كتابات خاصة

في البدء.. كان الموت

أحمد الرافعي

في عهد الحوثي تتعدد أسباب الموت بإسراف، وتختفي أسباب الحياة. أسباب الموت في عصر الحوثي طليقة تتحرك بكامل حريتها في كل الاتجاهات بلا أوقات دوام. جاءت مسيرة الخراب الحوثية لتعلي من شأن الموت.. في شعاراتها وخطابها الإعلامي، والذي تحتفي فيه بالموت وتمجده وتجعل الموت هو اللصيق الحتمي للاخر وبغير هذا الخطاب الإرهابي لا يمكن للحركة الحوثية العيش من دون اصطحابه في كل خطاباتها الاعلامية.. وبعكس كل الأفكار والتحركات الانسانية التي تحتفي بالحياة وتقفل كل الدروب التي تفضي إلى الموت: صاغ الحوثي فاتحة التعريف به، وبتحركاته بكلمة الموت.
في البدء كان الموت!
في عهد الحوثي تتعدد أسباب الموت بإسراف، وتختفي أسباب الحياة. أسباب الموت في عصر الحوثي طليقة تتحرك بكامل حريتها في كل الاتجاهات بلا أوقات دوام. وينتقي الموت من فضائه ضحاياه، فلم يعد الحذر هو ما يبعدك عن الموت ولا حتى الحِذق. وصار الأمر أكثر من  أن نتذرع بالقضاء والقدر في مقابل هذا الكم اللامحدود واليومي العبثي من حوادث الموت أوالقتل! 
ثم من الذي يموت في مناطق ما تحت سلطة الحوثي؟
اللص لا.. المجرم؟.. لا. النافذ.؟.. لا
يموت المسالم الذي لازم بيته، تأتيك الرصاصة وأنت تمشي في الطريق في صباحٍ باكر! وأنت في سوق القات تبحث عن سبب للمتعة والنسيان! في المستشفى الذي ذهبت ايراداته للمجهود الحربي وخلا من الحقن المنقذة! وأنت في دكانك تبحث عن لقمة العيش. يأتي لطالبه نازحة تنام خلف الستار والنوافذ في سكنها الجامعي. تأتيك الرصاصة الطائشة من أحد الأعراس! الأعراس التي  صارت دليلاً للموت في زمن الحوثي!
نشر الحوثي ثقافة الإحتفاء بالموت والإحتكام المتسرع للسلاح، فهو كما تحشرج زوامله يحتكم إلى خشوم البنادق والمعابر! وهكذا يدوس الحوثي على إحساس الناس بجمال الحياة. ويقذفنا إلى دوامة الموت اللانهائية!
هذا ما يلاحظه المرء وهو يفكِّك خطاب الحوثي الاعلامي ومادته الثقافية التي تشكل كلمات زوامله وملازمه.
ماذا لو عاش الحوثي في بيئة سلم؟ كان سينتج ألف سبب للالتفاف على هذا السلام، وصبِّ زيت الاحتراب فيه.
العنف والقلق والصخب وفقدان السكينة شروط وجودية وضرورية لدى الحوثي للبقاء. تأملوا معي حال المناطق البعيدة عن ساحة المعارك ومنها (إب والحديدة وذمار)، كم هم الذين يقضون نحبهم وبأسباب عبثيه؟ كثير، بلا شك.. وكل حالة موت تمثل إدانة مباشرة أو غير مباشرة للحوثي. غاب ضابط السلطة الحاكمة المعنية بحفظ حيوات الناس.. والتي كان الحوثي هو السبب الرئيس في تفكيكها وتهميش دورها والقضاء على آخر آمال الناس في حفظ حقهم في الحياة وتمرس الناس على عادة تشييع الجنائز.
وهي عادة يومية في زمن الحوثي.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى