كاتب مراوغ وبطل مأزوم في صراع مع أب ثري
ترصد رواية “كسر مضاعف” للروائي المصري الشاب أمير حسين، الصراع الدائم بين الأب الثري، الذي يمهد إلى أن يكون وريثه قادرا على حمل العبء بعده، والابن الذي تشكل وفق رؤية مغايرة لما كان يتمناه الأب.
يمن مونيتور/القاهرة/ العرب اللندنية
ترصد رواية “كسر مضاعف” للروائي المصري الشاب أمير حسين، الصراع الدائم بين الأب الثري، الذي يمهد إلى أن يكون وريثه قادرا على حمل العبء بعده، والابن الذي تشكل وفق رؤية مغايرة لما كان يتمناه الأب.
يتوّقد الصراع دائما من قبل شخصية نبيل، الراوي، ما يجعله يتحكم في بنية النص تماما، فهنا يستطيع نبيل أن يمد النص بما يتوافق معه من حقائق، ولأن نبيل هو المتحكم الأوحد في النص فإنه يمنح القارئ بقدر ما يحتاج إلى الشفقة عليه ومواساته بغض النظر عما إذا كانت الأحداث حقيقية أم لا، وبغض النظر عن تأخير بعض الأحداث التي من شأنها تطور الحدث كمعادلة معيشية ليظهر الأب دائما في صورته القاسية، ويظهر نبيل في صورته الأحادية كمتلق وحيد لقسوة الأب.
وخلال الإغراق في صفحات الرواية، الصادرة عن دار الراية للنشر والتوزيع، يتطور الصراع ليمنح الأمر بعدا آخر، حيث يرمي نبيل -الابن- على والده تبعات ونتاج بعض الأحداث، بثقة وقناعة تامة، بحجة أن هذا النتاج ما هو إلا ثمار غرسه الخاطئ في نفسه.
طوال صفحات الرواية الـ140، يؤكد الروائي التعاطف مع نبيل بإخفاء بعض التفاصيل على المتلقي والتي من شأنها أن تعظم رؤية الأب وتجعله في منحاه الطبيعي جدا، كأيّ أب يخاف على ولده الوحيد ويسعى إلى تأهيله لاستحقاق ثروته ويضمن محافظته عليها.
وفي غمرة الأحداث يظهر المهر قمر والذي يشكل لنبيل معادلا موضوعيا لتماثله التام مع إعاقته من ناحية القدم، ومن الطبيعي جدا أن يرق قلب نبيل للمهر قمر كحالة من التوحد مع الحيوان الذي يماثله تماما، ولأن نبيل -كما صدر- هنا يعاني من النقص تماما كالمهر الذي يعاني العذاب وسط الأصحاء من الخيل.
تتعاظم الحالة بين نبيل والمهر لإدراك كليهما أن كلا منهما هو الآخر في مجتمعه، نبيل المحتاج إلى أب والحصان المحتاج إلى عون، وهنا يؤكد نبيل مرة أخرى تجاوبه الكلي مع حالة المهر حين وجده الأب حاشرا رأسه في السور، ونظرا لانعدام الأمل في شفائه فإن نبيل يصرح بأن الأب المدرك لذلك وافق على بيعه كطعام للأسود.
ولكن الأمر الذي يحسب للمؤلف هو قدرته التامة على امتلاك تفاصيل من شأنها ديمومة هذا الصراع بين نبيل والأب حتى بعد موت الأب نفسه من خلال الوديعة التي يرصدها الأب لنبيل.
وطوال الرواية، ظل أمير حسين يراوغ حتى النهاية تماما، ككل الأحداث التي ساق بها عددا من المبررات التي من شأنها إحداث حالة التعاطف في واقع يفترضه بطله المأزوم نبيل.