كتابات خاصة

الحوثي.. رؤية أمريكية جديدة

عدنان هاشم

هي المرة الأولى التي تصف الولايات المتحدة الأمريكية، جماعة الحوثي بأنها إرهابية تابعة لإيران في المنطقة، فقبل 20 يناير (كانون الثاني) الماضي كانت الجماعة-بنظر واشنطن- طرفاً يمنياً إلا من علاقات غير مقنعة وبسيطة مع إيران. تغير الوضع -فعلياً- فعندما تذكر تدخلات إيران في منطقة الشرق الأوسط على ألسنة المتحدثين في البيت الأبيض تظهر جماعة الحوثي بصفتها يد إيران التي تزعزع أمن واستقرار الممر الدولي (باب المندب).

هي المرة الأولى التي تصف الولايات المتحدة الأمريكية، جماعة الحوثي بأنها إرهابية تابعة لإيران في المنطقة، فقبل 20 يناير (كانون الثاني) الماضي كانت الجماعة-بنظر واشنطن- طرفاً يمنياً إلا من علاقات غير مقنعة وبسيطة مع إيران. تغير الوضع -فعلياً- فعندما تذكر تدخلات إيران في منطقة الشرق الأوسط على ألسنة المتحدثين في البيت الأبيض تظهر جماعة الحوثي بصفتها يد إيران التي تزعزع أمن واستقرار الممر الدولي (باب المندب).
تتجلى الحالة الأمريكية أكثر بدفع المدمرة (كول) إلى مضيق باب المندب بعد أن كانت في عملية اعتيادية في المياه الدولية، وهي ذات المدمرة التي تعرضت لهجوم عام 2000، في ميناء عدن وقتل فيها 17 بحاراً أمريكياً. تحليل للبنتاغون نشرته FOXNEWS الأمريكية تحدث أن استهداف الحوثيين للفرقاطة السعودية يوم 30 يناير(كانون الثاني) يحاكي استهداف (كول)، كما أن القوارب الانتحارية هو نمط الحرس الثوري الذي يستفز السفن الأمريكية في الخليج العربي حيث تقترب منها على بعد (300 ميل بحري) فقط. معتقداً أن الحوثيين اعتقدوا أن الفرقاطة أمريكية!
أدخل شعار “عودة أمريكا عظيمة مجدداً” ترامب إلى البيت الأبيض وعلى هذا المنوال تغيرت السياسة الأمريكية الخارجية من التهديدات فقط إلى اتباعها بخطوات تنفيذيه فيوم الخميس 2 فبراير (شباط) أعطى البيت الأبيض إشعاراً لإيران بسبب تجربتها البالستية ودعم الحوثيين الذين استهدفوا الفرقاطة السعودية، وفي اليوم التالي الجمعة 3 فبراير (شباط) فرضت واشنطن عقوبات على 25 كياناً إيرانياً. والأمر ذاته بعد اتهام الحوثيين بتهديد الممرات الدولية وإيران بتهريب السلاح إلى اليمن حولت المدمرة (كول) إلى مواجهة الحوثيين مع تعليمات باستهدافهم إن حاولوا استهداف أي سفينه، نحن أمام تغير جذري في السياسة الأمريكية الخارجية وهذا التغيير لن يكون بدون وجود عواقب أخرى.
تحركات الحوثيين ليست كلها بناءً على أوامر من “قاسم سليماني” والحرس الثوري فمن تحركاتهم الداخلية هي مسؤوليتهم لكن استهداف السفن التابعة للتحالف أو السفينة الإماراتية والمدمرة الأمريكية أكتوبر (تشرين الأول) تم التخطيط لها إيرانياً واستخدم فيها أسلحة إيرانية، كما أن السلاح المتطور- المضاد للدروع- الذي تقاتل به الجماعة هي أسلحة إيرانية-حسب تأكيد الأمم المتحدة، تقرير لجنة الخبراء 27يناير (كانون الثاني)- وهذا ما يعطي الخوف الأمريكي من استهداف خطوط الطاقة والسفن التجارية على المضيق.
تعتقد إدارة ترامب أن استهداف الحوثيين للسفن في البحر الأحمر يخرج المسألة من حالة الاشتباك الداخلي إلى إطار إقليمي ودولي. فقد أصبحت الجماعة خطراً على الممرات المائية الدولية وهو الأمر الذي فشلت فيه إدارة أوباما بتحييد الممرات المائية عن الصراع. يقوم مشروعون في الكونجرس بتجهيز قرار يتعامل مع تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، سيقدم خلال الأيام القادمة. وهو القرار الذي سيتحرك من خلاله في وضع كامل الثقل مع “الخليج” باليمن.
وتأكيداً لما اعتقد محللون -ومنهم الكاتب- أن ترامب سيتوجه في أولى أيام حكمه نحو اليمن لأنها الكاشف عن طبيعة سياسته الخارجية وموقفه من الحلفاء، فمن الواضح أن إدارته تبحث عن إنجاز سريع يستهدف إيران ويقوض نفوذها-الذي سمح به أوباما- فتعتبر اليمن معركتها الأولى والمهمة ضد إيران، إضافة إلى إظهار موقف واضح بدعم دول الخليج العربي، بما في ذلك توجيه ضربة مختلفة للتنظيم القاعدة. واليمن ستكون أسهل الملفات لتحقيق إنجازات سريعة.
كما أن إيران تختبر الرد الأمريكي في اليمن وكان استهداف الفرقاطة السعودية واحداً من تلك الاختبارات الإيراني على أفضل تقرير، لكن الرد لم يسعدها بقدر ما ظهرت ساعدة استهداف الفرقاطة في الإعلام الفارسي.
أما كيف ستتدخل الإدارة الأمريكية في اليمن فلم تستبعد مجلة فورين بوليسي في تقرير لها السبت 4 فبراير (شباط) التدخل العسكري الأمريكي في البلاد وخوض مواجهة مباشرة على الأرض مع الحوثيين أو نشر مستشارين عسكريين أمريكيين مع القوات الحكومية المحلية لمواجهتهم، بالإضافة إلى مواجهة مباشرة لطائرات بدون طيار داخل البلاد تستهدف أماكن الحوثيين، سيسبق ذلك كله تحرير الساحل الغربي للبلاد من سيطرتهم ويأتي نشر المدمرة كول في البحر الأحمر مع صلاحيات الاستهداف واضحاً باستخدام الصواريخ الموجهة، إضافة إلى ذلك يعتقد مسؤولون أن مدمرتين ستنضم إلى “كول” في تسيير دوريات بحرية لمراقبة الحدود البحرية لليمن وتملك نفس الصلاحيات.
إنها المرة الأولى التي تهاجم فيها الولايات المتحدة جماعة الحوثي وتعتبرها إرهابية (منذ بدء حربها على حربها على الإرهاب قبل 15 عاماً)، وكانت -أيضاً- المرة الأولى التي اطلقت واشنطن قذائفها باتجاه الرادارات في الحديدة بعد استهداف الحوثيين للمدمرة “ميسون”. وربما تكون المرة الأولى لواشنطن لمواجهة ميليشيا “شيعية” تابعة لإيران في المنطقة، لكن تداعيات ذلك على اليمنيين ستكون أكثر من كارثية، وعلى الحوثيين تقدير موقفهم جيداً فالمسألة بدأت تخرج عن السياسة إلى صوت المدفعية وصواريخ توماهوك ودخولهم في اتفاق يحول الجماعة سياسياً و يحل ميليشياتها ويعيد الدولة التي تحكم الجميع هو أفضل الحلول الآن وايمانهم بالمواطنة المتساوية هو السبيل الوحيد لتحولهم إلى حزب سياسي تحت مظلة دولة تحكم الجميع.
 *المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى