ورد الدكتور عبد العزيز المقالح في المقدمة التي وضعها للأعمال الكاملة لشاعر اليمن الشهيد محمد محمود الزبيري أورد الدكتور عبد العزيز المقالح في المقدمة التي وضعها للأعمال الكاملة لشاعر اليمن الشهيد محمد محمود الزبيري، بعضا من الرسائل والكتابات التي لم يسبق نشرها من قبل، ومنها وثيقة وجهها إلى الإمام يحيى مفندا فيها مزاعم الاستقلال الذي كان يتباهى به، وكيف أفرغه من مضمونه بسلطته التي لم يعرف التاريخ لها مثيلاً .
” لو أنكم فهمتم معنى الاستقلال وفائدته واستغليتم المركز الذي تتمتعون به في صالح الأمة لا في خرابها، أما وأنتم قد ركزتم همتكم ووجهتم أنظاركم لجمع مال الأمة من كل سبيل، ومزقتم شملها وهضمتم حقوقها وقبضتم يدكم عن إحداث أي إصلاح فيها وحاربتم الثقافة هذه الحرب الطاحنة، وبلغ البؤس بشعبكم في هذه الآونة أمداً أكل الناس الحمير والقردة وفتَّوا الروثة والبعرة ليأكلوا حطام الحبوب التي لفظتها أمعاء البغال والخيول، وحتى بلغ الناس من العنف والاضطهاد أن هاجرت النساء أفواجاً إلى عدن فراراً من عنف العسكر وامتهانهم، وهذه حقائق حاضرة نحن على أتم استعداد في البرهان عليها حتى لا يكون فيها لا شك ولا ريب ..”
ويصف الدكتور المقالح هذه الوثيقة في الدراسة التي كتبها حول الزبيري بأنها “أخطر وثائق الحركة الوطنية على الإطلاق” ويعلق فيها أيضا على الاستقلال بقوله إن “الذي كان يجري في صنعاء ليس من الاستقلال في شيء ولا حتى من الاحتلال في شيء، وأن الأوضاع التي كان يعاني منها شمال الوطن – يومئذ – لم يكن لها نظير. وإذا كان ذلك الجزء من الوطن قد حافظ – كما يقولون – على استقلاله بفضل تضحيات أبنائه لا بتضحيات الحاكم الفرد، إذا كان قد حدث ذلك، فقد ظل استقلاله شكلياً خالياً من كل مضمون، وقد أفرغه حكم الفرد من كل معنى ” .
وفي موضع آخر من الرسالة يقول أبو الأحرار ” نعم إنكم لم تسلموا البلاد إلى الأجانب ولكنكم قطعتم أوصالها وحطمتم قواها، وعطلتم مواهبها حتى إذا مدَّ العدو إليها يده وجدها لقمة سائغة وغنيمة باردة وسيشكر لكم العدو هذا الصنيع ويقدر لكم هذه اليد البيضاء”.
لم يكن الزبيري من فند دعاوى الاستقلال التي كان يروجها الإمام يحيى لتبرير سياساته المنغلقة، فالشاعر والمناضل عبد الله العزب عبر أيضا عن رؤية اليمنيين الأحرار إلى السياسة التي كان يتبعها الإمام، والتي رأوه فيها الوجه الآخر للمستعمر والغاصب للبلاد بقوله:
يحتل أقطار الورى غاصب
“محتلنا” منا، ومن أرضنـا
يسطـو علينـا زاعـماً أنـــه
يذود عنا، عن حمى عرضنا
* محمد محمود الزبيري الأعمال الشعرية الكاملة ص387، إصدارات وزارة الثقافة والسياحة – صنعاء، 2005م.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.