“الروضة”.. المستشفى الأكثر صموداً في وجه آلة الحرب بتعز اليمنية
مستشفى الروضة بمحافظة تعز، وسط اليمن، يعد الأكثر صموداً في وجه آلة الحرب التي طالت كل شيء بالمدينة. يمن مونيتور/ تعز/ من أحمد الصهيبي
لم تشفع الحرب لمستشفيات مدينة تعز اليمنية، بالبقاء مفتوحة الأبواب، تستقبل المصابين وتداوي جراحاتهم، بل تعرضت للقصف العشوائي و الممنهج وسقط جراء ذلك عشرات القتلى والجرحى.
وفي خضم المعاناة الاستثنائية للمدينة اليمنية الأكثر سكاناً وبؤساً وتأثراً بآلة الحرب الممهنجة، التي قتلت سكانها وقطعت عنهم الماء والغذاء والدواء وحتى الأكسجين، خرج المستشفى الخاص، أمس الأول الاثنين، ليعلن أنه استقبل ما يزيد عن 15 ألف حالة جراحية خلال فترة الحرب التي فُرضت على محافظة تعز.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده المستشفى وحضره مراسل “يمن مونيتور”، أعلن فيه عن احصائيات الحالات والعمليات الجراحية التي قام بها وعدد الوفيات التي استقبلتها ثلاجات الموتى، بالإضافة إلى إجمالي المستفيدين من خدماته، واحتياجاته المستقبلية التي ستمكنه من الاستمرار في أداء عمله رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلد.
وحسب المستشفى فقد وصلت إليه ( 15664) حالة جراحية جديدة منذ بدء الحرب، كما قام بإجراء (3524) عملية جراحية كبرى، إضافة إلى (10262) عمليات صغرى، واستقبل قسم العناية المركزة لوحده (939) حالة، في حين وصلت حالات الإصابات الجراحية المترددة على المستشفى (56728).
وفي التقرير المفصل الذي عرضه المستشفى، أوضح أن ثلاجات الموتى استقبلت (3158) حالة متوفية، في حين استهلك الجرحى والمصابون (9450) اسطوانة أكسجين، بينما استهلكت مولدات تشغيل المستشفى 171 ألف لتر من مادة الديزل.
وفي الوقت الذي كان يؤدي الكادر الطبي في المستشفى خدماته الطبية والمجانية للجرحى والمصابين خلال عامين دون انقطاع، فقد تعرض المستشفى لعشرات القذائف العشوائية والمباشرة، التي دمرت أجزاء منه، في حين تعرض العشرات من رواد المستشفى للقتل أو الإصابة بسبب تلك القذائف.
ولم تنسى إدارة المستشفى في المؤتمر الصحفي الذي حمل شعار “عامان من الصمود والمقاومة” أن تعبر عن شكرها لكافة الجهات الداعمة التي وقفت إلى جانبها وزودتها بالأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية وعلى رأسهم مركز الملك سلمان للإغاثة الذي تبنى نفقة إجراء 150 عملية جراحية كبرى في المستشفى، بالإضافة إلى تقديمه المساعدات الطبية المختلفة من الأدوية والمستلزمات الطبية عبر عملية الإنزال الجوي وقوافل المساعدات البرية الأخرى، وكذلك ائتلاف الإغاثة الإنسانية-تعز الذي يعد أكبر الجهات المحلية الداعمة له.
الدكتورة إيلان عبدالحق، نائب مدير مكتب الصحة والسكان بتعز، استعرضت الوضع الصحي المنهار الذي مرت وتمر به محافظة تعز، وقالت أنه خلال هذه المرحلة الفارقة كان لمستشفى الروضة الدور الأكبر في استقبال الجرحى والقتلى خلال عامين دون توقف، في وقت غادر فيه الكثير من الأطباء المختصين من المدينة هربا من الحرب كما أغلقت عشرات المستشفيات أبوابها.
وأضافت الدكتورة إيلان: “لقد انفرد مستشفى الروضة باستقبال جميع الحالات الإسعافية التي كانت تستقبلها أقسام الطوارئ المختلفة بالمستشفى، وقدم لهم الرعاية الصحية الكاملة”، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن هناك “تقارير مغلوطة وكيدية رُفعت ضد مستشفى الروضة إلى مركز الملك سلمان، داعيةً المركز إلى تشكيل لجنة مراجعة وفحص للاطلاع عن قرب على كافة الاجراءات التي قام بها مستشفى الروضة لمعرفة حقيقة الوضع الذي يتنافى مع التقارير المغلوطة التي وصلته”.
وأعلن المستشفى عن الاحتياجات الضرورية حتى يتمكن من الاستمرار في تقديم خدماته الطبية خلال المرحلة القادمة، حصل “يمن مونيتور” على نسخة منها، موضحاً بأن أهم احتياجاته العاجلة تتلخص في ضرورة دعمه باحتياجات قسم العناية المركزة من الأدوية والمستلزمات الطبية والذي يتسع لـ 12 حالة، بالإضافة إلى احتياجه لمادة الأكسجين.
وإضافة إلى المستلزمات السابقة، فإنه يحتاج إلى دعمه بمادة الديزل لتشغيل المولدات والكهرباء، وكذا مستلزمات التعقيم والنظافة، كما أعلن عن احتياج المستشفى لميزانية تشغيلية لسداد مرتبات العاملين المنقطعة عنهم منذ ثلاثة أشهر، ومواجهة أعمال الصيانة اليومية للأجهزة الطبية والمختلفة التي أصبحت عرضة للتهالك بسبب الاستخدام المستمر دون توقف.
وتعاني مدينة تعز من أوضاع إنسانية وصحية صعبة جراء استمرار الحرب عليها منذ ما يقارب العامين، وتوقف عشرات المستشفيات عن تقديم خدماتها بعد أن أغلقت أبوابها، كما غادر عشرات الأطباء المختصين وأطباء التمريض للمدينة هربا من الحرب، بينما اضطر مستشفى الروضة الذي بقي بابه مفتوحا لاستقبال الجرحى إلى الاستعانة بمتطوعين وطلاب كلية الطب الذين لم ينهوا سنوات دراستهم بعد.
وخلال الزيارات المتكررة التي قام بها مراسل “يمن مونيتور” للمستشفى الأطول صموداً في تعز، والذي وثق فيه مئات الحالات من الجرحى الذي أصيبوا خلال الحرب، كما وثق الآثار التي تعرض لها نتيجة القصف العشوائي والمباشر، كما وجهت إدارة المستشفى في أكثر من مناسبة نداءات استغاثة للعالم والمنظمات الدولية عبر “يمن مونيتور” بسبب نفاد مخزونها من الأدوية والمستلزمات الطبية، وتطالب بضرورة سرعة إيصال تلك المساعدات لها، حتى لا تضطر آسفة إلى إغلاق أبوابها أمام مئات الحالات الجديدة والمترددة يومياً.
وفي الوقت الذي بدأت فيه الحرب، ظل مستشفى الروضة يزاول أعماله بإمكانيات محدودة وكادر طبي متطوع، في حين أغلقت مستشفيات الثورة والجمهوري –كبرى المستشفيات الحكومية في المدينة- أبوابها وعاودت فتحها بعد أشهر من بدء الحرب، لتخفف من أعباء المعاناة التي كانت تثقل كاهل مستشفى الروضة.