الحوثيون “جماعة إرهابية”.. هل يفعل مجلس الأمن ما لم تقم به الحكومة اليمنية؟
قدمت الحكومة اليمنية، طلباً إلى الأمم المتحدة بتصنيف جماعة الحوثي والرئيس السابق علي صالح كـ”جماعة إرهابية”، وسردت الرسالة التي سلمها خالد اليماني ممثل اليمن الدائم في الهيئة الدولية إلى أنطونيو جوتيريس أمينها العام الجديد، أسباباً تركز في معظمها على علاقة الحوثيين بإيران وحزب الله اللبناني إلى جانب انتهاكات الجماعة لحقوق الإنسان في المحافظات الواقعة لسيطرتها.
الحوثيون “جماعة إرهابية”.. هل يفعل مجلس الأمن ما لم تقم به الحكومة اليمنية؟
يمن مونيتور/ تقدير موقف/ خاص:
قدمت الحكومة اليمنية، طلباً إلى الأمم المتحدة بتصنيف جماعة الحوثي والرئيس السابق علي صالح كـ”جماعة إرهابية”، وسردت الرسالة التي سلمها خالد اليماني ممثل اليمن الدائم في الهيئة الدولية إلى أنطونيو جوتيريس أمينها العام الجديد، أسباباً تركز في معظمها على علاقة الحوثيين بإيران وحزب الله اللبناني إلى جانب انتهاكات الجماعة لحقوق الإنسان في المحافظات الواقعة لسيطرتها.
لم تُصنف الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بَعّد جماعة الحوثي كجماعة إرهابية، بعكس بعض دول مجلس التعاون الخليجي التي تصنفها كمنظمة إرهابية. وكانت حملة يمنية قد بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لتوقبع عريضة على الانترنت لإدانة جماعة الحوثي بصفتها إرهابية وتجاوز عدد الموقعين (2900) شخصاً.
وكانت اليمن وافقت في مارس/آذار 2016 -ضمن قرار للجامعة العربية- على تصنيف حزب الله منظمة إرهابية بسبب تدخله بتدريب ودعم الحوثيين عسكريا وماليا وإعلاميا وسياسيا، لكنها لم تضع الحوثيين على لائحة الإرهاب خاصتها.
تحاول الحكومة اليمنية استغلال حالة الجنوح الدولية لعزّل إيران إقليمياً مع تغير الموقف الأمريكي بإدارته الجديدة التي وصف مستشارها للأمن القومي مايكل فلين، قبل استقالته، جماعة الحوثي بكونها جماعة “إرهابية” تابعة لإيران وهو التوصيف الأول من هذا النوع للإدارة الأمريكية منذ ظهور حركة الحوثيين وحروبها الستة ضد الحكومة اليمنية في 2004م.
من شأن تقديم اليمن لطلب كهذا أن يُشغل دوائر صنع القرار الدولية فيما يتعلق بأزمة اليمن ويضع المجهر بشكل أكثر دقة على جماعة الحوثي وانتهاكاتها في البلاد ومدى صلاتها بإيران، لكن من غير المرجح أن يوافق المجتمع الدولي على إدراجها ضمن الجماعات الإرهابية الدولية التي تمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، حتى “حزب الله” اللبناني لم يحظَ بإجماع دولي على كونه منظمة إرهابية، وفي 2015م خرج الحزب من قوائم الإرهاب الأمريكية.
ترى بعض الدول الغربية والعربية أن الحوثيين يمثلون خطراً على الملاحة الدولية في باب المندب، فاستهداف سفن تجارية وعسكرية عام 2016م مثلَ منحنى خطيراً على المضيق الهام الذي تمر من خلاله أكثر من 21000 قطعة بحرية سنوياً (57 قطعة يومياً). ولعل استهداف الفرقاطة السعودية في يناير (كانون الثاني) الماضي أحد الدوافع الخليجية لاستماته أكبر في مواجهة الحوثيين وهو الاستهداف الذي أدى إلى مقتل اثنين من طاقمها، وحظي بإدانة غربية وعربية شديدة.
المزامنة
ترزح اليمن تحت الفصل السابع لمجلس الأمن الذي يبيح استخدام قوة عسكرية دولية لوقف انهيار الأمن والاستقرار في البلاد وفق قرار مجلس الأمن (2216) الذي يرفض الحوثيون وقوات موالية للرئيس السابق تنفيذه، وهو مبرر كافي لوضع جماعة الحوثي كجزء من عقوبات أوسع لكنها لن ترتقي إلى تصنيفها كجماعة “إرهابية” ما لم تحدث متغيرات محلية وسياسية دولية واسعة.
علاوة على تغير الموقف الأمريكي -ظاهرياً- تجاه الأزمة اليمنية، يتزامن هذا الطلب مع تقديم فريق خبراء لجنة الجزاءات التابعة لمجلس الأمن تقديم تقريرها النهائي في يناير/كانون الثاني الماضي وقُبيل جلسة مقررة في 23 فبراير (شباط) الجاري لمناقشة تمديد عمل الفريق الأممي وقد يشمل وضع أسماء جديدة في قائمة المشمولين بعقوبات، وحسب التقرير النهائي الذي اطلع عليه “يمن مونيتور” فقد قدم العديد من الشواهد التي تضع الحوثيين في لائحة الإرهاب بدءً من “الانقلاب على الحكومة الشرعية” وتعزيز السلطة بإعلان حكومة خاصة بالجماعة المتحالفة مع علي عبدالله صالح وحتى ارتكاب جرائم حرب بقصف مستشفيات ومراكز إيواء واستخدام المدنيين كدروع بشرية مع تجنيد الأطفال في جبهات القتال.
كما تزامن تقديم الطلب مع ازدياد الضغط على تحالف الحرب الداخلية (الحوثي/صالح) بعد تحرير ميناء المخا ومدينته، والحصول على ما يشبه التأكيد الأمريكي بتأمين الساحل الغربي لليمن من استهداف الحوثيين المستمر للسفن.
التوقعات
لا يتوقع أن توافق الأمم المتحدة على طلب الحكومة اليمنية باعتبار جماعة الحوثي “إرهابية”، لعدة اعتبارات تتعلق بحالة الانقسام اليمني إضافة إلى الانقسام الدولي وصراع المصالح حتى لو كان هناك اقتناعاً من جانب بعض الدول بشأن نشاطات الحوثيين، إضافة إلى أنه كيف يمكن لمجلس الأمن اعتبار جماعة “إرهابية” في وقت لم تعلن عنها حكومة بلادها بأنها كذلك!
كما أن إعلان من هذا النوع يعني أن الأمم المتحدة ستوقف نشاطات المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد فالحوار مع جماعة إرهابية ليس وارداً ضمن نشاطات الهيئة الدولية؛ كما أن إعلان الحوثيين جماعة إرهابية سيضع الحكومة اليمنية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية أمام معركة لسنوات قادمة مع جماعة الحوثي المسلحة.
بالتأكيد أن الحكومة اليمنية تعيّ جيداً هذه الدروس في الأمم المتحدة، ويبدو أنها تهدف إلى إجبار الحوثيين للتخلي عن كونهم جماعة مسلحة وتحولهم إلى حزب سياسي واضعةً خياراً واحداً أمام الجماعة بالموافقة على الخطة الأممية “المعدلة” والتي تبدأ بانسحابهم من المدن وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط، أو سيتم معاملتهم داخلياً وخارجياً بصفتهم جماعة إرهابية حتى تحرير كامل أراضي البلاد. كما أن الحكومة تسعى إلى رفع سقف مطالبها مع تقديم التقرير النهائي لفريق الخبراء ليشمل شخصيات وكيانات عديدة ذُكرت في التقرير والمرتبطة بعرقلة عودة الحكومة اليمنية لقيادة مؤسسات الدولة. وتخيّر الحوثيين إما “الحل السياسي” أو “جماعة إرهابية”.