التلفزيون الألماني: الحرب في اليمن تسببت في تفاقم سوء التغذية وحتى إعاقة الحركة
نشر تلفزيون دوتشيه فيله (DW) تقريراً عن المعاقين والمواطنين اليمنيين، حيث تفاقمت معاناتهم وانقطعت عنهم المساعدات الحكومية وغيرها وبات التسول وطلب الصدقة الوسيلة الوحيدة لمواصلة العيش. يمن مونيتور/ صنعاء/ متابعة خاصة:
نشر تلفزيون دوتشيه فيله (DW) الألماني تقريراً عن المعاقين والمواطنين اليمنيين، حيث تفاقمت معاناتهم وانقطعت عنهم المساعدات الحكومية وغيرها وبات التسول وطلب الصدقة الوسيلة الوحيدة لمواصلة العيش.
هذا هو حال ذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن في ظل الحرب الكارثية. والأدهى أن أعدادهم تضاهي عدد سكان دول خليجية.
على جانب شارع الستين وسط العاصمة اليمنية صنعاء يقعد الشاب المعاق حركياً أحمد سالم أملاً بالحصول على بعض المساعدة من بعض المارة ورواد أشهر معارض الملابس والمواد الغذائية في هذا الشارع الذي يعد من أخطر الشوارع السريعة في صنعاء. فأحمد يخاطر بحياته للوصول إلى هذا المكان زحفاً على ذراعيه ودون أي وسيلة للمساعدة، لعله يلقى بعض من يتصدق عليه بقليل من النقود ليسد رمق عيشه، فهو لم يعد يحصل على أي نوع من الرعاية منذ اندلاع الحرب في اليمن.
الحرب العاصفة في اليمن تكاد تكون بمثابة يوم “القيامة” على ذوي الاحتياجات الخاصة، فهذه الفئة الاجتماعية من السكان هُمشت تماماً، وحُرمت من كل سبل المساعدة في الوقت الذي تفوق أعدادهم في اليمن تعداد سكان بعض الدول الخليجية، رغم عدم وجود إحصائية رسمية لعدد ذوي الاحتياجات الخاصة قبل وأثناء نشوب الحرب منذ قرابة السنتين، إلا أن المشهد العام يولد انطباعا بأن أعدادهم في تزايد مستمر.
الشاب أحمد الذي يعاني من إعاقة في حركته، يعد نموذجاً لذوي الاحتياجات الخاصة المقاوم للموت في اليمن، فهو، كما يقول، يقطع مسافة ما يقرب من كيلو متراً زحفاً على ذراعيه من منزله إلى شارع الستين الجنوبي في صنعاء للقعود هناك والحصول على بعض المساعدة، حيث لم تعد أي جهة حكومية أو خاصة أو أهلية أو دولية تمنحه الرعاية بظل الحرب، ولا سبيل له سوى الخروج من منزله وممارسة التسول وطلب المساعدة من أهل الخير.
ظروف معيشية قاهرة ونداءات استغاثة
السيدة نعمة النهاري امرأة في الستينيات من العمر تعيل ابنتها الثلاثينية “حليمة” التي تعاني من الشلل تقول في حديث لموقع DWعربية إنها منذ اشتعال الحرب في اليمن لم تستطع الحصول على أي مساعدة حتى الدواء لم تعد تحصل عليه.
وتتابع :”ابنتي طريحة الفراش منذ 13 عاماً بعد أن أصيبت بالحمة الشوكية التي أفقدتها الحركة تماماً، كنت أحصل على المساعدة فيما يتعلق بالأدوية وبعض التغذية الخاصة “بحليمة” من إحدى الجمعيات الخيرية اليمنية، فضلاً عن تكفل صندوق المعاقين الحكومي بالمستلزمات الطبية التي تتطلبها ابنتي، لكن الآن لا شيء أحصل عليه ونحن في أمس الحاجة إلى الإغاثة”.
قصص ذوي الاحتياجات الخاصة اليمنيين في غاية المأساوية والألم بظل الحرب الكارثية التي تعيشها البلاد منذ 21 شهراً.
فقصة الشاب إبراهيم قاسم الذي تعرضت رجله اليمنى للبتر جراء الإصابة خلال الحرب التي شنتها الحكومة اليمنية “الشرعية” ضد القاعدة في محافظة حضرموت جنوب اليمن أواخر العام الماضي، تكاد تكون معبرة تماما عن واقع الألم الذي تعيشه هذه الشريحة الاجتماعية في اليمن.
” تعرضت للكسر والحرق في ساقي وقرر الأطباء بتر رجلي اليمنى، وأنا حالياً مقعد ولا زلت أعاني من التقرحات في رجلي الأخرى ولم أجد المساعدة لاستكمال العلاج وإجراء بعض العمليات الجراحية، الحكومة أوقفت كل المساعدات للمعاقين بمبرر عدم وجود السيولة المالية والمنظمات الخيرية أغلقت أبوابها بسبب الحرب” هكذا يلخص إبراهيم هموم ومعاناة مئات الآلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة في بلده الفقير أساسا.
ويواصل إبراهيم في حديثه لموقع DWعربية قائلاً: “الحرب أفسدت كل ما هو جميل في حياتي وحياة الآلاف من المعاقين. والحرب قتلت الأمل الذي كنا ننسجه نحن ذوي الاحتياجات الخاصة، ظروفنا قاهرة: نعاني الفقر والإعاقة وانقطاع للرعاية والمساعدات والعلاج وكثير منا يعيش حياة اللجوء وبلا مأوى”.
يأتي هذا في الوقت الذي كان صندوق المعاقين الحكومي وهو المؤسسة الأولى الراعية لذوي الاحتياجات الخاصة باليمن قد حذر أكثر من مرة من خطورة توقّف خدماته الطبية والعلاجية والتعليمية المقدمة للمعاقين لأسباب تتعلق بتراجع إيراداته التي توقفت جراء الحرب، داعياً الجهات الرسمية والمنظّمات الإنسانية كافة إلى وقف التداعيات السلبية والمضاعفات الخطيرة للحرب على المعوقين.
الحرب تضاعف أعداد المعاقين وتوقف المساعدات
في هذا الصدد أكد رئيس الإتحاد الوطني لجمعيات المعاقين عثمان محمد الصلوي في حديث لموقع DW عربية أن هناك الكثير من الصعوبات والمشاكل التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة، أهمها توقف عمل مراكز الرعاية المتخصصة بالتدريب والتأهيل، والذي ألقى بضلاله على توقف الخدمات الطبية والعلاجية للمعاقين، فهناك أكثر من 350 مركزاً ومنظمة ومعهد خاص توقف في اليمن بعد نشوب الحرب وانقطاع الموارد.
وإن كانت للحروب والصراعات التي شهدها اليمن خلال السنوات الماضية دوراً في ارتفاع أعداد المعاقين الذين يتجاوز أعدادهم (3.7)مليون معاق حركياً، وفق تقدير متواضع، فإن الحرب الدائرة حالياً خلفت ما يقرب من(92 )ألف معاق، وفقاً لإحصاءات الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين، “قصف الطيران وزراعة الألغام وخصوصاً في مدينة تعز جنوب اليمن تخلف يومياً عشرات المعاقين”، كما يقول رئيس اتحاد جمعيات المعاقين.
ويتابع “حادثتا قصف جبل عطان بالقنبلة الفراغية من قبل الطيران السعودي في 20 من أبريل/ نيسان 2015، وقصف الصالة الكبرى بصنعاء في 10 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تسببتا لوحدهما فقط بتعريض أكثر من (1000) شخص للإعاقة، منهم (40) شخصاً تعرضت بعض أطرافهم للبتر”.
مبادرات ضئيلة بظل الحاجة
وفي الوقت الذي تظل فيه جهود المنظمات الدولية والمحلية الساعية إلى مساعدة المعاقين في اليمن محدودة ومتواضعة لأسباب تتعلق بأوضاع الحرب، فإن بعض المنظمات الدولية تبذل جهود جيدة في هذا المضمار، فمثلاً، ووفقا لبيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، فقد تمكن قرابة (25,400) من المعاقين الاستفادة من الدعم المقدم من اللجنة الدولية خلال عام 2016، حيث حصل(12,800)مريض على العلاج الطبيعي وأنتج ما يزيد على(394) طرفًا اصطناعيًا و(5977 )مريضاً تمكن من الاستفادة من أجهزة تقويم العظام.
في المقابل وبجهود ذاتيه يسعى شباب متطوعون إلى تسليط الضوء على معاناة المعاقين ويبذلون جهودا، وإن كانت متواضعة، في جمع التبرعات لمساعدة أي من الأشخاص المعاقين كما تفعل الشابة المتطوعة حياة الذبحاني التي تقوم بجمع التبرعات للأسر الفقيرة وجرحى الحرب والمعاقين في تعز.
حياة الذبحاني في حديث لموقع DW عربية تقول: إنها وبمبادرات ذاتية ومن خلال تواصلها مع المتبرعين واستخدام النشر الإعلامي في مواقع التواصل الاجتماعي لضحايا الحرب وخصوصاً ممن تعرضوا للإعاقة تمكنت من جمع التبرعات لعشرات الحالات.
ولا تزال تداعيات الحرب في اليمن على آلاف المعاقين كارثية، فمحدودية الرعاية لهذه الشريحة تجعلهم أشد الفئات السكانية ضعفاً وحرماناً في ظل استمرار الحرب.