آراء ومواقف

في وداع بطل «الرهينة»

مأرب الورد

اعتمد حكم الأئمة الذي قضت عليه ثورة 26 سبتمبر 1962 على نظام الرهائن في تثبيت وجوده وإطالة عمره وإخضاع الشعب له، والذي مثل أحد أبرز أشكال العنف والقمع السياسي لهذا الحكم، وكان من عدة عوامل عجلت في قيام الثورة وإعلان النظام الجمهوري.
اعتمد حكم الأئمة الذي قضت عليه ثورة 26 سبتمبر 1962 على نظام الرهائن في تثبيت وجوده وإطالة عمره وإخضاع الشعب له، والذي مثل أحد أبرز أشكال العنف والقمع السياسي لهذا الحكم، وكان من عدة عوامل عجلت في قيام الثورة وإعلان النظام الجمهوري.
نظام الحديد والنار الذي اتسم به حكم الأئمة، أوغل كثيرا في إذلال اليمنيين الذين لم يكونوا مؤيدين له، لولا أن الظروف حينها لم تكن مهيأة للثورة ضده وقد جاءت لاحقا بعد سنوات، وحررت الرهائن الذين كان يأخذهم الإمام الحاكم لضمان ولاء القبائل والضغط عليها كي لا تثور عليه.
في نهاية الخمسينيات كانت السجون تعج بقرابة خمسة آلاف رهينة أغلبهم من صغار السن والشباب، بخلاف من قضوا بسبب الجوع والأمراض والتعذيب، وبلغ التعسف والبطش درجة لا يمكن تخيلها، إذ كان الإمام يلزم أهالي أي رهينة يموت بسجونه بالإتيان بمن يحل مكانه، مع أنه مات تحت التعذيب وسلبت حريته دون مبرر.
ويعد الروائي اليمني الراحل زيد مطيع دماج أفضل من عبر عن تلك الأساليب القمعية بعمل أدبي واقعي في روايته «الرهينة» الصادرة عام 1984 والتي تعتبر واحدة من أهم 100 رواية عربية خلال القرن الماضي، حسب استطلاع اتحاد الأدباء والكتاب المصريين عام 2000م.
انتشرت الرواية على نطاق واسع وترجمت إلى عدة لغات بينها الفرنسية والإنجليزية والألمانية والروسية وطبعت عدة مرات، وتناولها بالنقد الأدبي والتحليل السياسي والتاريخي أدباء وباحثون من مختلف الدول.
وتلخص الرواية قصة الرهينة ابن عمه الذي كان طفلا حينها بنفس سنه وأخذه عساكر الإمام يحيى بن حميد الدين عام 1944 من قريته بمحافظة إب، عندما لم يجدوا عمه أبوزيد مطيع دماج الذي غادر إلى عدن بجنوب البلاد والواقعة آنذاك تحت الاحتلال البريطاني، ليكون مع رفاقه في الحركة الوطنية المعارضة للإمام.
وحتى وفاته بداية العام الجديد، لم يكن الكثيرون يعرفون أن هذا الرهينة الذي سجن سنوات في قلعة القاهرة التاريخية بمدينة تعز هو الأديب والشاعر أحمد قاسم دماج رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب اليمنيين لعدة دورات، والمناضل الجمهوري وأحد رواد الحركة النقابية في البلاد.
من بين 12 رهينة كانوا مغيبين بالقلعة، توفي 10 منهم جراء التعذيب والجوع والمرض وبقي أحمد قاسم أو الأستاذ كما كان يلقب وصديق له، وعقب عودته للقرية كان عمه قد سبقه إلى هناك وأخذ على عاتقه مهمة تعليمه ليعوض ما فاته ويسابق الزمن.
تجسد الرهينة وبطلها حقيقة القهر والاضطهاد لحال اليمنيين في عهد الأئمة، وفي نفس الوقت تصور توقهم للحرية والانعتاق وكسر سجن الطغاة الذي تحرر منه دماج وأمثاله عند قيام الثورة وإعلان النظام الجمهوري الذي ألغى التمييز بين الناس وأعاد الحكم للشعب ليختار من يريد بإرادته الحرة.;
نقلا عن العرب القطرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى