كتابات خاصة

تعز.. عنوان التضحية

فكرية شحرة

لن تصبح  تعز، التي صارت قبلة الدعاء بالنصر والثبات لتضحياتها العظيمة، ريشة في مهب الأطماع والمؤامرات التي تحاك ضدها. لن تصبح  تعز، التي صارت قبلة الدعاء بالنصر والثبات لتضحياتها العظيمة، ريشة في مهب الأطماع والمؤامرات التي تحاك ضدها.
ليست تعز التي يشوه خلودها العبث والانجرار للأهواء والأغراض المشبوهة.
ولن تمحى صورة المدينة الصامدة بمقاومتها الشريفة.
ستبقى تعز المقاومة تلك المدينة التي دموعها العطش، والتي تبعثرت أوجاعها على الجبال والمنحدرات على صور أكياس قمح ودواء وماء لا يروي الظمأ.
تعز من أطفالها جرحى يخافون وحشة القبور ويطالبون بالحياة بإلحاح القتيل، دمائهم تسقى الأرض في طابور البحث عن قطرة ماء قد تأتي خلسة من الموت فيدركها بغتة بصاروخ كاتيوشا فتزدحم الجثث.
تعز هي صرخة “فريد” مستجدياً ألا يدفنوه فما زال صغيرا يتمنى اللعب.
تعز هي “ندى أمين”، ذهبت كي تجلب الماء فأريق دمها.
تعز هي كل طفل ارتقى ألما وصدمة.
تعز هي أعضاء الجرحى المبتورة وأجسادهم التي تئن.
تعز  عصفور  طليق حبسه الحصار بين الجوع وضرب المدافع، هي حرة أبت الأسر فنهشتها رماح الغدر، هي مسيح المدن الذي صلب تكفيرا عن حقارة الخونة والجبناء..
تعز  بناسها البسطاء وأحلامهم الكبيرة وضعٌوا بين الرحى كي يشعلوا بدمائهم قناديل حرية تعرفها أفواهنا فقط ، فما زالت مكبلة بالخوف والصوت الخفيض.
تعز هي ذلك الشاب الذي غامر باختراق الحصار كي يحضر الدواء لوالده المصاب بالسرطان ثم اعتقل وغُيب، فمات الأب لا يدري مصير ولده؛ ليست حكاية تروى عن إنسانيتنا المعذبة، إنها تعز!
وذلك الأب الذي فر بأطفاله من قريته المنكوبة بالقصف لينسف حياتهم لغم أرضي زرع كما يزرع الحَبّ في الأرض.
وهذه ليست أقسى حكاياتك يا تعز.
ولا فتياتك اللاتي حملن السلاح دفاعاً عن الشرف كل مفاخرك في القلوب.
تعز صارت قصة شعب رفض الذل.
وحصار يضاهي في ملاحمه أقسى الحصارات لحياة الإنسان والأرض.
ففي تعز تم حصار الهواء فمات الأطفال اختناقاً في المستشفيات بلا أنابيب الأكسجين، وما زالت صرخة الأب الذي لفظ طفله الرضيع أنفاسه الخاوية من الأوكسجين تترد: “أشهد يا الله.. طفلي مات وهو بحاجة للأكسجين”.
سيذكر التاريخ حصار تعز الجائر وقتل الحياة فيها.
ستلعن الأجيال ذلك الذي لفظته تعز فحاصر الحياة فيها بالموت والحقد.
لقد امتلأت الجنان بأرواح أبناء تعز، وكم اشتاقوا قبلها للحياة فكيف يفرطوا بمجدها العظيم؟
لن يقبل الشرفاء من أبنائها أن يشوهوا هذه الملاحم ببعض الهفوات، لن تتحول تعز إلى لعبة بأيدي القتلة والمرتزقة من أبنائها.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى