار واردات سعودية من الصين، و24.55 مليار دولار صادرات سعودية للصين، فيما يبلغ حجم الاستثمارات الصينية بالمملكة نحو 9.32 مليار دولار، والاستثمارات السعودية بالصين 1.2 مليار دولار.
وبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية (حكومي)، فاليابان ثالث أكبر شريك تجاري للمملكة في 2015، بنحو 31.5 مليار دولار، تُشكل 8.3% من تجارة السعودية مع العالم، والبالغة 378 مليار دولار. بما يعني ان أكثر من خمس تجارة السعودية مع العالم تتركز في الصين واليابان.
ووفقا لبيانات الهيئة السعودية، يبلغ التبادل التجاري بين المملكة واندونيسيا في 2015، نحو 5.2 مليار دولار، تحتل بها المرتبة 20 بين شركاء السعودية التجاريين.
فيما يبلغ التبادل التجاري بين المملكة وماليزيا، نحو 3.4 مليار دولار، تحتل بها المرتبة 26 بين شركاء السعودية التجاريين.
84 اتفاقية في آسيا
يذكر إنه خلال جولة الملك سلمان جري توقيع 84 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تعاون بين السعودية والدول الخمس هي: (12 مع ماليزيا، و15 مع إندونيسيا، 21 مع اليابان، و36 مع الصين).
ومن أبرز الاتفاقيات التي توقيعها في ماليزيا، توقيع شركة النفط السعودية الحكومية “أرامكو” اتفاقية مع شركة النفط والغاز الوطنية الماليزية “بتروناس”، اتفاقية تتملك بموجبها أرامكو 50% من مشروع (رابيد) النفطي جنوب ماليزيا باستثمارات تبلغ 7 مليارات دولار.
كما وقعت الشركات الماليزية والسعودية، 7 مذكرات تفاهم في مجالات عدة بقيمة 9.74 مليار رنغيت (2.2 مليار دولار).
ومن أبرز الاتفاقيات، التي تم توقيعها مع إندونيسيا، أربعة اتفاقيات بقيمة 13.5 مليار ريال (3.6 مليارات دولار) في مجالات الطاقة والصحة والإسكان والسياحة.
وخلال زيارة اليابان، كان من أبرز الاتفاقيات إبرام “أرامكو” اتفاقية مع مؤسسة نيبون اليابانية للنفط والطاقة بشأن “إجراء دراسات لاستكشاف إمكانيات التعاون المستقبلي ذي المنفعة المتبادلة في مجالات تكرير النفط والبتروكيماويات وتجارة النفط والنافثا والتقنيات البيئية وبرامج التدريب”.
أما في الصين، فتم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج استثمارية بقيمة 65 مليار دولار، إضافة لعشرات الاتفاقيات بين القطاعين الخاص للبلدين.
وكان من أبرز ما تم توقيعه: مذكرة تفاهم للتعاون بشأن مشاركة المملكة في رحلة الصين لاستكشاف القمر (تشانق إي ـ 4)، كذلك تم توقيع اتفاقية شراكة لتصنيع طائرات بدون طيار.
(الدولار الأمريكي = 3.75 ريال سعودي)