في يوم الإعلام الوطني.. واقع متردي يفتح أفقا جديدا لصحافة المواطن باليمن
وتغير واقع الصحافة خلال الوضع الراهن في البلاد، بسبب تقييد وكبح حرية الرأي والتعبير الذي تمارسه سلطات الأمر الواقع، فضلا عن عدم الاعتراف بالتعددية وقابلية الاختلاف، تحت ذريعة الحفاظ على الوحدة أو الحرب على الإرهاب، وصول إلى اعتقال الصحفيين، والزج بهم في السجون. يمن مونيتور/ صنعاء/ من جوهرة عبدالله:
يحتفل اليمنيون في ظل الحرب المستمر منذ قرابة عامين، بيوم الإعلام الوطني، الذي يصادف التاسع عشر من مارس/آذار من كل عام.
ويعيش الإعلام اليمني وضعا مترديا بعد حالة التوظيف المختلفة له، والتي ابتعدت عن طبيعة الدور الذي ينبغي أن يقوم به، فأصبح المواطن يتعرض لنوعين مختلفين من الرسائل موجهة بطريقة مغايرة تماما للآخر ضمن مضمون مختلف.
وتغير واقع الصحافة خلال الوضع الراهن في البلاد، بسبب تقييد وكبح حرية الرأي والتعبير الذي تمارسه سلطات الأمر الواقع، فضلا عن عدم الاعتراف بالتعددية وقابلية الاختلاف، تحت ذريعة الحفاظ على الوحدة أو الحرب على الإرهاب، وصول إلى اعتقال الصحفيين، والزج بهم في السجون.
ومنذ سقوط العاصمة صنعاء بيد مسلحي الحوثي وصالح في سبتمبر/أيلول 2014، قتل قرابة 20 صحفيا، وتعرض42 آخر للاختفاء القسري، بحسب تصريحات صادرة عن نقابة الصحفيين اليمنيين.
وفي ظل هذا الواقع السيء الذي يعيشه الإعلام اليمني، فتح ذلك الباب لإعلام المواطن، وظهوره في الساحة، في فضاء لا قيد أو قانون أو أخلاقيات ملزمة فيه.
أفق جديد لإعلام المواطن
وعلى هذا الصعيد تقول الصحفية وئام عبدالملك لـ” يمن مونيتور” إن إعلام المواطن لعب دورا غير مسبوق في نقل وقائع ما يجري على الأرض، حتى بات وفي ظل الوضع الراهن مصدرا للأخبار خاصة إذا ما توافرت كل المعلومات حول حادثة ما.
وفرض إعلام المواطن نفسه وبقوة وتحديدا منذ ثورة فبراير، ليزداد تأثيره مع الحرب التي تشهدها اليمن منذ قرابة عامين، بعد التضييق الكبير الذي فرضته سلطة أمر الواقع(الحوثيون) على حرية التعبير ووسائل الإعلام المختلفة، على حد قولها.
وتابعت” ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في نجاح هذا النوع من الإعلام، الذي بدأت تتجه نحوه الصحافة بعد أن صار الجميع قادر على صناعة الأخبار”.
وتولي مختلف الدول- بحسب وئام- هذا النوع من الإعلام اهتماما كبيرا، فأفردت له زوايا كان المواطن مصدرها في مختلف الوسائل، وهو مالم يحدث بعد في اليمن وبالشكل المطلوب. وبيَّنت إن إعلام المواطن تجاوز كل المعوقات التي تضعها السلطات ليوصل صوته، ويثير المواطن قضاياه التي غالبا ما تلقى تفاعلا واسعا بسبب الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن تنتقد أستاذة الصحافة بجامعة صنعاء، سامية الأغبري، الشائعات التي تغلب على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تداول الأخبار فيها دون تحري، والمبالغة، وصناعة أخبار مُلفقة، محاولة من قِبل المواطن للتعبير، في ظل توفر الحرية فيها.
واقع متردي
وحول واقع الإعلام اليمني عموما، يقول محمد الخامري رئيس تحرير صحيفة إيلاف، لـ”يمن مونيتور” ساخرا بشأن وضع الإعلام في اليمن قائلا” وضع الإعلام وضع الإعلام مكرظح ملعفز مالوش ملامح..، فين الإعلام؟” في إشارة إلى التردي الكبير الذي أضحى عليه.
وتحدث عن قمع ومحاربة مسلحي جماعة الحوثي وقوات صالح لمختلف وسائل الإعلام، وإبقائهم على الصحف والقنوات التابعة لهم فقط، مؤكدا أن سلطة الأمر الواقع بصنعاء باتت تعيش وضعا فاشيا لم يسبق له مثيل في اليمن، على حد قوله.
ويتفق الصحفي منصور الجرادي مع” الخامري” قائلا لـ” يمن مونيتور”، تواجه الحريات الإعلامية هجمة شرسة لم يسبقها مثيل، ومن كل الأطراف، فتم تكميم الأفواه، وأغلقت الصحف والقنوات، وحجبت المواقع الالكترونية لتبقى فقط ذات اللون الواحد.
وتحدث عن دور المواطن الذي باتت وسائل التواصل الاجتماعي المتنفس الوحيد له، مؤكدا أن الإعلام اليمني بات غير منظم ولا تحكمه ضوابط أو أخلاقيات المهنة، وتسوده الفوضى العارمة.
غياب الرؤية الوطنية
أما الإعلامي يحيى العزب فيرى في تصريحه لـ” يمن مونيتور” أن هناك غياب شبه تام للإعلام التقليدي اليمني – الوطني – لعدم وجود فضائيات أو إذاعات أو صحف، تسعى لرأب الصدع والتغلب على الجراح رغم عمقها وتوحيد الصف، وتعريف جميع المتحاربين بأن الوطن قبل الجميع وفوق الجميع، كما أن الضحايا – شهداء أو قتلى – هم يمنيون.
وأضاف” انقسم الإعلام اليمني إلى فئتين كحال المتصارعين على السلطة في البلاد، ومثال على ذلك “قناة اليمن الفضائية” التي أصبح لها فرعين الأول بصنعاء والآخر بالرياض، ويعمل بالفرعين زملاؤنا أنفسهم من مذيعين وفنيين وإداريين؛ والنتيجة خطابين مضادين شعارهما الوطن وفعلهما الهدم.
وطوال الفترة الماضية ظهر جلياً أنه لم يعد هناك إعلام مستقبل وحر، فمن يعارض الحوثيين وصالح يكون مصيره السجن أو القتل، ويصبح في خانة العملاء وخيانة الوطن ويوصف بـ” الداعشي”، ومن يعارض الحكومة المعترف بها دولياً، يعتبره المتشددون “رافضي” و”مجوسي”.
تراجع الصحافة لصالح الإذاعة
وتراجع الإعلام اليمني في السنوات الأخيرة التي غلبت عليها الأزمات والحرب، كما يعتقد عبده المحبشي، مدير برامج إذاعة إف إم شباب، سوءا المرئي منه أو المقروء، والمسموع أيضا.
وأوضح لـ”يمن مونيتور” أن الصحافة المطبوعة هي الأكثر تضررا، وتراجعت بسبب ضعف القدر الشرائية للمواطن، وهو ما أدى إلى ظهور الإذاعات المحلية بقوة أكبر، معتمدة على نفسها برغم الظروف التي تمر بها، لافتا إلى خضوع رسالتها للداعم المادي لها.
وتمنى في ختام حديثه أن يقف الإعلام إلى جانب الوطن، ولا يكتفي بالنظرة الربحية والتجارية، فالبلد يحتاج الجميع.
تصحيح مسار الإعلام
من جهتها طالبت أستاذة الصحافة بجامعة صنعاء سامية الأغبري، في حديثها لـ”يمن مونيتور” بضرورة وجود إعلام غير منحاز لأي طرف، ينقل الحقيقة كما هي دون إضافات وشائعات وأكاذيب.
ووصفت الإعلام اليمني بـ” الممل والكاذب وغير المنصف”، مؤكدة أن أغلب الإعلاميين أصبحوا غير قادرين على الكتابة بعيدا عن التحيُّز.
وضربت مثالا على طريقة تعاطي الإعلام مع قضية رواتب موظفي الدولة والإضراب الذي كفله الدستور، وقالت” تم تسييس تلك القضايا، ولم يعد هناك مساحة لحرية القول أو الفعل، وأصبحنا ندور في حلقة مفرغة نعيش اللامعقول.