كتابات خاصة

فإن همُ ذهبت أخلاقهم كسبوا!

إفتخار عبده

ما بين ثنايا المآسي وازدحام الهموم، وهبوب العواصف العاتية من اتجاهات عديدة تحمل بين جناحيها آلاف المشاكل ومئات الفوضات.
ما بين ثنايا المآسي وازدحام الهموم، وهبوب العواصف العاتية من اتجاهات عديدة تحمل بين جناحيها آلاف المشاكل ومئات الفوضات.
وما بين بشر يترهل عددهم بين الحين والآخر، يقل وزن أجساد بعضهم، ويتراجع حجم عقول البعض الآخر، أصبح بعضهم موتى في أجساد تتفوه بالحياة، وبعضهم بين كسير وجريح!
وما بين جو يسوده القلق والخوف، وموت الثقة وكثرة الشك بالآخر، تلتفت قليلاً لترى فتاة جميلة ممشوقة القد، لها عينان تنظران إلى الواقع بحسرة وندم، وإلى البشر بعتاب كبير.
تثير الفتاة إعجابك  لتنطلق إليها لاإرادياً تسائلها عن سبب حسرتها وحيرتها، يدفع بك الفضول إلى السؤال عن اسمها وعلمها وعملها.. تقدم قليلاً ثم سلها لعلها من الناطقين!
وإذا لم تجد جواباً لسؤالك.. فهي الأخلاق.. أصبحت تفقد كرامتها بين الحين والآخر، يقذفها أبناء المجتمع بالسوء يتجاهلونها، تنحدر من مستواها الأعلى إلى أدنى المستويات.. لم تعد لها تلك الرغبة والإقبال من أبناء المجتمع؛ بل أصبح من يتخلى عنها يوصف بالشجاعة والبسالة والحنكة، وقد تحولت رمزاً للضعف ونقطة من خلالها يستطيعون النفوذ إلى من يتحلى بها والاستحواذ عليه، ولا عجب، فنحن في واقع يموت فيه كل شيئ.
لا تعجب إن مررت بالطريق ووجدت بعضهم يشير بأصبعه إلى من يتحلى بالأخلاق إشارةً كلها تجاهل وإغفال لأنه في وجه نظرهم ليس بقادر على عمل شيئ فأخلاقه تردعه عن ذلك.
ولا تعجب إن وجدت شيخاً يهان وضعيفاً ينتهك حقه أو مريضاً لايجد من ينقذه، ووجدت في الوقت ذاته من إذا وجدوامشكلة دائرةً بين فردين يهبون إليها كما تهب الذئاب على الفريسة.. يدّعون الإصلاح وهم يزيدون المظلوم ظلماً، ويتيحون أمام الجاني مساحة كبيرة ليواصل مشواره.. لا تعجب لأنهم تحللوا عن الأخلاق وتجردوا من القيم السامية.
هي الأخلاق كلما أرادت أن تفتح لها باباً تتنفس من خلاله الحياة  يغلق أمامها؛ وكلما أرادت أن تخطو خطوة تتعثر في طريقها.
لم تعد لها تلك القيمة التي قيل فيها.. (إنماأممُ الأخلاقِ مابقيت ** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا) بل أصبحت: فإن هم ذهبت أخلاقهم كسبوا.. وأكلوا الناس وشربوا وعاشوا وتعالوا على الناس أيما تعالٍ!
لم تعد لها تلك القيمة، عامل الناس بأخلاقك أو كما تحب أن يعاملوك.. بل أصبحت عامل الناس كما تريد أنت، وبأي طريقة تحصل من خلالها على ما تريد.
لقد أصبح التجرد من الأخلاق أمر يشار إليه بالبراعة؛ إذ أن القتل أصبح شجاعة، ونهب الناس جهاد، وقمعهم حرية..
نسأل الله العافية!
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى