كلما سمعت خبرًا عن اختطاف أشخاص، أفكر بالتركيبة السيكولوجية للحوثيين، ويتداخل التركيب الجيني مع المواقف التاريخية لأفعال السلالة المقدسة. ولأن أخبار الاختطاف لا تتوقف، وتقوم المليشيا بالاختطاف بالـ “كَوْرَجَة”، أصبحت مأساة تقييد الحريات والتلذذ بتنكيلها، حدثًا سائغًا، مثله مثل القتل والتدمير. كلما سمعت خبرًا عن اختطاف أشخاص، أفكر بالتركيبة السيكولوجية للحوثيين، ويتداخل التركيب الجيني مع المواقف التاريخية لأفعال السلالة المقدسة. ولأن أخبار الاختطاف لا تتوقف، وتقوم المليشيا بالاختطاف بالـ “كَوْرَجَة”، أصبحت مأساة تقييد الحريات والتلذذ بتنكيلها، حدثًا سائغًا، مثله مثل القتل والتدمير؛ لذا لم يعد خيالي يسرح، ليس خوفًا من مفسبك قروي يتهكم: استخرج من الأسطر السابقة كلمات هبلا؟ ويظن أن الجيني تصغيرًا لجني:
مُودخل الجني بالتاريخ؟
اقتنعت أن الموضوع لا يستاهل البحث، خاصة بعد خروج متحوث كان مختطفًا لدى مليشيا الحوثي نفسها، ظل ستة أشهر لا يعرف أين هو، وحين خرج حدثني عن طيبة الحوثيين، ونسى أنهم اختطفوه بسبب “علبة رصاص” اكتشفوه وهو يدسها جوار بطنه، غيبوه نصف سنة كنوع من تأديب اللصوص الصغار، أو كما يقول التعزيون:
مابوش سارق يسرق سارق!
أن يغدو الاختطاف عملًا روتينيًا ليس خطيرًا، الأخطر هي الفضائح المكشوفة التي تمتد كلما طالت فترة الاختطاف: تشييع مفاتن القبيلة، دفن وجهها الذي شوهه الحوثيون، وساق أبنائها ليدوس على أصوات المظلومين. نصرة المظلوم أصبحت مثل حقوق الإنسان، مجرد يافطات.
الحوثيون يدوسون على مقارم الأمهات. أمهات المخطوفين آخر ما تبقى لليمنيين من صور النضال في صنعاء.
عبدالخالق عمران، صحفي مختطف، يتقيأ دمًا. عمران صديق الجميع. بيانات الإدانة، هذه الأيام، لا تجدي نفعًا مع من يملك وجهًا يتورد من الخجل، فكيف سينفع مع من لا يملك وجهًا في الأصل.
عمران لم يؤذ أحدًا. هو أحد الذين يسارعون للاحتجاج ضد أي انتهاك.
عندما كان الأمن القومي يعذب صحفيًا حوثيًا، في عهد المخلوع، كان عبدالخالق ورفقته، في ساحة الحرية. انقلب الزمن، صار الصحفي الحوثي هو الأمن القومي الذي لا يخفي تلذذه بتعذيب من وقفوه معه ذات يوم.
للحوثيين مبرر ساذج يقولون لمن يسألهم من الجانب الدولي عن الصحفيين المختطفين: أسرى حرب.
أسرى حرب يقطنون في شقة بصنعاء، يدرسون ويعملون في التحرير الصحفي بمقابل ضئيل. حالات صعبة تستنهض دوافع الشتيمة للحوثيين ومبرراتهم. أتذكر صاحبي هشام طرموم، عندما كنا في الكلية أوقف قيده في السجل الدراسي بسبب الظروف، وها هي مليشيا الحوثي تكبله بقيد بسبب الظروف أيضًا. حالته مجهولة، بل لا أحد يعرف أين هو.
عصام، هشام، هيثم، الوليدي، وغيرهم الكثير في مآوي الخطف بلا تهمة.
ومؤخرًا يختطفون يوسف عجلان. يوسف الشاب اللطيف، الذي كافح أجور باصات النقل “بدباب دُب” كان يأتي به إلى الكلية. وكنا نضحك على الدقل العالي، أطول من يوسف ودبابه وبوابة الكلية، وأعلى الدقل ترفرف سارية ريال مدريد، وتشجيع الريال قد تكون سيئة لكنها لا تستحق الاعتقال، خاصة أن القيادي القيرعي يشجع الريال. هكذا سأمازح يوسف عجلان، المحرر في المصدر أون لاين قبل احتلال صنعاء.
خلف كل وجه قصة وسبعة أوجاع. مخطوفون يفضحون العته الذي نعيشه: كذبة نصرة المرأة المظلومة من قبل القبيلة، كذبة المنظمات الحقوقية التي ما تزال تعمل في صنعاء. حتى البي بي سي، التي تتميز بصناعة المواد المتعلقة بالإنسان، لم تجد في المختطفين قصة إنسانية وراحت تحاور “المخلوع المظلوم”.
خلف كل وجه مأساة، وخلف كل مأساة “مشرف حوثي” يقف بكل خسة ودناءة بالغتين، لو كانوا يعرفون شيئًا من المروءة لأطلقوا “أمين الشفق” بما يكتبه محمود ياسين. لا إن يغيبوه أكثر من سنة بذريعة تضحك الشيطان لو سمعها: كان ينوي أن يجلب الماء لأسرة عاطشة في تعز!.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.