الجوع يدفع أطفال اليمن إلى التسول
وجد الأطفال في اليمن ومئات غيرهم من الفتية أنفسهم مضطرين للتسول من أجل تأمين الطعام لعائلاتهم بعد مقتل أولياء أمورهم أو فقدانهم مصدر رزقهم جراء الحرب الدائرة في البلاد.
يمن مونيتور/ صنعاء/ وكالات:
ما إن تتوقف السيارة في وسط صنعاء، حتى يهرع خمسة أطفال اليها: واحد يرش سائلا على الزجاج الامامي، وآخر يمسح الزجاج الخلفي، والثلاثة الاخرون يلتصقون بنافذة السيارة من جهة السائق طالبين منه المال.
يحاول السائق تجاهلهم، فيرفع زجاج النافذة بعصبية، لكن الاطفال الخمسة يكررون طلبهم مرة تلو الاخرى، على امل ان يبدل السائق رايه ليعودوا الى الرصيف بمبلغ يؤمن لهم وجبة طعام في مدينة تقف عند حافة المجاعة.
وجد الأطفال في اليمن ومئات غيرهم من الفتية أنفسهم مضطرين للتسول من أجل تأمين الطعام لعائلاتهم بعد مقتل أولياء أمورهم أو فقدانهم مصدر رزقهم جراء الحرب الدائرة في البلاد.
وقال أحمد القرشي، رئيس منظمة “سياج” المستقلة التي تعمل على تعزيز وحماية حقوق الطفل ومقرها صنعاء، إن “الأطفال هم أكثر من يدفع ثمن الحرب”، مشيرا في حديث وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن هناك ارتفاعا كبيرا في عدد الأطفال المتسولين في العاصمة.
وتحولت شوارع المدينة الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى ما يشبه منازل ثانية لهؤلاء الأطفال الذين يأكلون ويشربون فيها خلال فترة تسولهم المال والطعام.
في شارع القاهرة في وسط العاصمة التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون منذ ايلول/سبتمبر 2014، وبين ابنيتها التاريخية البنية والبيضاء، تنتقل عبير وشقيقها عبد الرحمن من سيارة الى اخرى.
وغطت الطفلة البالغة من العمر ثمانية اعوام رأسها بحجاب أرجواني، وكانت تحمل حقيبة ملونة صغيرة تضع فيها المال الذي يتصدق به عليها العابرون، بابتسامة وبحركة سريعة.
وتقول عبير وهي تمسك بيد شقيقها عبد الرحمن الذي وقف الى جانبها حافي القدمين “ليس لدينا ما نأكله. خرجنا الى الشارع لنجمع بعض المال او الطعام”.
ويتجمع معظمهم أمام المساجد والمطاعم، وتبدو على وجوههم وأجسادهم النحيلة آثار التعب والإرهاق جراء قلة الغذاء. ويجلس بعضهم قرب أمهاتهم اللواتي يبعن المحارم الورقية أو يمسحن زجاج السيارات.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من تدهور وضع الأمن الغذائي وتزايد معدلات سوء التغذية لدى الأطفال في اليمن. ويخشى البرنامج أن “جيلا كاملا يمكن أن يصاب بالعجز بسبب الجوع”.
وطلبت الأمم المتحدة الأربعاء 2.1 مليار دولار لتؤمن مساعدات هذه السنة لنحو 12 مليون شخص متضررين من النزاع في اليمن، أي قرابة نصف عدد سكان هذا البلد.
وقال مسؤول العمليات الإنسانية لدى الأمم المتحدة ستيفن أوبراين إن “سنتين من الحرب ألحقتا الخراب باليمن وبملايين الأطفال والنساء والرجال الذين هم بحاجة ماسة لمساعدتنا. ومن دون دعم دولي، فإنهم يواجهون خطر التعرض لمجاعة عام 2017”.
وذكر طبيب الأطفال أحمد يوسف الذي يعمل في أحد المراكز الصحية في صنعاء أن “سوء التغذية ظهر بشكل مفاجئ وبدأ يتصاعد. واليوم، لا الدولة ولا منظمات المجتمع المدني قادرة على توفير ما يلزم لمعالجة هذه الكارثة”.