قراءة في شكل اتفاق “السلام باليمن” بناءً على بيان الرباعية الدولية وسلطنة عمان
جاء بيان الرباعية الدولية (أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات) إضافةً إلى سلطنة عمان والمبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد ليضفي تأكيداً دولياً على ضرورة المرجعيات الدولية وتسلسل الخطوات الأمنية والسياسية في “اتفاق السلام” المأمول في اليمن. يمن مونيتور/ تقدير موقف/ من عدنان هاشم:
جاء بيان الرباعية الدولية (أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات) إضافةً إلى سلطنة عمان والمبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد ليضفي تأكيداً دولياً على ضرورة المرجعيات الدولية وتسلسل الخطوات الأمنية والسياسية في “اتفاق السلام” المأمول في اليمن.
ويصعب التكهن بإيجاد منتصر في الحرب التي تدور منذ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014م بالرغم من أن الحكومة اليمنية قد أحرزت تقدماُ واسعاً وأصبحت تحاصر الحوثيين في صنعاء ومعقل الجماعة بمحافظة صعدة شمالي اليمن.
يشير البيان الذي جرى إعلانه الأحد الماضي إلى التأكيد على ثلاثة أمور:
الأول: “تسلسل الخطوات السياسية والأمنية، التي تمثل الخطوط العريضة لاتفاق شامل و سيتم تسوية التفاصيل في المفاوضات”. وهي على خلاف الرؤية المقدمة من ولد الشيخ أحمد يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول التي ألحت وقسمت التفاصيل وفقاً لرؤية كان تحالف الحرب الداخلية (الحوثي/صالح) قد قدمتها في يوليو/تموز أبان مشاورات الكويت الفاشلة.
الثاني: “تلك المقترحات الواردة في القضايا التي سيتم التفاوض بشأنها بين الطرفين، أكد وزراء أن التدابير المنطوق بها لا تصبح نافذة المفعول حتى توقع جميع الأطراف على اتفاق شامل”. وهي تفسير أن الاتفاق لن يسبقه أي تدابير عدا اتفاق وقف إطلاق النار الذي يناقش بناءً على اتفاق 10 ابريل/نيسان.
الثالث: “نقل السلطات الرئاسية لن تتم حتى تبدأ الأطراف تنفيذ جميع الخطوات السياسية والأمنية”. ويعتقد أن هذا الشرط الذي فُرض مؤخراً بأن نقل سلطات الرئاسة اليمنية إلى نائب جديد أو حكومة توافق وطني جديدة سيتم بعد أن يسلم الحوثيون السلاح وينسحبون من المدن وبدء الشروع في تعيينات سياسية وهو ما سيفسر في ذات البيان في السبعة العناصر للأمم المتحدة المقدمة في مقترحات 23 أكتوبر/تشرين الأول.
وقدم البيان سبعة مقترحات كانت الأمم المتحدة قد تقدمت بها في أكتوبر/تشرين الأول، وحسب تسلسلها فإن الخطوات الأمنية المتسلسلة التي تلزم الانسحاب من المدن (المدن الرئيسية صنعاء وتعز) وفيها يلزم الحوثيون بتسليم سلاح “الصواريخ البالستية” إما إلى الحكومة أو إلى طرف ثالث تابع للأمم المتحدة أو دولة يتفق عليها الطرفان. يتبع ذلك تعيينات الانتقال السياسي وهذه التعيينات ستكون بيد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وبمقاربتها مع رؤية ولد الشيخ المقدمة فسيتفق على أسمائها بين الطرفين (الحكومة اليمنية) و (الحوثيين وصالح).
ينتقل تسلسل البيان إلى العنصر الثالث والذي يشير إلى “استئناف المشاورات مع الأمم المتحدة بناء على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار وقرار مجلس الأمن 2216 والقرارات الأخرى ذات الصلة”، وقد يحدد فيه مستقبل المشمولين بالعقوبات الأممية لـ”علي عبدالله صالح ونجله (أحمد) وعبدالملك الحوثي وشقيقه (عبدالخالق) وأبوعلي الحاكم”، وقد يحدد فيه شكل الحكومة والوزراء والمناصب وإدارة الدولة في المرحلة الانتقالية ومدتها.
ويأتي العنصر الرابع والذي ينص على انسحابات جديدة للحوثيين من بقية المحافظات، بعد تسليم السلاح، وعلى أساس ذلك يأتي العنصر الخامس وهو توقيع الاتفاقية، وفي حال لم تنفذ أياً من العناصر الأربعة السابقة لن يكون هناك توقيع للاتفاق ولن تنقل صلاحيات الرئاسة، وسيخمد الانتقال في منتصفه.
ويبدو أن المناط بهم تنفيذ الإجراءات السابقة ستكون الوفدين المشاركين، إضافة إلى لجنة التهدئة التي قامت بناء على اتفاق 10 ابريل/نيسان الماضي (لجنة ظهران الجنوب)، ويأتي بعدها مؤتمر المانحين لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتبدأ بعدها الحكومة الوطنية التي كانت قد تم التحضير لها في بداية العنصر الثاني حوارا سياسيا من أجل وضع اللمسات الأخيرة لإنهاء خارطة طريق بالانتخابات ومسودة الدستور؛ كما يشير بذلك البيان.
حسب ما ذكره إسماعيل ولد الشيخ أحمد في حوار مع صحيفة الرياض السعودية، في عدد أمس الثلاثاء، فإن الرئيس اليمني كان مرتاحاً للاجتماع وللبيان الختامي وقال ولد الشيخ: “وأريد أن أؤكد لكم أنه قبل أي اعلان اتصلت بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وكان معي السفير محمد الجابر سفير المملكة لدى اليمن، وأطلعناه على تفاصيل الاجتماع وعلى البيان الذي سيخرج، وقد كان مرتاح له، وأؤكد بأنه لم يتم تجاهل الحكومة من هذه الاجتماعات بل إن عدم حضورهم كان بتنسيق مع الرئيس اليمني هادي”.
وينتظر الطرفين، خارطة طريق جديدة يضعها إسماعيل ولد الشيخ والتي ستضع بالحسبان الرؤية الجديدة للرباعية الدولية وسلطنة عمان، وكان ولد الشيخ قد التقى مع الرباعية في لندن وفي نيويورك (أكتوبر ونوفمبر/تشرين الأول والثاني) الماضيين.
ولا يبدو أن الحوثيين سيكونون على وفاق مع التسلسل الجديد لعناصر الأمم المتحدة، بالرغم من تأييدهم يوم 16 نوفمبر بخارطة الطريق المقدمة من الأمم المتحدة، ولم يصد موقف من تحالف الحرب الداخلية حتى الآن، ودعا البيان الحوثيين وعناصر من المؤتمر الشعبي العام إلى الانخراط بشكل عاجل على أساس الخطة الأمنية المبعوث الخاص للأمم المتحدة.
وحسب ما ذكره البيان فإن لجان التهدئة ستنتقل إلى العاصمة الأردنية عمان للاتفاق على وقف إطلاق النار وسيعلن بعد أسبوعين من وصولهم بناءً على اتفاق 10 ابريل/نيسان.
ولعل الإشارة إلى العاصمة عمان، بأنها ستستضيف اجتماعات لجنة التنسيق والتهدئة المعنية بالإشراف على وقف إطلاق النار، والتي كان من المقرر أن تعقد اجتماعاتها في ظهران الجنوب، في السعودية. إلا أن رفض الحوثيين حضور ممثليهم، أحبط ذلك، طوال الأشهر الماضية، فيما كانت عقدت اجتماعاتها الأولى في الكويت حتى 30 يونيو/حزيران الماضي. وبذلك، يبدو أن عدم الإشارة إلى ظهران الجنوب، وتحاشياً لعقدة الحوثيين بوجود اللجنة في المملكة العربية السعودية.
ويبدو أن الخطوة الأولى هي إيجاد وقف إطلاق نار “حقيقي” قبل الشروع في أي تحضيرات أمنية وسياسية، حسب ما قال ولد الشيخ بأن الخطوة الأولى التي سيعمل عليها هي بحث إمكانية الحصول على عملية وقف إطلاق النار، “ولكن هذه المرة وقف إطلاق نار حقيقي”. وأوضح أن هذا هو ما توصل إليه اجتماع وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات وعمان، الذين وضعوا خطة تحضيرية لوقف عملية إطلاق النار، وتدريب الأطراف عليها كافة، بحيث لا يمكن أن تقل عن ١٥ يوما، من يوم وصول الوفود إلى محطة الدورة التدريبية، ثم تتحول إلى واقع مطبَّق”.