تنافس روسي ايراني متصاعد في سوريا
في شوارع مدينة حلب التي بات الجيش السوري يسيطر عليها كاملة، ترتفع صور الرئيس بشار الاسد والى جانبه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ما يؤشر الى النفوذ المتصاعد لموسكو في سوريا، على الارجح على حساب ايران، الحليف الآخر للنظام.
يمن مونيتور/ دمشق/ الفرنسية:
في شوارع مدينة حلب التي بات الجيش السوري يسيطر عليها كاملة، ترتفع صور الرئيس بشار الاسد والى جانبه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ما يؤشر الى النفوذ المتصاعد لموسكو في سوريا، على الارجح على حساب ايران، الحليف الآخر للنظام.
مع دخول الحرب في البلاد عامها السابع، تبرز المنافسة بين ايران وروسيا، بحسب ما يقول سياسيون سوريون وخبير روسي.
وتدعم ايران النظام في سوريا منذ بدء الازمة في العام 2011 اقتصاديا وسياسيا، وبالمعدات والسلاح والمقاتلين.
اما روسيا، وبرغم دفاعها منذ البداية عن الرئيس السوري بشار الاسد، الا انها انتظرت حتى 30 ايلول/سبتمبر 2015 لتتدخل عسكريا عبر حملة جوية اعادت زمام المبادرة ميدانيا للجيش السوري على حساب الفصائل المعارضة والاسلامية.
ويقول نائب في مجلس الشعب السوري فضّل عدم الكشف عن اسمه، “إن كانت الدولتان تدعمان الحكومة، فان استراتيجيتهما تختلف للانتصار في المعركة”.
– الاختلاف حول حلب –
بعد تقاربها المفاجئ مع انقرة في العام 2016، باتت موسكو تعتبر ان طريق النصر يمر عبر تسوية مع تركيا الداعمة للمعارضة وصاحبة النفوذ في المنطقة الحدودية مع سوريا شمالا. وترفض ايران في المقابل هذه المقاربة.
مع بروز هذا التقارب، تساءل موقع “تابناك” الالكتروني الذي يديره محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الايراني، ما اذا كان “إشراك تركيا في محاولات انهاء الحرب في سوريا” يمكن ان يشكل “تهديدا” لايران.
الا ان وزير الخارجية الايراني اكد في مقابلة مع قناة “الميادين” التلفزيونية بثت الخميس من طهران “بالطبع كانت هناك دائما مناطق صادفنا فيها وجهات نظر مختلفة حول مواضيع محددة، ولكن لم يكن هناك اي انقسام بين ايران وسوريا وروسيا حول المواضيع المهمة”.
لكن بدا الاختلاف واضحا بين الدولتين الداعمتين لدمشق خلال معركة الجيش السوري للسيطرة على كامل مدينة حلب في كانون الاول/ديسمبر الماضي.
ويقول مصدر مقرب من الحكومة السورية في حلب ان ايران والمجموعات المسلحة المتحالفة معها، كانت تريد استسلاما كاملا للفصائل المعارضة المحاصرة في احياء حلب الشرقية.
لكن خطة الروس كانت مغايرة، بحسب المصدر ذاته، اذ توصوا الى اتفاق مع الاتراك على اجلاء 34 الف شخص من شرق حلب، الامر الذي اثار غضب ايران وحزب الله اللبناني حليفها الابرز.
وحاولت ايران وحلفاؤها تأخير تنفيذ الاتفاق الى ان حصلوا على مكسب في المقابل وهو ان يتم بالتوازي إجلاء المدنيين المرضى والجرحى من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من الفصائل المعارضة في محافظة ادلب (شمال غرب).
ويوضح ضابط سوري متقاعد متابع للوضع الميداني ان “الاتفاق مع تركيا كان ضروريا للسيطرة على حلب. فحتى الآن، وفي كل مرة يتقدم فيها الجيش السوري على الارض، تحاول انقرة وضع عوائق، عبر السماح بادخال آلاف المقاتلين” المعارضين الى سوريا عبر حدودها.
ويضيف “من اجل تفادي خسارة جديدة، اتفقت روسيا مع تركيا على اغلاق حدودها، ما ساهم في خنق المعارضة، ثم عمدت لاحقا الى ضمان ممر آمن لمقاتلي الفصائل (من حلب)”، مشيرا الى ان “الامر كان صعبا بالطبع على هؤلاء الذين يقاتلون على الارض، ولكن هذا هو ثمن الانتصار”، في اشارة الى ايران والمجموعات المسلحة المتحالفة معها.
– لا لفتح جبهة ادلب –
ولا يزال التوتر قائما بين روسيا وايران منذ معركة حلب.
بعد اسبوع على سيطرة الجيش السوري على المدينة، دخل اتفاق شامل لوقف اطلاق النار في سوريا حيز التفيذ برعاية روسيا وتركيا فقط. وانضمت ايران لاحقا اليهما في رعاية محادثات بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة في العاصمة الكازاخية منذ كانون الثاني/يناير 2017.
وتشكل محافظة ادلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة وجهادية، عامل انقسام آخر بين ايران وروسيا. فقد وقفت روسيا حائلا امام طموحات العسكريين الايرانيين باطلاق معركة جديدة لفك الحصار المفروض منذ اذار/مارس 2015 على بلدتي الفوعة وكفريا.
ومن شأن فتح جبهة جديدة قرب الحدود التركية وضد الفصائل المعارضة المدعومة من انقرة ان تؤدي الى مواجهة مباشرة مع تركيا، وهذا ليس اولوية لموسكو.
ويؤكد مصدر سياسي في دمشق ان “روسيا حذرة من تركيا ولكنها تفضل احتواءها للحد من تحركاتها على ان تواجهها مباشرة”.
وان كانت روسيا فتحت المجال امام القوات التركية والفصائل المعارضة للسيطرة على مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، الا انها حرصت على الا تتيح لها التقدم اكثر نحو الشرق.
وتكون بذلك حطمت امال انقرة بالمشاركة في معركة طرد تنظيم الدولة الاسلامية من الرقة، معقله الابرز في سوريا.
– 10 آلاف عسكري روسي؟ –
وبرغم التوتر القائم، يرى الخبير العسكري الروسي بافل فلغنهاور ان المجموعات المسلحة الموالية لايران عبارة عن “قوة ضخمة من المقاتلين يجب التعاون معها”، مضيفا “علاقتنا معهم معقدة جدا”.
ومن المؤشرات الاخرى على التنافس التصاعد بين موسكو وطهران، زيادة عديد العسكريين الروس في سوريا.
ويشير فلغنهاور الى ان “الوجود الروسي في سوريا يزداد بسرعة”، “وقد تضاعف منذ الخريف عديد العسكريين، وسيبلغ قريبا عشرة آلاف”. علما ان موسكو كانت اعلنت رسميا خفض قواتها، وخصوصا الجوية، في سوريا.
وعلى غرار علاقة ايران بمقاتلين لبنانيين وعراقيين وافغان، تسعى روسيا الى خلق علاقة مماثلة مع مجموعات موالية لها.
ويقول فلغنهاور ان روسيا “شكلت مجموعات مسلحة محلية (…) أقل كلفة من المرتزقة الروس، وتشبه قوات الصحوة (قوات عشائرية مناهضة لتنظيم القاعدة) التي شكلها الاميركيون في العراق”.
ويشير فلغنهاور الى قوات “صقور الصحراء” و”الفرقة الخامسة”، بالاضافة الى مجموعتين مسلحتين سوريتين واخرى فلسطينية “لواء القدس”. وتلقت هذه المجموعات تمويلا وتدريبا من روسيا وشاركت في معارك عدة.
ويرى المصدر السياسي السوري ان “روسيا دولة عظمى لديها رؤية جيو- استراتيجية تتضمن سوريا، اما ايران فهي قوى شيعية اقليمية. قد تتلاقى مصالحهما ولكنها ليست دائما متشابهة”.