نساء اليمن يكسرن التقاليد ويخرجن للعمل بالأسواق.. هذه نظرة الرجال إليهن
اضطرت وفاء الذكري إلى ترك دراستها الجامعية والتطلع إلى العمل من أجل إعالة والدتها وأشقائها الأربعة الصغار. فقد توفي والدها جراء الإصابة بالفشل الكلوي قبل اندلاع الحرب وقيام المؤسسات الخيرية بوقف المساعدات المالية التي تقدمها.
تقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني نقل عن الذكري قولها: “أنا الشقيقة الكبرى بين خمس أشقاء؛ وقد اضطررت بعد وفاة والدي إلى تحمل مسؤولية إعالة أسرتي بعد اندلاع الحرب في تعز”.-في ترجمة لموقع هافنغتون بوست.
وقالت “كنت أعتزم قبول أي وظيفة من أجل كسب ما يكفي من المال”.
ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في أوائل عام 2015، أصبح العديد من النساء عائلات لأسرهن بعدما أغلقت المؤسسات الخيرية المحلية أبواب المساعدات التي تقدمها.
يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة:
اضطرت وفاء الذكري إلى ترك دراستها الجامعية والتطلع إلى العمل من أجل إعالة والدتها وأشقائها الأربعة الصغار. فقد توفي والدها جراء الإصابة بالفشل الكلوي قبل اندلاع الحرب وقيام المؤسسات الخيرية بوقف المساعدات المالية التي تقدمها.
تقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني نقل عن الذكري قولها: “أنا الشقيقة الكبرى بين خمس أشقاء؛ وقد اضطررت بعد وفاة والدي إلى تحمل مسؤولية إعالة أسرتي بعد اندلاع الحرب في تعز”.-في ترجمة لموقع هافنغتون بوست.
وقالت “كنت أعتزم قبول أي وظيفة من أجل كسب ما يكفي من المال”.
ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في أوائل عام 2015، أصبح العديد من النساء عائلات لأسرهن بعدما أغلقت المؤسسات الخيرية المحلية أبواب المساعدات التي تقدمها.
تغيير بطيء
كانت العادات والتقاليد الاجتماعية باليمن تحول دون عمل المرأة؛ إلا أن هذه العادات بدأت في التغير ببطء.
وبعد قضاء 3 شهور في البحث عن العمل، وجدت ذكري وظيفة بأحد محال الملابس مع امرأتين أخريين. وكان ذلك بمثابة شعاع من الضوء وسط عاصفة قوية. وتوفر مثل هذه الفرصة بعض سبل المعيشة لنساء مثل ذكري.
وأضافت “كنت في الصف الرابع بقسم الكيمياء بجامعة تعز، ولكني لم أستطع استكمال دراستي نظراً لأن أسرتي لم يكن لديها أي من سبل كسب العيش”.
وقالت ذكري أنها كانت تخشى مما قد يظنه الناس حينما يعلمون أنها تعمل في أحد متاجر الملابس، إلا أن صديقاتها شجعنها على العمل وإعالة أسرتها.
وقد رحب بها مالك المتجر وشجعها، وساعدها ذلك كثيراً.
وأضافت “كنت أشعر بالقلق من رد فعل جيراني حينما يكتشفون أنني قد بدأت العمل، ولكنهم كانوا متعاطفين معي وتفهموا سبب لجوئي إلى العمل، حيث كانوا على علم بظروفنا”.
ومع ذلك، فقد انتقدها البعض.
“ففي الشهر الأول، ناضلت كي أتعلم كل متطلبات الوظيفة، ولكن أدائي قد تحسن الآن وأصبحت العاملات الجدد يتعلمن مني حينما يبدأن العمل”.
بدأت ذكري العمل في متجر مان يشباك منذ نحو عام ولم تكن تعتزم الرحيل.
وفي المدينة التي يحاصرها الحوثيون منذ نحو عامين ولا يحصل موظفو الحكومة على رواتبهم منذ أكثر من ستة شهور، كان هناك حاجة ماسة إلى راتبها الشهري البالغ 50 ألف ريال (170 دولاراً). ويغطي ذلك الراتب تكاليف الطعام والمواصلات لعائلتها ويسمح لأشقائها الصغار بمواصلة دراستهم.
أدت الحرب التي نشبت بين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي والمتمردين الحوثيين إلى وقوع أزمة اقتصادية بالبلاد؛ وقد حذرت الأمم المتحدة من حدوث مجاعة باليمن، حيث لا يستطيع 17 مليون شخص على الأقل من توفير الطعام اللازم. وقد لقي 10 آلاف شخص على الأقل مصرعهم.
وذكر صاحب المتجر صخر الدبائي أن العديد من الفتيات قد لجأن إليه على مدار العام الماضي 2016 بحثاً عن عمل، ولكنه لا يريد عاملات أخريات حالياً.
ونقل موقع ميدل إيست آي عن الدبائي قوله “حينما أعلم بشأن ظروفهن العائلية التي يعشنها، أريد بالطبع أن أساعدهن وأمنحهن وظيفة؛ ويبدأن تدريجياً في تعلم مهام تلك الوظيفة”.
“دائماً ما يعمل معي أكثر من عاملة، حتى يصبح العمل أكثر راحة لهن”.
يوفر المتجر الملابس الرجالي والنسائي وتستطيع ذكري وزميلاتها بصفة عامة بيع الملابس لكلا الجنسين.
ومع ذلك، يضطررن في بعض الأحيان إلى اللجوء إلى زملائهن من الرجال للتدخل وقت الحاجة.
تحرش
وذكر الدبائي “بعض الشباب يفتقرون إلى التعليم ويتحرشون بالفتيات بتعليقات فاحشة؛ وحينذاك يطلب المساعدون بالمتجر من زملائهم من الرجال الالتفات للعمل وخدمة الزبائن بدلاً من ذلك”.
ويوجد بالمتجر نحو خمس فتيات وأربعة فتيان من العاملين.
تؤثر تحديات النجاة من ويلات الحرب وتبعاتها تأثيراً ثقافياً كبيراً باليمن، حيث تسعى النساء للمرة الأولى بتاريخ اليمن إلى العثور على وظائف خارج منازلهن.
ويعمل سلطان حسن، البالغ من العمر 35 عاماً، مع ذكري في بيع الملابس. وهو يعمل بالمتجر أيضاً منذ نحو عام وقد وصف خبراته في العمل مع الفتيات بكونها “ناجحة”.
ونقل الموقع عنه قوله “مجتمعنا لا يقبل بالفعل عمل النساء في مجال بيع الملابس؛ ومع ذلك، فقد أدركت على مدار العام الماضي أنه ليس هناك أي مشكلة في ذلك وأنه ليس أمراً مخزياً”.
“الأمر المخزي هو أننا لا نستطيع مساعدة هؤلاء النساء وأن بعضهن يضطررن إلى المعاناة بمفردهن أو التسول في الشوارع طلباً للطعام”.
ورغم صعوبة التعامل مع بعض الزبائن من الرجال، إلا أن النساء يبدين سعادة أكبر في شراء ملابسهن من فتيات مثلهن، حيث أنهن يدركن ما يبحثن عنه، وفقاً لما ذكره بعض الزبائن.
ونقلت موقع ميدل إيست آي عن إحدى الزبائن، وهي نرجس عبد القادر، قولها “أسمع دائماً أننا مجتمع متحفظ وأنه ينبغي ألا تعمل النساء في بيع الملابس، ولكن ذلك أمر غير صحيح، فالعكس صحيح تماماً”.
وقالت “نظراً لأننا نعيش في مجتمع متحفظ، ينبغي أن نشتري ملابسنا من نساء، وليس من رجال”.
“يسرني للغاية أن أرى نساء يعملن هنا؛ وأنا أشتري ملابسي وملابس أبنائي منهن لتشجيعهن على مواصلة العمل”.
النساء يعملن بمفردهن
ملك المقطري طالبة بالمدرسة الثانوية تبلغ من العمر 18 عاماً وواحدة من بين خمسة أشقاء؛ ولكن شقيقيها الكبيرين منشغلان بأسرتيهما؛ ولذا فقد وجدت نفسها تتولى إعالة والديها بمفردها.
كان والدها يعمل ميكانيكياً؛ وحينما اندلعت الحرب، أغلق ورشته في اللجينات في وسط تعز وفر بأسرته إلى قريته التي تبعد 60 كيلومتراً.
وحينما عاد لإعادة فتح ورشته، وجد نفسه متعباً من العمل بسبب كبر سنه، ولذلك قام ببيع الورشة للحصول على المال وفتح متجر لابنته.
ونقل الموقع عن المقطري قولها “والدي عجوز ولم يعد يستطيع أن يعمل. لقد منحني المال لفتح متجر صغير نعتمد عليه في توفير احتياجاتنا الأساسية”.
“المتجر مجاور لمنزلنا. ولذا فليس هناك مشكلة لدي في العمل به”.
قامت المقطري بفتح المتجر في نهاية عام 2015؛ وفي البداية، اضطرت إلى دفع 600 ألف ريال (2000 دولار) لشراء مخزون للتجر.
تشعر المقطري بالخجل وقالت إنها وجدت أنه من الصعب أن ترفض طلبات الزبائن في شراء البضائع منها بالأجل. وتوشك حالياً على أن تنفذ أموالها.
وقد أوضحت “قال جيراننا أنهم سيدفعون ديونهم بمجرد استلام رواتبهم الحكومية، إلا أنهم لم يحصلوا على أي رواتب منذ شهر أغسطس/آب 2016. ولذا سأضطر إلى إغلاق المتجر”.
تمكنت المقطري من مواصلة دراستها، رغم تولي إدارة متجر العائلة، حيث تواصل دراستها بالمنزل وسوف تخضع للامتحانات الدراسية في وقت لاحق من هذا العام 2017.
يعمل أحمد سلال بقسم الإدارة بجامعة تعز وهو أحد الزبائن الدائمين بمتجر المقطري.
وقال إنه لم يكن يعارض كرة عمل النساء أو الفتيات بالمتاجر، ولكنه غير قادر على سداد ديونه لها، حيث لم يحصل على راتبه.
ونقل الموقع عن سلال قوله “اعتدت الشراء بالأجل من المقطري؛ وفي نهاية كل شهر، أسدد ديوني، ولكن الحكومة خذلتنا، ولا أستطيع سداد ديوني لها وللآخرين الذين قاموا بإقراضي”.
خرق التقاليد، وليس التعاليم الدينية
ذكر فضل الثوباري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة تعز، أن دخول النساء ضمن القوى العاملة ليس سوى أحد آثار وتبعات الحرب ويعتقد أن هذا الأمر له نتائج إيجابية وسلبية.
ونقل الموقع عن الثوباري قوله “وضع الإنسان العادات والتقاليد الاجتماعية ويمكنه خرقها أيضاً”.
وقال “لكن ليس لديه الحق في خرق التعاليم الدينية”، موضحاً أنه لا يؤمن بقدرة النساء على تقديم الخدمة إلى الزبائن من الرجال أو العمل معهم، حيث قال إن هذه الخطوة منافية للإسلام.
ومع ذلك، قالت ذكري إنه بينما اضطرت الحرب العديدين إلى تقدم خطوط المواجهة أو السرقة لإطعام أطفالهم، إلا أن هؤلاء العاملات بالمتاجر يحاولن فقط مساعدة عائلاتهن في البقاء على قيد الحياة.
“حتى لو تمكنت من استكمال دراستي، فلن أتمكن من إيجاد وظيفة بسبب الحرب التي نعيشها. ولذا سأواصل العمل حتى يستكمل شقيقي حمدي البالغ من العمر 17 عاماً دراسته ويصبح قادراً على العمل”.
المصدر الرئيس
Yemens quiet revolution as women enter the shopfloor