اخترنا لكمغير مصنف

حكومة الحوثيين بين الخدمة السياسية لـ”هادي” وكابوس يطارد شرعيته

تقدير موقف (خاص)تشكيل الحوثيين حكومتهم قدم خدمة سياسية مجانية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي كمبرر كافي للحسم والتحرر من الضغط الدولي لكنه في نفس الوقت قد يضر بالشرعية اليمنية إذا ما وجد الحوثيون البيئة الملائمة لإيجاد قبول دولي وهو ما سيسبب إزعاجاً للشرعية ودول التحالف.

يمن مونيتور/ تقدير موقف/ خاص:

جاء إعلان جماعة الحوثي المسلحة وحليفها الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح عن حكومة موازية في صنعاء، ليمثل خلطاً جديداً للأوراق في أزمة البلاد المستمرة منذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء في سبتمبر2014، لكنه يضع الحكومة أمام مبرر كافي من أجل حسم عسكري ليقطع بذلك الرفض الدولي مع مخاوف من تأثير جديد للحوثيين في السياسة الدولية لخلع الشرعية عنها.

جاء تشكيل الحوثيين حكومتهم في صنعاء ليعطي قبلة “الحياة” ومقدماً خدمة سياسية مجانية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الذي ظل يرزح تحت وطأة الضغوط الدولية بالتخلي عن صلاحياته لصالح نائب جديد وحكومة جديدة قبل تسليم الحوثيين للسلاح، لكنه في نفس الوقت قد يضر بالشرعية اليمنية إذا ما وجد الحوثيون البيئة الملائمة لإيجاد قبول دولي وهو ما سيسبب إزعاجاً للشرعية ودول التحالف.

صحيح أن حكومة الحوثيين لم تلقى أي اعترافاً محلياً ولا دولياً، بما في ذلك الحليف الأقرب لها “إيران”، منذ تشكيلها يوم الاثنين الماضي، لكنها تثير الخشية من استخدمها كورقة ابتزاز وضغط دولية ضد حكومة الرئيس اليمنية والتحالف العربي.

كان ملف السياسة الخارجية للبلاد صفحة بيضاء تخطه الحكومة الشرعية، ولم يكن تحالف الحرب الداخلية في صنعاء يملك تأثيراً فاعلاً فيه لانعدام شرعيتها أو من يمثلونها، ومع تشكيل هذه الحكومة بقدر ما تمثل عقبة أمام حل سياسي، ظل فريق الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يطارده حتى تبين في آخر المطاف أنه (سراب)، إلا إنها تمثل اختراقاً جديداً يزيد خشيه هادي وفريقه الحكومي من مزاحمة الحوثيين لـ”هادي” في الاقتراب من السياسة الدولية في ظل تراخي الحسم العسكري على الأقل فيما يخص تحرير محافظات الساحل الغربي للبلاد إلى جانب محافظة تعز.

مصادر تلك الخشية تأتي من السياسة المتغيرة، والمزاج المتقلب، للدول الكبرى بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، إلى جانب عدم وجود حليف إقليمي قوي مع السعودية في المنطقة العربية فالدول ذات التأثير تعاني من أزمات متلاحقة لا تنفك من واحدة حتى تلحقها أخرى، فمصر تعيش في دوامة ملاحقة جماعات الإسلام السياسي، والعراق وسوريا ضمن النفوذ الإيراني المعادي للسعودية والداعم للحوثيين.

في بيان صدر، اليوم الجمعة، لما يسمى وزارة الخارجية التابعة للحوثيين طالبت فيه بالمساواة مع من أسمتهم “أطراف الصراع في اليمن”، وأطلقت لفظ ميليشيا على الجيش اليمني الذي يواجهه مسلحيهم في جبهات القتال داخل البلاد، ويشير هذا المؤشر إلى الدافع من تشكيل “مجلس حرب” يدير المعارك السياسية والعسكرية وليس إدارة شؤون المواطنين في المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم.

في سوريا تعاني روسيا من انتكاسات إلى جانب حليفها نظام بشار الأسد مع اشتداد المعارك وتزايد الدعم (التركي –السعودي- القطري) للثوار المواجهين للأسد، ويمكنها استخدام الملف اليمني لممارسة ضغوط في الملف “اليمني” على دول الخليج (تحديداً السعودية وقطر) لمعرفة موسكو بمدى أهمية الملف اليمني بالنسبة للرياض.

يظهر أيضاً الموقف الأمريكي الذي اتجهت إليه مع رفض الحكومة اليمنية لمبادرة جون كيري والتي تنص على وقف إطلاق النار والعودة للمشاورات والإعلان عن حكومة توافقية بنهاية العام الجاري وفق خارطة الطريق التي تقدم بها ولد الشيخ، ومع ذلك لم ينتج تلك المبادرة بالرغم من إعلان هادي والتحالف العربي وقف إطلاق النار لمدة يومين لكنها لم تجدد بسبب ما قال التحالف إنها خروقات للحوثيين.

جون كيري الذي أعلن من مسقط مبادرته دون مشاورة الحكومة الشرعية، سبق أن أظهر التعامل بشكل متساوي بما أطلق عليهم “أطراف الصراع”، ولم يعطي انطباعاً عن اعترافه بالحكومة الشرعية منذ أغسطس/آب عندما أعلن عن خارطة الطريق والتي تبنتها الأمم المتحدة فيما بعد، لذلك يعتقد مراقبين أن تشكيل الحكومة التابعة للحوثيين كانت بضوء أخضر أمريكي بعد رفض هادي لمبادرته، ومن أجل تقديم آخر الخدمات للحوثيين قبيل رحيل أوباما عن البيت الأبيض في يناير القادم.

لا يبدو أن تشكيل الحوثيين لحكومة في صنعاء يأتي من أجل ممارسة ضغوط في المفاوضات التي تحاول الأمم المتحدة الوصول إليها بقدر ما هو عرقلة من أجل الوصول إلى التشاور، لكن المحصلة كما يقول الدكتور عبدالباقي شمسان أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء هي أن “تشكيل حكومة من قبل تحالف الحوثي-صالح أحدث واقعاً جديداً، وجعل النموذج اليمني يقترب من الليبي بعد ما كان يماثل إلى حد كبير النموذج العراقي”. بينما يرى الدبلوماسي اليمني السابق علي محسن حميد أن “الانقلابات لا تتأخر عشرين شهراً لتشكل حكومة، وأن من افتقد المشروع الوطني من البداية لن يُقنع أحداً بصلاحية وجوده اليوم”.-كما أشار الرجلين في تصريحات صحافية.

لقد أضافت جماعة الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام الجناح الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح عقدة جديدة إلى المشهد اليمني ومسيرة السلام بإعلان “حكومة” تمثلهم، وكتبت المشهد النهائي لمسرحية هزلية في فصول مفاوضات سياسية لم تكن يوماً حقيقية بقدر ما مثلت عصى لترويج سياستها وتسويق نفسها من أجل القبول الإقليمي، ولم يعد أمام الحكومة اليمنية إلا خيار التوغل عسكرياً في معقل الحوثيين بصعدة وتحرير محافظات الساحل وتعز، عدا ذلك فإن الحوثيين والقوات الموالية لـ”صالح” هي المستفيد الوحيد من التباطؤ في الوقت.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى