يكاد يتحول طرفا الحرب في اليمن: الدولة، والمتمردين إلى متخاصمين في محكمة غير عادلة ولا تستند إلى أية قواعد أو مرجعيات، وآن الأوان لكي يتطوع من يضمنهما في تنفيذ ما تطلبه مهما هذه المحكمة. يكاد يتحول طرفا الحرب في اليمن: الدولة، والمتمردين إلى متخاصمين في محكمة غير عادلة ولا تستند إلى أية قواعد أو مرجعيات، وآن الأوان لكي يتطوع من يضمنهما في تنفيذ ما تطلبه مهما هذه المحكمة.
ويكاد المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن يتحول إلى محامي الدفاع عن الانقلابيين الذين قرروا الإطاحة بالنظام الانتقالي، حين نراه بهذا القدر من الإصرار تنفيذ هذه الإرادة عبر خطة لو تم القبول بها فسوف تصبح ملزمة وقانونية، بل وسوف ترسي قواعد جديدة للمحاصصة الطائفية والجهوية، وسوف تخضع هذا الشعب لارتهان طويل الأمد للقوة ونفوذ من يهيمن على السلاح في صنعاء.
لفت نظري ما تسرب عن مسودة ولد الشيخ المعدلة والتي لا تزال تصر على تعيين نائب رئيس جديد، وكأن المشكلة تكمن في النائب الحالي الفريق علي محسن، الذي انحاز للشعب اليمني في 21 مارس/ آذار 2011، وانتصر للثورة الشبابية الشعبية السلمية.
بحسب هذه المسودة التي كشفت عنها صحيفة “عكاظ” السعودية، فإن الضامن على تنفيذ الحكومة لالتزاماتها تجاه خطة ولد الشيخ- كيري، هي اللجنة الرباعية، التي تضم واشنطن ولندن والرياض وأبو ظبي، فيما ستكون مسقط هي الطرف الضامن للانقلابيين فيما يخص التزاماتهم تجاه هذه الخطة.
تجرنا هذه الخارطة بعيداً عن حقوقنا وتطلعاتنا، وتحرمنا بصورة متعمدة عن رؤية الانقلابيين وهم يحصدون المر جراء جريمة الانقلاب التي ارتكبوها وقادت البلاد فيما بعد إلى أكثر الحروب الأهلية في تاريخ اليمن دموية.
يصر ولد الشيخ عبر هذه الخطة على إقناعنا بأن الحل يكمن في الإطاحة بالسلطة الشرعية، من خلال منح الحوثيين والمخلوع صالح فرصة تحقيق أهدافهم التي عجزوا عن تحقيقها يوم قرروا الانقلاب على النظام الانتقالي، وتوجه كهذا هو أكثر شيء يمكن أن يستفز أولئك الذين تلقوا الأذى من الميلشيا، وهم قطاع واسع من اليمنيين الذين دفعت بهم الحرب إلى وضع مأساوي لم يسبق له مثيل.
هناك متغيرات مهمة على الساحة، نتيجة الحرب التي تخوضها الحكومة بإسناد من التحالف العربي، الذي يتم بالتقسيط المريح، إذ يمكن الحديث عن انتصارات تحققت للحكومة والمقاومة التي تساندها وهي حقائق تدعم جدوى تدخل التحالف العربي في اليمن.
ومع ذلك لا تزال المعارك تدور بالوتيرة ذاتها من البطء، حتى في أكثر المناطق أهمية من الناحية الاستراتيجية كما هو الحال في منطقة نهم إلى الشرق من العاصمة صنعاء، وفي منطقة باب المندب، وفي محافظة تعز رغم توفر كل الإمكانيات للتسريع في إيقاع هذه المعارك.
وفي الجانب السياسي يلاحظ أن التحالف العربي ينخرط في محادثات سياسية حول مستقبل الحرب في اليمن بقدر لا يمكن احتماله من التهميش للسلطة الشرعية، إذ لا يمكن فصل المقترحات المستفزة التي تضمنتها خطة ولد الشيخ- كيري، عن المعرفة المسبقة للقوتين الرئيسيتين في التحالف: الرياض وأبو ظبي.
لكن لا تزال لدى المراقب منا شكوكٌ حيال أبعاد هذه المعرفة وهل هي جزء من تقاسم القناعات حول المقترحات التي تضمنتها الخطة أم أن الرياض على وجه الخصوص لا ترغب في التصادم مع التوجهات الأمريكية التي عبر عنها بشكل قوي جداً الوزير المنتهية ولايته جون كيري، فكانت تكتفي بالإيعاز للحكومة لإبداء المواقف المتشددة من الخطة، والتي عبر عنها الرئيس هادي بقوة وأدت إلى إجراء تعديلات في تفاصيل الخطة.
فهل آن الأوان لأن يغير التحالف من أسلوب تعاطيه مع الملف اليمني بصورة تسمح بحضور أكبر للحكومة الشرعية في حسم قضايا هذا الملف، بحيث يبقى التحالف العربي سنداً يقدم الدعم لسلطة شرعية طلبت العون، وفقاً لما تقضي به الأعراف والقوانين الدولية، ويتحرر أكثر من عبء إدارة الأزمة منفرداً ومثقلاً بالوقت نفسه بالضغوط الخارجية التي تتعامل مع التحالف باعتباره نادي من الدول الغنية التي تحارب في بلد فقير هو اليمن، وهذا البلد يخص الحوثيين دون سواهم بحسب ما تسوقه المنظمات الدولية في الدوائر الغربية ووسائل الإعلام.