كان يمكن لسلطات الأمر الواقع احترام كمَّ المطالبات الهائل كان يمكن لسلطات الأمر الواقع احترام كمَّ المطالبات الهائل والمناشدات من الأفراد والجهات والمنظمات لاطلاق الدكتور أمين الشفق الذي اُختطف وهو في صدد التحضير لفعالية سلميه مُعلن عنها تمثلت في التحضير لمسيرة راجلة إلى محافظة تعز التي تلهث من العطش.
عام ونصف وأمين وراء القضبان لم يفلح أي جهد مدني في الافراج عنه، سيما وقد افُرج عن كل المشاركين في التحضير لهذه المسيرة والتي اطلق عليها (مسيرة الماء).
ثم بعد العام والنصف وبعد أن عادت كل الجهود المدنية بخفي حنين وكان آخرها تحركات الأخت علياء الشعيبي وزيرة حقوق الانسان في حكومة الإنقلاب؛ يتفاجأ المجتمع بخروج أمين الشفق في إحدى صفقات تبادل أسرى الحرب.
هذا السلوك يعبر لنا بجلاء عن ثقافة الميليشيا التي تحكم البلاد اليوم وبشكل أخص في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.
تنظر الميليشيا الحوثية إلى البلاد كلها على أنها جبهة حرب، فهي وإن كانت تستولي على مؤسسات الدولة وتقدم نفسها كسلطة حاكمة تخفق في التفريق بين البدهيات. بين المسيرة السلمية والعملية العسكرية، بين منشور في الفسبوك أو رصاصة الكلاشينكوف، بين ما يصلح للإدانة وما لايصلح!
يخرج امين الشفق ليفضح كل الدعاوى الزائفه للسلام التي يضخها اعلامهم ويكون خروجه بصفقة (تبادل اسرى) هي الرسالة التي يكررها سلوكها السياسي في آذان المجتمع بغباء. تلك الرسالة التي فحواها أن الأخلاق المقاومة والتي ساهمت في اخراج الدكتور أمين الشفق كرد للجميل عن نيته في تسيير مسيرة سلمية لفك الحصار عن مدينة تقود جبهة مهمة من جبهات المقاومة تختلف عن أخلاق المليشيا الكاذبة التي تفتقر إلى اولى أبجديات العدل والانصاف مع من خالف سلوكها وعارضها..
يسوق لنا كل يوم تعيشه البلاد تحت حكم ميليشيات الإنقلاب رسائل واضحة لكل المظلومين في مدينة إب وغيرها من المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، بأن العزة في سلوك نهج المقاومة ومساندتها ومناصرتها وأن الثقة بدعاوى الميليشيا أو الركون إلى عقلها وأخلاقها نوع من الوهم والسذاجة.
أمر آخر في مشهد الإفراج عن المناضل أمين الشفق يتلخص في السؤال التالي: من هم أسرى الحرب الذين تمت مبادلتهم بأمين الشفق ورفاقه؟!
دعونا نتذكر أنه وفي يوم الجمعة وبعد اتمام صفقة التبادل وربما قبل أن يتناول أمين طعام الغداء كتب على صفحته كلمات الشهيد الزبيري: خرجنا من السجن شم الأنوف كما تخرج الأُسد من غابها.
كانت حفلة فرح في يوم الجمعة قبل الماضي، ووصلت أنباء الافراج عن هذا المقاوم النبيل إلى كل بلدان الأرض، لكن ما يستوقفني هو: من هم بدائل أمين الشفق الذين افرج عنهم من الهاشميين وكانوا أسرى حرب؟! لماذا تتكتَّم الميليشيا على قتلاها وأسراها وتجتهد في المبالغة في إخفائهم.
وفي تقديري أن لهذا التساؤل إجاباتان:
الأولى، هي استراتيجية حربية تنتهجها الميليشيا والغرض منها شد أزر صفوفها الذين ربما تنهزم معنوياتهم. نستحضر ونحن نطرح هذه الاجابة تكتم ميليشيات الحوثي عن مقتل طه المداني أحد أبرز قيادات الانقلاب لمدة عام ونصف!
وهذا الأمر لو قرأناه من زواية قياس القوه في التدافع العسكري يؤشر على حالة من الإخفاق وصلتها الجبهة الإنقلابيه; إذ أن الخوف على جبهة من قتل فرد أو الإفصاح عن أسير وفي الوقت الذي نسمع فيه كل يوم ضجيجهم عن انتصاراتهم وصمودهم وتوسعتهم للحرب إلى حدود السعودية. هذا الخوف والمبالغة في التستر يؤشر على حالة ضعف وهشاشة.
الثانية، وهي أن الميليشيا الانقلابية تدرك في دخيلتها انه ليس في تحركاتها ما يدعو للفخر والبطولة. ففي الوقت الذي يخرج فيه أي مختطف من مقاوميها ملصقٌ في جبينه وصف (البطل)، ويحاط بإحتفاء وإعتزاز شريحة واسعة من المجتمع ويسرد على رفاقه كل عذاباته في سجون الانقلاب كوسام فخر وعنوان تضحية، نجد عكس ذلك في أي أسير حرب أو قتيل في صفوف الحوثيين.
يعرف الحوثيون أنهم يتحركون في جبهة العار، ولهذا يجتهدون في التستر على ما يروج له اعلامهم انها بطولات وتضحيات!
البطولة لا تخشى من الإعلان عن نفسها، بينما يجتهد العار في التواري..
وعلى كلٍ فان كلتا الاجابتين تُفضي إلى نتيجة واحدة، فكلتاهما تؤشر على حالة من الهشاشة وإنعدام اليقينيات الأخلاقية، وشعور فقير بصوابية الطريق أو قوة العتاد.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.