من المدرسة إلى الجبهة.. الطلاب رأس حربة الحوثيين القتالية والفكرية (تقرير حصري)
يخوض الحوثيون معركة طائفية مع تعيين شقيق زعيم الجماعة “يحي بدر الدين الحوثي” وزيراً في الحكومة المشكلة مناصفة مع حليفهم الرئيس اليمني السابق في المناطق الخاضعة لسيطرتهم شمالي اليمن.
يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص
يخوض الحوثيون معركة طائفية مع تعيين شقيق زعيم الجماعة “يحي بدر الدين الحوثي” وزيراً في الحكومة المشكلة مناصفة مع حليفهم الرئيس اليمني السابق في المناطق الخاضعة لسيطرتهم شمالي اليمن.
وبدأ الحوثي (يحيى) عملية ممنهجة من ناحيتين الأول تعديل المناهج الدراسية واستقطاب الطلبة للدراسة في الحوزات الشيعية في العراق وإيران ولبنان، في منحاً إجباري نحو عملية فرز “طائفي” طويلة الأمد، الثاني: بتحويل الطلبة إلى بيادق يتم إرسالهم إلى جبهات القتال لمواجهة القوات الحكومية.
ومع إضراب المعلمين عن العمل في مدارس العاصمة، بسبب عدم صرف مرتباتهم منذ أغسطس/آب الماضي، قام الحوثيون بعملية إحلال لمعلمين جدد من المنتمين للجماعة، إلى جانب اشتراط إذاعات مدرسية عن “القتال و وجوب الجهاد في صفوف الجماعة” والمناهضة القوات الحكومية.
وأمس السبت قامت لجنة للحوثيين بدعوة طلاب مدرسة “الثلايا” الابتدائية في حي الدائري (سواد حنش) للقتال في الجبهات لبلوغهم السن الواجبة للدفاع عن صنعاء، كما قال معلمون لـ”يمن مونيتور”.
“الصرخة” في الطابور
في ذمار، قام مدير مكتب التربية والتعليم بالمحافظة بإصدار تعميم رسمي، موجّه إلى مدير عام بلدة الحدا ومدير مكتب التربية والتعليم فيها، أخبرهما أنه يجب مُخاطبة مدراء المدراس التابعة لهم إدارياً، وإبلاغ الطلاب بضرورة ترديد الهتافات، كشعار “الموت لأمريكا”.
وأوضح مصدر تربوي في مكتب التربية والتعليم بالحدا التابعة للمحافظة، لـ”يمن مونيتور” : حضرنا اجتماع دعا إليه مكتب التربية والتعليم بمديرية الحدا لمناقشة تعميم صادر من المكتب قضي بترديد شعار “الصرخة” بدلاً من النشيد الوطني للجمهورية اليمنية، وهدد مديري المدارس باغلاق جميع المدارس في حالة اصرار مكتب التربية بالمحافظة وجماعة “الحوثيين” على ترديد الصرخة في مدارس مديرية الحدا.
وتحدث التعميم الذي تلقى “يمن مونيتور” نسخة منه بلغة وطنية عما يحدث لليمن من “عدوان خارجي”، ثم قال: “هذا التدخل السافر على بلادنا يجعل الجهاد، والدفاع عن بلادنا، فرضاً واجباً على كل من يستطيع حمل السلاح، للدفاع عن كرامة وعزة هذه البلاد”. ثم جاء فيه: “يتم عمل تعميم لمدراء المدراس بتوحيد كل الإذاعات المدرسية والوقفات الطلابية حول لفظ ومواجهة دخول القوّات الأمريكية إلى اليمن، ورفع الطلاب لكل الشعارات والهتافات الوطنية المناهضة لأمريكا والمُعمّقة لروح الولاء والوطنية لدى الطلاب، وكذلك الهتافات المُناهضة لأمريكا، وعدم السماح بتسييس هذه الشعارات أو جعلها خاصة بفئة مُعينة، فمن الواجب على كل إنسان يمني أن يصرخ أمام أمريكا وعدوانها، واحتلالها لبلدنا، ونهب ثرواتنا ومقدراتنا”، ثم ضرورة قراءة هذا البيان في كل الإذاعات المدرسية.
الطلاب و”الدماء”
وفي مهرجانات الحوثيين، انطلقت “الحملة الوطنية” بقيادة عصام العابد مسؤول العملية التعليمية لبلدة شعوب في صنعاء: “مواجهة العدوان السعودي الأمريكي”، تم تدشين الحملة بحضور رسمي لافت على مسرح المركز الثقافي بمشاركة مدرسة سالم الصباح الخاصة بالبنات مع مدارس أخرى التابعة للبلدة.
حيث انطلقت الحملة بخطة سير اعتمدتها الإدارة التعليمية والنشاط المدرسي، وكلّفت أشخاصاً بالجلوس مع مدراء المدارس وإبلاغهم بتنظيم فعاليات تستهدف طلاب المدارس.
ونقل مراسل “يمن مونيتور” عرضاً مسرحياً بمشاركة طالبات من المدرسة لطخن وجوههن بالون الدم والطين، (حنان محمد) طالبة في ثانوية الصباح، قالت إنها تتدربت على الإلقاء بنفسها دون مساعدة من أحد وتقوم بدهين وجهها وأيديها بألوان الدماء والسواد لتوحي انها خرجت من تحت ركام القصف، كما تحلم حنان بحمل البندقية.
وتأثرت حنان بالمنهج التدريسي للجماعة حيث تعمل هذه الفعاليات على التغيير الفكري وبرمجة الطلاب، وخاصة الأطفال.
وتحمل الوسائل التعليمية جانباً من العنف الذي توجهه الجماعة ليترسخ في ذهنية الطلبة (الأطفال) وهو ما ينتشر بشكل واضح على جدارن المدارس في جرافيك يرسم بطولة المقاتل الحوثي، والعداء لقتلة “الحسين” حفيد الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي قتل قبل 1400 عاماً وضرورة الاقتداء به
“المدارس”.. ونقل السلاح
لجأ الحوثيون لاعتماد آلية جديدة في نقل الأسلحة واتخذت الجماعة نقل الأسلحة بجوار المدارس كنوع من الأمان وهروباً من غارات التحالف العربي ما يشكل خطراً كبيراً على الطلاب، حيث يتم تعريض منشآتهم التعليمية للدمار وتندرج في استخدامها لأغراض الحرب.
وأثارت عملية نقل للسلاح جماعة الحوثي الخميس الماضي جوار مدرسة شهداء الجوية الخاصة بالبنات في منطقة المطار شمال صنعاء رعب أهالي المنطقة، خوفهم من استقطاب الطيران الحربي إلى الضرب بالقرب من المدرسة.
حيث أفاد علي الراعي، أحد الآباء لـ”يمن مونيتور” إن هذه تعد جريمة بحق الإنسانية أن تتم عملية نقل للسلاح بجوار مدرسة تدرس فيها أكثر من 5 ألف طالبة، وأضاف: لم يجد “أنصار الله” سوى سور المدرسة المكان الآمن لكي يتم توزيع الأسلحة عبر آليات عسكرية ليتم إرسالهم إلى الجبهات.
ما أجبر عدد من أهالي الطلاب منع أبنائهم من الذهاب المدارس خوفاً من انفجار الوضع وحدوث عمليات عسكرية جوار المدرسة.
طلاب في ساحات “المعارك”
وأرسلت جماعة الحوثي المسلحة مجموعات من الطلاب القُصر غير المدربين من صفوف المدارس إلى جبهتي نهم والحدود اليمنية – السعودية في الثاني عشر من الشهر الجاري، من وسط حديقة الثورة للألعاب منطقة الحصبة.
وأكد مراسل “يمن مونيتور” ان المهرجانات المعدة من قبل المجلس المحلي بمديرية “الثورة” ومديرية “بني الحارث” وفي مديرية “معين” وفي بني حشيش جاءت في نطاق حملة “أشداء على الكفار”، حيث أرسلت الجماعة فيه طلاب مسجلين في صفوف الدراسة في المراحل الدراسية الاعدادية والثانوية، بمشاركة عشرات الطلاب الذين لم يتجاوزوا السن القانونية للمشاركة في العمليات القتالية من خلال تدريبات بدائية.
وقال محمد الحمزي، منسق في الجماعة، في حديث لـ”يمن مونيتور”: إن المقاتلين لم يتلقوا تدريبات كافية، ووصل مدة التدريب شهر واحد في عملية التدريبات العسكرية لأن الجبهات حاجة للمقاتلين.. وأضاف: سيتم استكمال تدريباتهم في الميدان على الواقع.
وأشار مراسل “يمن مونيتور” إلى انعدام الخبرة لدى الطلاب القُصر الذين قامت جماعة الحوثي بإرسالهم اليوم الخميس إلى مناطق القتال في نهم والحدود اليمنية السعودية، كما لم يتلقى الطلاب تدريبات قتالية كافية لدخول إلى معركة حقيقية.
ولقلة خبرة الطلاب الملتحقين لم يمتثل المدربين لأوامر القائد في الكثير من الأوامر بدءاً من الخطوات العسكرية التي بدت مرتبكة وغير نظامية من خلال العرض العسكري الذي تم تنفيذه أمام قيادات عليا من جماعة الحوثي انتهاءً بمغادرتهم وركوبهم على الآليات العسكرية التي نتج عنه إطلاق للأعيرة النارية رغم توجيه أوامر لهم بعدم إطلاق النار ما تسبب بخروج الأمر عن السيطرة ووصف عملية التدريب بالفاشلة من قبل بعض المنظمين.
“طباعة” ملازم الحوثي
تستمر الجماعة في آلية طباعة المناهج الدراسية والملازم التابعة للجماعة التي توزع على طلاب المدارس في الاحتفالات والندوات وحتى دور العبادة المسجد، وتتم عملية الطباعة التي يقوم بها الحوثيون للمنهج المدرسي والملازم بالاستعانة بمطابع المؤسسات التابعة للدولة.
كما أوضح ذلك أحد الفنيين العاملين في مطابع مؤسسة الثورة للطباعة والنشر، في حديثه لـ”يمن مونيتور”: تم إبلاغنا ان هذه الملازم سيتم إدراجها في المنهج الدراسي ونقوم بالطباعة بشكل مستمر وهي عبارة عن دفعات يتسلمها مندوب جماعة “أنصار الله” لكي يتم توزيعها على المدارس التابعة في ولائها لهم.
مضيفاً: رغم شحة الامكانات داخل المطابع إلا ان عملية الطباعة يتم انجازها سريعاً خاصة إذا ما كانت تخص الملازم، حيث أفاد المكلف بأخذ الملازم انها سيتم توزيعها مدارس.
مطابع مؤسسة الثورة للطباعة والنشر شهدت عشرات الطلبات التي تمت فيها الطباعة بمئات آلاف الملازم والمناهج التي تحمل فكر جماعة الحوثي الخاصة بزعيم الجماعة حسين بدر الدين الحوثي والتي طبع عليها الجدول المدرسي بهدف توزيعها على طلاب المدارس.
وتطبع من حين إلى آخر جماعة الحوثي المسيطرة على مطابع مؤسسات الدولة آلاف الملازم والمناهج التي يتم توزيعها على بعض مدارس العاصمة والمحافظات المسيطرة عليها.
تعبئة “حربية”
ويسعى الحوثيون إلى تعميم أفكارهم باستخدام إمكانيات ومقدرات الدولة من مدارس، وهذا ما يؤكده: ناصر صغير، موجه تربوي: “ان العديد من المفردات والمواضيع التي يضعها الحوثيين في المرحلة التعليمية هي في حقيقة الأمر تعبئة حربية وعسكرية ضد من يخالفهم، وهي بالتالي أفكار تكفيرية تبيح دماء المخالفين وهنا تكمن الخطورة”.
وأضاف لـ”يمن مونيتور”: “الخطورة تكمن في أمر خطير، فعندما يدرسون أفكارهم لأتباعهم هذا شأنهم، لكن الإشكال يتمثل في سعيهم لتعميم أفكارهم وفرضها على بقية أفراد المجتمع مستخدمة إمكانيات الدولة من مدارس وهذا برأيي أخطر شيء تسعى إليه الجماعة في عملية زرع بيئة خصبة لهم في الوسط التعليمي والتربوي.
الطلاب.. وقود الحرب
يعمل الحوثيون على استقطاب الطلاب كمقاتلين في الجبهات المختلفة. في عمران قام مدير التربية بزيارة المدارس، وحرّض الطلاب على المشاركة في القتال، وتم تسجيل حالات تجنيد لطلاب أطفال ذهبوا للنشاط العسكري دون معرفة والديهم.
وسجلت حادثة أم احمد أقسى أنواع القصص بخصوص استقطاب الطلاب من المدارس، وبينما كانت تحضر ملابس ابنها المدرسية وتعبث بما تبقى من أقلام وكراسات استعداداً لدخوله المدرسة مع بدايتها، فوجئت “أم أحمد” بصورة طلفها قتيلاً.
ولم تصدق عينيها، وهي ترى صورة ابنها ومكتوب عليها بأنه أصبح في عداد “الشهداء” بنظر الحوثيين، إذ قُتل وهو في صفوف الجماعة المسلحة بجبهة نهم شرقي صنعاء.
انهارت أم أحمد أمام جثة طفلها الذي لم يتجاوز الـ12 من عمره، في مشهد أشبه بالخيال، وهي قصة واحدة من بين مئات القصص التي ترددها عائلات في مناطق سيطرة الحوثيين.
ويقول “إسماعيل الجندبي”، أحد أقارب الطفل أحمد، “بينما كانت ام أحمد حسين الجندبي تقوم بجمع كتبه لإرجاعها للمدرسة وتستعد لتنفيذ إجراءات نقله إلى الصف السادس؛ طرق عليها بعض الجيران الباب وأعطوها صورة قامت جماعة الحوثي المسلحة بتوزيعها تثبت حقيقة مصرع طفلها في جبهة نهم وهو يقاتل مع الجماعة، ما تسبب بصدمة نفسية لجميع أفراد الأسرة وخاصة والدته التي لا تكاد تصدق الخبر إلى بعد مشاهدة طفلها جثة هامة لا تكاد تعرفها”.
وفي سؤال لـ”يمن مونيتور” عن معرفة أسرة الطفل وقتاله مع الحوثيين أجاب الجندبي: “للأسف كان والد الطفل يتصل لجماعة الحوثي ويسأل عن طفله ويردون له بأن أحمد لا يقاتل معهم، وليس موجوداً في جبهات القتال وإنما يقف في نقطة أمنية داخل العاصمة صنعاء” مؤكداً أن الحوثيين كذبوا على الأسرة، بعد أن قامت الجماعة بغسل دماغ احمد واستدراجه إلى جبهات القتال دون علمه لأدنى الفنون القتالية.
وتزج جماعة الحوثي بالمئات من الطلاب إلى محارق الموت، في معاركها العبثية، سواء في الحرب التي تشنها على المدن اليمنية أم في الحدود مع السعودية.