بل أسبوع من استشهاد المصور الصحفي والزميل أواب الزبيري، وجدت هذا السؤال موضوعاً علی صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ولم يكن أحد يعرف ما معنی أن يضع إنسان سؤالاً عن معنی الحياة قبل أيام من استشهاده، ثم يرحل بصمت تاركاً علامات استفهام تستدعي مراجعة حقيقية لمعرفة حجم الحقد الذي يطال كل شيء، ولم يستثن حاملي الأقلام وعدسات الكاميرا. قبل أسبوع من استشهاد المصور الصحفي والزميل أواب الزبيري، وجدت هذا السؤال موضوعاً علی صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ولم يكن أحد يعرف ما معنی أن يضع إنسان سؤالاً عن معنی الحياة قبل أيام من استشهاده، ثم يرحل بصمت تاركاً علامات استفهام تستدعي مراجعة حقيقية لمعرفة حجم الحقد الذي يطال كل شيء، ولم يستثن حاملي الأقلام وعدسات الكاميرا.
ليس أواب وحده من يضع هذا السؤال، فمدينة تعز التي تعج بمئات آلاف من السكان يجدون أنفسهم مجبرين لا إرادياً علی طرح السؤال نفسه في ظلّ استمرار القصف الهمجي علی الأحياء السكنية، ومعه الحصار الجائر المفروض منذ عام ونصف العام علی المدينة، وإن كسر جزئياً من الجهة الغربية.
قضى الزميل الصحفي أواب في أثناء تأديته واجبه المهني والأخلاقي في كشف جرائم المليشيات في حي العسكري شرقي مدينة تعز، وصعدت روحه الطاهرة إلی بارئها بعد سقوط عمارة مفخخة من ثلاثة أدوار، كان يوجد داخلها رفقة ثلاثة آخرين من أفراد الجيش الوطني، حيث ارتقی أواب، لكن سؤاله الأخير الذي طرحه لا يزال حاضراً بقوة علی الساحة الإعلامية في اليمن عموماً، وتعز خصوصاً، والإجابات متعدّدة علی امتداد الخارطة المفخخة والمآسي المتواصلة في أكثر من مكان.
حياة مفخّخة يعيشها أبناء تعز بسبب الألغام والعبوات الناسفة التي تتوّزع بشكل كبير شرقي المدينة، بل وصل الأمر إلی تفخيخ منازل المواطنين التي لم يتم تفجيرها من قبل، ومع كلّ يوم يكون أبناء تعز علی موعد مع شهيد جديد وقصة جديدة من فصول الجريمة التي يمارسها طرفا الإنقلاب بحق تعز وسكانها الحالمين بحياةٍ كريمةٍ، لا يزرع فيها غير الحب والسلام.
يمارس الإعلاميون والصحفيون والناشطون في تعز عملهم في منطقة خطيرة جداً، لا تقل خطورة عن مناطق سورية والعراق، وقد تعرض كثيرون منهم لنيران مباشرة من عناصر الميليشيات في أثناء وجودهم لتغطية الأحداث وتوثيق المعارك الدائرة في أكثر من جبهة، وكلّ ما ينشدونه من هذه المغامرات إيصال الحقيقة ونقلها إلى العالم لا أكثر، مثلهم كبقية زملاء المهنة في سورية والعراق.
لم يكن أواب أوّل صحفي تستهدفه الميليشيات منذ عدوانها علی تعز، ولن يكون آخرهم؛ فالصوت الذي يعبّر عن أنين المستضعفين ويوّثق الانتهاكات بحق المدنيين يشكلّ تهديداً للميليشيات أكثر من المقاتلين علی الأرض، ومعركة الصوت والصورة هي الانعكاس الحقيقي لما يحدث علی الأرض، وفوق ذلك هي التاريخ الذي يوّثق نفسه في زمن الإدعاءات الكاذبة والأقلام المأجورة والإنحطاط الإعلامي.