أولويات سياسية حكومية وسعودية في اليمن 2017م
يقدم التحليل أبرز الأولويات في أجندة السعودية واليمن خلال 2017م كقراءة لمفترض ما يكون. يمن مونيتور/ تقدير موقف/ من عدنان هاشم
خرجت اليمن من عباءة حرب ضروس خلال عام 2016م أشد قوة من تلك التي استمرت طوال عام 2015م، وبنهاية مارس/آذار من العام الجاري ستدخل الحكومة اليمنية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية العام الثالث من العمليات العسكرية ضد الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق.
ولا شك أن عامين من الصراع الداخلي سيتأثر مع طول مدة العمليات العسكرية بعوامل داخلية وخارجية عديدة، تحكمها الظروف العسكرية والاقتصادية والصراع الدولي العابر للحدود، ولأجل ذلك تحتاج الحكومة اليمنية لترتيب عدة أولويات كما أن أولويات مرتبطة بالمملكة العربية السعودية.
“يمن مونيتور” تسلط الضوء في هذا التقرير على تلك الأولويات التي يجب أن تكون على رأس الأجندة السياسية للحكومة اليمنية، كما سيسلط الضوء على أولويات -تحديات- المملكة العربية السعودية خلال العام 2017م.
أولويات الحكومة اليمنية
السياسة والأمن في المحافظات الجنوبية
تعد أولى أولويات الحكومة اليمنية مع بداية العام تأمين المحافظات والبلدات المحررة من الحوثيين، من ناحيتين، الأولى: الخلايا النائمة التي تدين بالولاء لـ”علي عبدالله صالح” وجماعة الحوثي المسلحة إلى جانب تأمينها من الهجمات الإرهابية للتنظيمات أبرزها “تنظيم القاعدة”. الثانية: تأمين الحكومة من الخلافات الجانبية التي قد تؤدي لانهيارها سياساً يشمل ذلك نبذ التعيينات على أساس المنطقة أو الولاء الشخصي وليس الوطني.
وذلك يتطلب إدارة كاملة للمحافظات المحررة وتمهيداً لعودة الدبلوماسيات والوفود، كما أن ثبات الرئيس اليمني والحكومة في إدارة أعمالها من عدن هو العامل المتغير الذي يؤشر إلى نجاح هذه الأولوية.
إن قدرة الحكومة اليمنية على مواجهة التنظيمات الإرهابية في المحافظات الجنوبية سيضمن أمراً مهما وهو قطع الطريق أمام التحركات (الداخلية في المحافظات الجنوبية) والخارجية (دول أوروبية) من أجل تحرك تحالف دولي لمواجهة تلك التنظيمات (الميليشياوية) في المحافظات الجنوبية في محاولة لحَرف مسار الهدف من استعادة الدولة إلى مواجهة الإرهاب.
الاقتصاد وتأمين الرواتب
تحتاج الحكومة اليمنية إلى تأمين رواتب كل الموظفين الحكوميين بناءً على قوائم البنك المركزي لـ” 2014م”، بما في ذلك الموظفين الحكوميين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ويمكن أن تجد الحكومة آلية معينة مع البنك الدولي والأمم المتحدة لإيصال رواتب هؤلاء الموظفين خلال شهر يناير/كانون الثاني الحالي. إن عدم قيام الحكومة بالاهتمام بالموظفين الحكوميين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين يعني الشعور بانفصال البلاد وتشرذمها في وقت تترك الحكومة موظفيها تنهشهم الأوضاع السيئة التي يزيدها حلفاء صنعاء المختلفين مرارة.
كما أن على الحكومة اليمنية والبنك المركزي التحرك سريعاً لإنهاء إجراءات خدمة “سوفيت” التي تمكن من تحويل الأموال من وإلى اليمن، والتي بسببها توقفت مسألة الواردات من القمح والاحتياجات الأساسية لليمنيين، قبل أن تتوسع رقعة المجاعة في البلاد.
مواجهة الحوثيين
وجود المسارين السياسي- الاقتصادي والعسكري للحكومة هو ما سيوصلها إلى استعادة الدولة ومؤسساتها من الحوثيين، وبغياب أحدهما يسقط مشروع استعادة الدولة. تضع القوات اليمنية المسنودة من التحالف العربي في أولوياتها تحقيق تقدم استراتيجي محوري يمكن من خلالها فرض مشروع استعادة الدولة على ما سواه من المشاريع.
ومن الملاحظ أن الفارق جوهري بين الخارطة السياسية والعسكرية لليمن عام 2015م و 2016، حيث أحرزت الحكومة اليمنية تقدماً ملحوظاً وأكثر تنظيماً وتخطيطاً وكل ذلك مرده على تشكيل وحدات جديدة من الجيش اليمني تدين بولائها لمشروع الدولة وللوطن وليس للجماعات والأفراد وقد تطلب ذلك وقتاً كبيراً للوصول إلى القوة الحالية التي تزيد عن 200 ألف من أفراد الجيش.
إن التحرك الاستراتيجي يتطلب تحرير محافظة تعز وتأمين السواحل الغربية للبلاد (أولاً) وحصار محافظة صعدة (ثانياً) واستنزاف الحوثيين في الدفاع عن صنعاء بعد حصارهم.
مشاورات السلام
الحديث عن مشاورات السلام يَصّعب تجنب مقارنة تحقيق استعادة الدولة دون مقارنة ذلك بمدى نجاح الحكومة اليمنية في تنفيذ تلك الأولويات التي تتحرك بشكل موازي ليثمر في نهايته في مشاورات السلام أمام تحالف الحرب الداخلية.
إن تحقيق الحكومة اليمنية لتلك الأولويات، يعني فرض السياسة التي تثمر مع الحوثيين وصالح، والتي ستتضمن إفراغ حواضنهم الشعبية في المحافظات الشمالية عندما ترعى الحكومة اليمنية موظفي الدولة وتسير أمور البلاد من عدن بأي آلية ممكنه، وعندما تتمكن الحكومة من حل عقدة البنك المركزي، إلى قطع الامدادات التسليحية لمسلحيهم بتأمين السواحل الجنوبية وحصار صنعاء وصعدة.
وحتى تتحقق تلك الأولويات سيكون الحوثيون أمام اتفاق يعيد الدولة ويأمن طريق المستقبل للجمهورية مجدداً.
أولويات المملكة العربية السعودية في اليمن
تقع اليمن في أعلى قائمة الأولويات السياسية للمملكة العربية السعودية، في إطار تأمين جوارها الجغرافي من التمدد الإيراني ومن تكوين ميليشيا مسلحة خطرة ذات أبعاد طائفية حاملة لمشروع استعماري جديد، لذلك فإن صناع القرار في الرياض أمامهم ثلاثة أولويات مهمة، وهذه الأولويات مرتبطة بعامل الوقت فكلما زادت المدة المطلوبة لتنفيذ الأهداف كلما دخلت فيها عوامل غير متوقعة قد تحول مسار العمليات وتعطلها.
إطالة أمد الحرب
لا يمكن محاسبة السعودية والتحالف العربي في إطالة أمد الصراع في البلاد، فإعادة هيكلة السياسة وفق الاختلافات القبلية والعشائرية والأحزاب السياسية والاجتماعي في اليمن أمر معقد ومن يعرف طبيعة هذه الفروقات كان سيعلن فشله في وقت مبكر، كما أن تأسيس جيش وفق عقيدة جديدة يأخذ سنوات وربما عقود. لكن إطالة الحرب مصحوب بتبعات وهذه التبعات تخص اليمنيين وتخص السعوديين، فالأزمة الإنسانية في البلاد تتصاعد كما أن التحالفات الواسعة (القبلية خصوصاً) قد تتقلب وقد تجد الحكومة والمملكة نفسيهما أمام حلفاء يدمرون ما يتم بناءه، ويبدو أن بعضاً من هؤلاء يحاول تفكيك معسكر التحالف والشرعية بالانتقاص من دولة الأقاليم ومخرجات الحوار الوطني.
كما أن الرياض تحتاج للإنطلاق في رؤيتها لعام 2030م، ومع انخفاض أسعار النفط وتكاليف الحرب المصحوبة بحالة اللاستقرار يعني مزيداً من تأزم تلك الملفات وتؤثر على الرؤية.
تفكك التحالف
يظهر بعض الحلفاء ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، تململاً مستمراً من التحالف أو لإنعكاس الخلافات في السياسة الخارجية الأخرى بخصوص دول المنطقة، وبخروج أحد الحلفاء سيؤثر على بقية الحلفاء الآخرين.
إن حرص الرياض على بقاء التحالف العربي متماسكاً دون خروج أو مواقف تظهر تناقضاً في اليمن هو مصدر قوة موقفها المحلي والدولي.
تدخل الدول الأخرى
تمر منطقة الشرق الأوسط بتدخلات دولية مستمرة تضع اليمن مع وصول الإدارة الأمريكية الجديدة على رأس أولوياتها، وبما أن المملكة العربية السعودية تتصدر مواجهة المد الإيراني في المنطقة العربية فإن اليمن ستكون محوراً رئيسياً لتدخلات من أجل التأثير على أمنها بُغية الحصول على مكاسب في ملفات أخرى، كما أن دولاً تسعى إلى تحويل أهداف عمليات التحالف في اليمن إلى هدف يتمثل في محاربة الإرهاب وهذا الأمر يعني-من وجهة نظرهم- مشاركة ميليشيا الحوثي في المواجهة كما يحدث مع الحشد الشعبي في العراق.
إن دولاً غربية تحاول تجربة دبلوماسيتها وقياس ردة الفعل الأمريكية -الإدارة الجديدة- تجاه الحلفاء التقليديين والأعداء، وهو ما يجعل اليمن في بؤرة تلك التجارب الدولية.
إيران تدفع باتجاه تحويل اليمن إلى حرب استنزاف للسعودية، وتبدو وجهة النظر الروسية مقاربة لها إن تجنبنا الخوض في تفاصيل أخرى تخص تلك العلاقة، إلى جانب رغبة دول أوروبية في استمرار بيع الأسلحة مع الأزمات الاقتصادية التي تعيشها.