كتابات خاصة

مدينة السلام بلا سلام

فكرية شحرة

هناك أنظمة قد توصف بالقمعية والدكتاتورية وربما هي مثخنة أيضاً بالفساد واللصوصية.

هناك أنظمة قد توصف بالقمعية والدكتاتورية وربما هي مثخنة أيضاً بالفساد واللصوصية.
لكنها تحاول الظهور كأنظمة تراعي حقوق الإنسان بأدنى مستوياتها ربما مراعاة لديمومة بقائها في المجتمع الدولي الذي يغمض عينيه عن الكثير.

أما في حكم العصابات لن تجد أدنى فهم لشيء كهذا، بل أن انتشار ثقافة التوحش والهمجية أحد ثمار حكم هذه العصابات في المجتمع ككل وليس من قبل العصابة ذاتها.

مشاهد انتهاك الإنسانية صارت أمراً تعتاده النفس البشرية التي جبلت على الذل والامتهان وأصبح رؤية شخص يهان وتنتهك حقوقه الآدمية لا يحرك في النفوس معاني الغيرة والنجدة أو الحمية والثورة.

و عفى الله عن جيفارا حين قال:

“إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة توجه إلى مظلوم في هذه الدنيا”.

ففي مشهد من إب قد يتكرر في كل مكان حتى _أنه أصبح لا شيء في قاموس الإهانة والذل الذي يمارس بتركيز ضد هذا  الشعب لإخضاعه وتطبيعه مع حكم العصابة الانقلابية.

شاب عشريني أو أقل يقود دراجة نارية لحسن الحظ ليس عليها مجموعة راكبين كالعادة.

و طقم للمليشيا يسابق الريح بسرعة جنونية تثير الفزع في شوارع إب في ظاهرة قد صارت معتادة خاصة مع ذلك الصوت المريع الذي يصدره الطقم وهو يزيح السيارات والمشاة والمركبات رعبا من طريقه بسرعته الفائقة.

رغم  سرعة الطقم الجنونية استطاع الشاب تحاشي  صدام مباشر معه وإلا لكان في عداد الأموات الآن واكتفى حظه العاثر بانزلاقة قوية مع الدراجة النارية وعدد من القلبات الموجعة ليحاول النهوض وهو شبه مترنح يحتاج لمن يساعده على الوقوف.

لكنه حين رأي افراد الطقم يهرولون نحوه بأسلحتهم في منظر اثار هلعه قفز محاولاً الهرب متناسيا آثار الانقلاب بالدراجة.

 لكنهم ادركوه بسرعة على الرصيف المقابل لينهالوا عليه بالضرب بأعقاب الرشاشات فيما هو عاجز عن صد ضرباتهم أو تحملها و انهار تحت عنفهم واجتماعهم عليه.

البعض من المارة حاولوا اقناع أفراد الطقم بتوسلاتهم أن يتركوا الشاب الذي نهض مترنحا زائغ النظرات من انقلاب الدراجة ومن عنف الضربات التي تلاقاها..

كانت نظرات الذل والانسحاق في عينيه أبلغ من أي وصف لحاله و لامتهان إنسانيته.

انسحب يجرجر جسده على الرصيف في حالة ذهول بعد ذهاب طقم المليشيا لا يدري لمن يشكو حاله غير رب جبار منتقم.

مثل هذا المشهد في نظر معدومي الإحساس سيكون الشاب فيه محظوظاً أن طقم المليشيا لم يدهسه ككلب مشرد وليس روحاً بشرية.

والبعض سيجد في سرعة الطقوم المتعمدة سبباً لإزهاق الأرواح بجوار الحرب والجوع في مدينة السلام.

لكن الأغلب سيعتاد أن لا قيمة لحياة الإنسان في هذا الوطن أبدا.

*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى