مشكلة إعادة جمركة السلع في مداخل صنعاء من قبل مصلحة الجمارك الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي وصالح أظهرت رأس جبل الجليد في مشكلة الموارد التي ينتظرها البلد في ظل تنازع سلطتين وسيدفع ثمنها القطاع الخاص، كما ستنعكس بكل تأكيد علي المواطنين في اليمن. مشكلة إعادة جمركة السلع في مداخل صنعاء من قبل مصلحة الجمارك الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي وصالح أظهرت رأس جبل الجليد في مشكلة الموارد التي ينتظرها البلد في ظل تنازع سلطتين وسيدفع ثمنها القطاع الخاص، كما ستنعكس بكل تأكيد علي المواطنين في اليمن.
حتى ما قبل نقل البنك المركزي في سبتمبر ٢٠١٦ كانت الإيرادات تورد إلى البنك المركزي في صنعاء ،أما الآن وقد قامت الحكومة بنقل البنك المركزي إلى عدن وأعلنت مسئوليتها عن دفع المرتبات، فإنها حتما ستطالب القطاع التجاري والاستثماري، ومن باب أولى المؤسسات الإيرادية التابعة لها بدفع كافة الإيرادات.
لكن الواقع العملي يبدو معقدا ، فحكومة الحوثي وصالح ما تزال تسيطر على ثلثي رأس المال الاقتصادي للبلد نتيجة لتركز معظم الشركات والبنوك والمؤسسات في صنعاء، ومع أن هذا قد يستمر لفترة إلا أن الحكومة الشرعية أصبحت تمتلك نقاط قوة جديدة تتمثل في توسعها على الأرض وسيطرتها على المنافذ البرية والبحرية والجوية، وباستكمال سيطرتها على ميناء الحديدة ستكون قد ضمنت الحصول على كافة الإيرادات الضريبية والجمركية باستثناء ضرائب الأرباح.
وللحصول علي كافة الضرائب قد تلجأ حكومة بن دغر لإجراء تعديلات في الإجراءات القانونية تضمن إلغاء ضريبة المبيعات وإلزام التجار بدفع إجمالي الضريبة في المنافذ البرية والبحرية والجوية.
كما قد تلجأ لتوقيف العمل باتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي تعفي السلع عربية المنشأ بنسبة ٤٨٪ حيث لم يعد لليمن ما تصدره حتى تظل ملتزمة بالاتفاقية، ولتقطع الطريق أمام مصلحة الجمارك في صنعاء التي تفرض رسوم جمركية إضافية تحت مبرر استيفاء تلك الرسوم، حيث لم تعد تعترف حكومة صنعاء بتلك الاتفاقية وأقرت إلغاءها العام الماضي.
مطالب حكومة بن دغر للقطاع التجاري والصناعي والاستثماري بدفع الضرائب سيجعل هذا القطاع بين خيارين، فإما أن يرفض وبالتالي قد تمنع عنه الحكومة المواد الخام أو السلع أو توقف تواصله مع العالم كما هو حال البنوك وشركات الاتصالات وغيرها … أو أن يستجيب وسيكون بالمقابل مطالب بالدفع مرة أخرى لسلطة الأمر الواقع في صنعاء.
يبدو أن تحييد الإدارة الاقتصادية للبلد كمطلب للقطاع الخاص يمثل طوق نجاة لتفادي تعاظم الخسائر التي سيواجهها لكن من الواضح أنه سيدفع ثمن خضوعه لسلطة الحوثي خلال العامين الماضيين بل وانحياز بعض مكوناته علنا مع الجماعة والعمل في فلكها، إذ كان من المفترض أن يسعى القطاع الخاص جاهدا منذ بدء الحرب إلى تحييد فعلي للإدارة الاقتصادية للبلد والضغط بقوه لكي لا نصل إلى حالة الاستنزاف للاحتياطي النقدي ومراكمة الدين المحلي وتجفيف كل الإيرادات للدولة .
على الجميع الآن الحفاظ على ما تبقي من مؤسسات الدولة وتفعيل أداء البنك المركزي اليمني ودوره الذي ما يزال دون مستوى التحدي، مالم فستكون الخسائر أكبر مما نتوقع، كما أن المؤمل بأن تتعامل الحكومة بعقلية الأخ الأكبر فالقطاع الخاص كان مجبرا على التعامل مع حكومة الحوثي وصالح والقانون لا يعاقب من كان واقعا تحت سلطة قاهرة.
وقد سمعت أحد التجار الكبار ذات يوم يقول لا تلومونا، من سيحكم نحن ندفع له ونتعامل معه.
من الواضح أن الوضع الاقتصادي مرشح لمزيد من التعقيد أذا لم يكن هناك رؤية واضحة يرسم ملامحها كافة أصحاب المصلحة، وبشراكه حقيقيه بين الحكومة والقطاع الخاص والخبراء الاقتصاديين والمجتمع المدني المعني.
رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي( من صفحته على فيسبوك)