كتابات خاصة

عيد أُم الزعيم

سلمان الحميدي

رزية حلت على اليمنيين؛ لننشغل بأم الزعيم المخلوع، بدلًا من إغراق العالم بالمنشورات التي تتحدث عن الأم، حيث الكل يكتب عن أمه ويبتسم للشاشة المضيئة مثل المجنون، وفي أذنيه سماعة تضج بأغنية صاخبة تمنع تهادي صوت الأم إليه. كي لا يذهب إلى الدكان. رزية حلت على اليمنيين؛ لننشغل بأم الزعيم المخلوع، بدلًا من إغراق العالم بالمنشورات التي تتحدث عن الأم، حيث الكل يكتب عن أمه ويبتسم للشاشة المضيئة مثل المجنون، وفي أذنيه سماعة تضج بأغنية صاخبة تمنع تهادي صوت الأم إليه. كي لا يذهب إلى الدكان.
الكتابة بلا احساس موضة العالم الافتراضي، حيث الجميع يخدع الجميع كيف يبجل من حواليه.
صاحبي من القرية، الحاجة الوحيدة التي يكتبها ومتأكد بأنها صائبة هي اسمه “بخط النسخ”، مؤخرًا  نشر حالة مطولة بالإنجليزية، وعلق عليه صديق آخر كان زميله في الدراسة:
“هات يا دكتور هات.. بس الفقرة الأخيرة ما افتهمليش موتقصد.. هيا موتقصد يا رِمَشْ”. صححت التعليق ونقلته. أما “رمش” فهو اسم يطلقه الرعاة على غنمة بعينها.
الأمهات لا علاقة لهن بالفس بوك:
أم تبحث عن ولدها المختطف، وأم تبكي على ولدها الفقيد، وأم تمني النفس بحزمة بصل أخضر لا حزمة منشورات!
الفسحة المتبقية للكتابة عن الأم سطا عليها صالح. وكأن قدرنا ملاحقة الدكتاتور حتى بعد خلعه، لقد أعلن بصفاقة لامتناهية بأن أمه أنجبته في يوم عيد الأم. وقد أعلن ذلك في 2013، وهو تاريخ مختلق يخالف تاريخ الميلاد الذي قدمه الطاغية في وثيقة ترشحه للرئاسة في 2006.
احتفل أنصاره المؤتمريون في 21 مارس 2013. يتوهمون أن الأبهة السياسية تعود من المناسبات الشخصية، لقد صادرت ثورة الشباب لذة صالح بالأعياد الوطنية ليحتفل بميلاده الزائف. قصة ميلاده وعلاقاته بالمناسبات مادة خصبة للأدباء اللاتنيين. أقل ما يمكن اكتشافه من يوم ميلاده أنه قطع تورتة الميلاد بنصل جنبيته اللماع، الذي كان على طرفه أثر لدم جاف. كما أنه أكل الشموع الملونة وهي تشتعل. أحد الصحفيين الذين يعملون في مكتبه وشوش في أذنه:
“ما الذي تفعله؟ إنك تأكل سنينك يا فخامة الزعيم”.
تحت فتك أوجاع المخاض، تكره الأم وليدها في  يوم مولده.. ماذا فعلت لأمك يا صالح في عيدها؟
ماذا فعلت بالأمهات؟ وكيف حال الربيع؟
عيد الأم هو ذاته أول يوم من فصل الربيع
لم تتفتح الزهور، تفتحت المقابر.
يشبه اليمني في هذا اليوم، قطعة قصدير يتسلى بها حداد فارغ بين مطرقته وسندانه. المطرقة هي صالح في 2011، والسنديان هو الحوثي في 2017. ففي مارس 2011 كانت أفئدة الأمهات تنخلع من الأسى على أولادهن الذي قُتلوا برصاص نظام المخلوع في جمعة الكرامة الذي سبق عيد الأم بثلاثة أيام. أولادهن في مخيلاتهن يديرون الذكريات ويعيدونها. أما ذكرى مواكب التشييع المهيب فمسجلة على أشرطة الكاميرات، ولا تفارق صالح الذي اختار عيد الأم يومًا لميلاده بعد ثلاث وثلاثين سنة من حكمه، فعل ذلك ليخفف من كوابيس الجريمة.
أما في مارس 2017، فالأمهات يصلن ويجلن بحثًا عن أولادهن المخطوفين مع مليشيا الحوثي.
حتى أُم صالح لا تدخل الفس بوك، علاوة على أم عبدالملك الحوثي.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى