أولئك الذين يسقطون في التفجيرات أناس مثلي ومثلك لديهم عائلات، أولئك الذين يسقطون في التفجيرات أناس مثلي ومثلك لديهم عائلات، وأحلام سامقات وهموم ليس من ضمنها الموت في تفجير انتحاري أو تمثيلي، مثلنا تماما لا يرغبون أن يصبحوا قصصا عن ضحايا تتناقلها الألسن والمواقع، لا يرغبون أن يكونوا أرقاماً تؤرشفها الأحداث لدى أطراف الحرب ومنظمات حقوق الإنسان وقد أٌهدر أعظم حق وهو البقاء على قيد الحياة.
هؤلاء كانوا مثلنا يرغبون في العودة إلى أسرهم وفي جيوبهم المرتبات ولم يدر بخلدهم أنهم ذاهبون لتسليم أرواحهم وليس تسلم ما يقيم هذه الحياة.
لا يعنيهم بعد الرحيل أن يوصفوا بالضحايا أو أن يوصموا بالعملاء، أن نبكيهم أو نكتب في قهرهم المراثي، كل ما رغبوا به أن يبقوا أحياء.
ربما لو قتلوا في معركة من أجل الوطن لهانت عليهم أرواحهم في بذلها، لكن أن يحصدوا كالهشيم من أجل غاية خبيثة وفكرة شيطانية استحوذت على كائن بلغ فجوره واستعلائه حد ازهاق عشرات الأنفس وكأنه يقول: أنا ربكم الأعلى..
أن تكون نهاية حياتهم كأضاحي و قربان من أجل ترسيخ فكرة أن عدن يسكنها الارهاب المستأسد في حضرة الشرعية، أن تكون مآسي عشرات العائلات مجرد لعبة سياسية تحركها أصابع صارت لعنتها تفوق لعنة الشيطان ذاته.
أن تصبح حاجة و فقر هذا الشعب مصيدة تقتنص فيها روحه.
تارة وهو يقاد بالريالات للموت من أجل غاية هو لا يدركها، وتارة وهو يتسلم راتبه الذي انتظره فلما أتى أطار بالقدوم روحه.
ماذا تبقى لنا في وطن لا يضمنا إلا أموات؟
وهل علينا أن نستسلم لقدر التفجيرات العبثية وننتظر حدوثها ثم نتباكى مما آل إليه حال الوطن من ضياع للأمان واستهانة بالإنسان؟
إننا نقدم القرابين من دمائنا ليس من أجل استعادة الوطن وإنما لنثبت أنه ذهب مع الريح فعلا، و أن الارهاب موجود فيه كوجودنا.
هذه التفجيرات لا تقتل الناس فقط إنها مقبلات كي يتم التهام الوطن كله بدعوى محاربة الارهاب؛ فاستنبات الارهاب يحدث فقط كي تجتاح الأوطان بدعوى محاربته.
وانتظارنا لتحرك الدولة ما هو إلا قبول بالإستغفال الممد منذ أول حادث ارهابي لم تكشف ملابساته وحتى آخر حادث يتم اعداده.
إن محاصرة الارهاب يجب أن يكون شعبي وتوعوي واجتثاث نباته المتسلق على أمننا وسلامة يمننا مسؤولية كل وطني لا ينتظر من قاتليه أن يعترفوا بجرمهم بل يقطع الطريق عليهم قبل أن يصلوا إليه.