تجمع مديرية عتمة بمحافظة ذمار بين التاريخ العريق، والجمال الساحر، والحاضر المقاوم لبقايا حكم الإمامة، الذي أطاحت به ثورة 26 سبتمبر 1962 من شمال اليمن، ولأجل هذا كله نالت مكانتها الرفيعة في قلوب اليمنيين.
تجمع مديرية عتمة بمحافظة ذمار بين التاريخ العريق، والجمال الساحر، والحاضر المقاوم لبقايا حكم الإمامة، الذي أطاحت به ثورة 26 سبتمبر 1962 من شمال اليمن، ولأجل هذا كله نالت مكانتها الرفيعة في قلوب اليمنيين.
وفي حاضرها الشاغل، يتصدر مجموعة من المقاتلين بأسلحة شخصية بسيطة، يقودهم شيخ قبلي مواجهة جحافل ميليشيات الحوثي، ويسطرون ملاحم بطولية من الصمود وتكبيد المعتدين الخسائر البشرية، في مقابل غازي يقوم بأعمال الاحتلال من نهب الممتلكات، وتفجير المنازل، واختطاف الناس.
بمساحة (460 كم2) تملك عتمة تاريخاً عريقاً، بدءاً من الاسم الذي اختلف المؤرخون حوله، فمنهم من قال إنه مأخوذ من «العتم»، وهو الأصل البري لشجرة الزيتون التي تنتشر بكثرة فيها، وفريق آخر يرى أن الاسم مأخوذ من العتمة الناتجة عن اشتداد سواد الخضرة التي تكسي جبال ووديان وسهول المنطقة.
غير أن الاعتقاد الراجح هو ما أورده العلامة اليمني نشوان الحميري المتوفى سنة 778هـ في كتابه «شمس العلوم»، إذ قال إن التسمية تعود إلى ملك من ملوك حمير هو «ذو عتمة» واسمه «مالك بن حلل بن السيب بن ربيع».
ونظراً لاعتدال مناخها وتنوعه، وارتفاع معدلات سقوط الأمطار السنوية، ووجود الكثير من العيون والغيول السطحية والينابيع، أعلنتها الحكومة في عام 1999 محمية طبيعية لا ينقصها إلا الاهتمام الرسمي لتكون مهوى عشاق الجمال والطبيعة.
عُرفت عتمة منذ زمن بعيد بأنها سلة للأغذية والمحاصيل الزراعية المتنوعة، خاصة الحبوب، والبقوليات، والخضراوات، وأنواع الفاكهة، والبن، وتحتوي على 800 نوع من النباتات الطبية والعطرية والسامة، بحسب دراسة أكاديمية.
وصفها أديب اليمن وشاعرها الكبير د. عبدالعزيز المقالح بأنها «جزء من الجنة الموعودة على الأرض»، وأسرت الشاعر السوري سليمان العيسى عندما زارها، وقال فيها في ديوانه «ديوان اليمن»:
يطيب الشعر في عتمة / وأنت تصافح القمة/ وتشرد نسمة عذراء/ لتملأ صدرك النسمة / منازلها وكور النسر/ تهوي فوقها النجمة /وتلثمها لتتركها/على أوتارنا نغمة/نعود إليك يا وطن /الجمال البكر يا عتمة
توفر عتمة لزوارها ما يحبون، لا سيما الباحثين عن الشفاء من الأمراض الجلدية، من خلال حماماتها الطبيعية، وهي حمام مقفد، وحمام السبلة، واللذان ينبعان من بطون الجبال المحيطة.
ذلك هو تاريخ المحمية، وتلك هي طبيعتها الساحرة ومقوماتها المتنوعة، لكن كل هذا لم يشفع لها عند النظام السابق للاهتمام بها وتعميرها بالخدمات المختلفة، لتكون مقصداً سياحياً كبيراً تدرّ على خزينة الدولة ما تحتاج من الأموال.
على أن ما تحتاجه اليوم هو دعم صمود أبطالها المقاومين، وهذه مسؤولية الحكومة والرئيس والتحالف العربي الداعم لهما، لمواجهة التكالب الحوثي والتحشيد العسكري الذي يفوق قوة أصحاب الأرض المدافعين عن أنفسهم وديارهم، ولا خيار أمامهم غير مواجهة المعتدين.;
نقلا من العرب القطرية