من حق العرب أن يتوجسوا من الإيرانيين، و لكن من الخطأ أن يعيدوا ذلك لأسباب طائفية دينية بحته، لأن ذلك ليس حقيقيا أولاً، ولأن من مصلحة إيران أن يظهر كذلك كونها المستفيدة، لتضمن تعاطف ذلك العدد المحسوب من العرب معها، وهم ممن يحسبون على المذهب الشيعي. نجح الايرانيون إلى حد ما في استدراج السعوديين والسنة عموما إلى إظهار أن عداءهم لإيران هو لأسباب مذهبية دينية، وليس عرقية.
و هذا الأمر أتاح للإيرانيين تعاطف نسبة من سكان اليمن وبعض مناطق من سكان مملكة السعودية، والكثير من سكان العراق، وجزء من سكان الكويت والغالب من سكان البحرين تقريبا، وثلث سكان لبنان.
الحقيقة الغائبة التي لم يدركها الكثير أن خطورة إيران ليست مذهبية وإنما عرقية، فمذهبياً تجد إيران مكانا لها بين العرب، أما عرقياً فإن إيران هي فارسية، ولفارس طموح في بلاد العرب كما هو طموح الأتراك.
لكن العرب بالمقابل ربما لا يدركون ذلك الأمر، لذا يتعاملون بطريقة مختلفة المستفيد منها هم الإيرانيين.
من حق العرب أن يتوجسوا من الإيرانيين، و لكن من الخطأ أن يعيدوا ذلك لأسباب طائفية دينية بحته، لأن ذلك ليس حقيقيا أولاً، ولأن من مصلحة إيران أن يظهر كذلك كونها المستفيدة، لتضمن تعاطف ذلك العدد المحسوب من العرب معها، وهم ممن يحسبون على المذهب الشيعي.
نجاح الإيرانيين في إستدراج العرب إلى إستعداء مواطنيهم الشيعة يمثل نصرا إستراتيجيا للفرس، وهزيمة للعرب بنفس المستوى.
التركيز على إظهار الشيعة على أنهم طائفة دينية أو أقلية هو إستدراج فارسي ماضياً والآن، والنفخ في هذه القضية لا يخدم العرب.
لم نسمع إيران تتكلم على دفاعها عن الشيعة في مواقفها من النزاعات الجارية في مناطق تواجد الشيعة العرب، بينما العرب يفعلون ذلك بصورة مستمرة، وهذا ما تسعى إليه إيران، فأغلب السنة العرب يجاهرون بالعداء للشيعة العرب، ويظهرون الشيعة العرب على أنهم عملاء ونصير للإيرانيين.
إيران تناصر الشيعة العرب، ليس لأنهم طائفة دينية تشترك معها في نفس المذهب، ولكن لأن ذلك يضعف العرب، شيعة وسنة على السواء.
لم ولن يتوقف الإيرانيون الفرس عن التفكير في أن تكون لهم اليد الطولى في الأقليم، وأن يحققوا ما يعتقدون أنها أمجاد ماضية لهم ولديها ماتخدع به وهو لبسها مسوح الإسلام، كذلك الأتراك يسعون لتحقيق طموحهم الامبراطوري، منذ نشأة بذرة دولتهم الأولى، ولم يكن همهم الإسلام كما نعتقد نحن العرب، ليس الأمر مساواة بين الأتراك وإيران، وإنما أود القول إن الإسلام هو الفخ الذي ينصب للعرب، كلما أراد أجنبي أن يستدرجهم لنصرته، وذلك لم يتم إلا في زمن هوان العرب مثلما هم عليه الآن.
الإسلام دين العرب، ومن حقهم الفخر به، ولايجوز لهم فرضه على الغير بالقوة، وإن جاز لهم مواجهة كل من يمنعهم أتباعه، كما لا يجوز لهم دينياً وأخلاقياً استغلاله لتوسيع نفوذهم السياسي وبناء إمبراطورياتهم بحجة نشره.
كل المذاهب التي ظهرت في الإسلام إما أنها ظهرت لإضعافه، أو أنها أستغلت لذلك وهذا ربما الأرجح، قوة العرب تكمن في إسلام بل مذاهب، يجب النظر إلى الخلافات المذاهبية على أنها اختلافات وليس خلافات.
المذاهب في أساسها هي إجتهادات فكرية، جاءت لتثبت أن الإسلام كعبادات وكمعاملات يستوعب الزمان والمكان ولم تكن لخدمة السياسة، السياسيون هم من وظف اختلافات المجتهدين في أغراض السياسة وذلك قمة الخبث السياسي.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.