كما توقعنا منذ فوزه في الانتخابات، وضع ترمب إيران على رأس أجندته السياسية، ما يؤكد أن مصالح الكيان الصهيوني هي المحرك لأكثر سياساته، سواء فعل ذلك لاعتبارات شخصية، أم لقناعة بأن الانحياز الصهيوني إليه هو ما سيكفل له الحماية من تقلبات الداخل الغاضب منه، والرافض لنهجه. كما توقعنا منذ فوزه في الانتخابات، وضع ترمب إيران على رأس أجندته السياسية، ما يؤكد أن مصالح الكيان الصهيوني هي المحرك لأكثر سياساته، سواء فعل ذلك لاعتبارات شخصية، أم لقناعة بأن الانحياز الصهيوني إليه هو ما سيكفل له الحماية من تقلبات الداخل الغاضب منه، والرافض لنهجه.
ليس بلا دلالة أن تكون أكثر اتصالاته الأولى، ومن ثم لقاءاته، ما تمّ منها، وما سيتم، ذات صلة بهذه المنطقة على وجه التحديد.
وكما أقنع المحافظون الجدد، وأكثرهم بنوازع صهيونية، ومسيحانية «أصولية»، بوش (الابن) بغزو العراق بدعوى «قرن إمبراطوري أميركي جديد» في الظاهر، وفي الباطن إعادة تشكيل المنطقة وفق المقاس الصهيوني بعد فشل مسيرة أوسلو ومدريد، ها إن ترمب يمضي في ذات الاتجاه على أمل أن يفضي ذلك إلى النجاح في فرض التسوية التي يريدها الصهاينة، والتي يعرف الجميع أنها لا تتعدى كيانا فلسطينيا على حوالي 10 في المئة من مساحة فلسطين، بدون سيادة ولا قدس ولا عودة لاجئين (قد يسمى حلا مؤقتا)، مع وجود مسار آخر يتمثل بترحيل القضية إلى الأردن عبر ضمّ السكان إليه، بمسمى فيدرالية أو كونفدرالية، وفي الحالتين تصفية القضية الفلسطينية، وفتح الباب على مصراعيه أمام الصهاينة لاختراق المنطقة.
في الحالة الأولى للتذكير، تم إفشال مشروع أوسلو «والشرق الأوسط الجديد» عبر تحالف قوى المقاومة والممانعة، والتي تصدرتها القوى الشعبية، إسلامية وقومية، وكانت إيران جزءا مهما منها، وحين جاء الغزو الأميركي للعراق كي يستدرك الأمر، تصدرت القوى الإسلامية (السنيّة) المقاومة ومشروع إفشال الغزو، فيما كانت القوى المدعومة إيرانيا تتواطأ معه، وإن ضمن حسابات انتهازية معروفة.
اليوم، مطلوب من ترمب أن يستثمر نتائج الحريق الذي أشعلته إيران في المنطقة، ونجاح الثورة المضادة لربيع العرب، ووجود نظام «صديق» في القاهرة، في تحقيق ما فشل فيه مسار أوسلو، ومسار الغزو الأميركي للعراق، ولا شك أن تدجين إيران هو جزء لا يتجزأ من هذه اللعبة.
والحال أن إيران لم تعد تشكل خطرا عمليا يذكر على الكيان الصهيوني، فهي مشغولة بمشروعها الطائفي عبر معاركها في العراق وسوريا واليمن، وهي من جاء بروسيا الصديق لإسرائيل إلى سوريا، لكن مرور المشروع يتطلب أكثر من ذلك، إذ يتطلب وقف برنامج الصواريخ بعيدة المدى كي لا يجري الإخلال. بالتوازن الاستراتيجي في المنطقة، بعد النجاح في شطب المشروع النووي، كما يتطلب وقف الخطابة الإيرانية ضد الكيان، ومعها ما تبقى من دعم لقوى المقاومة الفلسطينية، إلى جانب تدجين حزب الله كي يتوقف عن حكاية المقاومة خطابة وسلاحا، بعد أن أوقفها كممارسة بعد ترتيبات ما بعد حرب تموز 2006.
فكما فشل (مسار أوسلو)، وفشل للمفارقة حتى برفض من قبل أنظمة الاعتدال في البداية (نتذكر قمة الإسكندرية) الثلاثية منتصف التسعينيات قبل ظهور مشروع التوريث بمصر، وتاليا بدور كبير لقوى المقاومة والممانعة.. وكما فشل غزو العراق بتوقيع قوى المقاومة السنيّة، ومن ضمنها تنظيم القاعدة (المشيطن من إيران راهنا)، سيفشل هذا المشروع الجديد، لكن فشله يتطلب وقف هذا النزيف في المنطقة، الأمر الذي لن يتم من دون بعض الرشد من إيران التي كسبت عداء غالبية الأمة، والتي لن يجد بعضها حرجا في تمني سحقها من الأميركان.
بتفاهم إيراني تركي عربي، وسعودي بالدرجة الأولى، يمكن التصدي لهذا المشروع من أجل مصالح الجميع، لأن جنون ترمب لن يترك أحدا، حتى من أولئك الذين قد يفرحون باستهدافه الأولي لإيران.;
نقلا عن العرب القطرية