يمن مونيتور تستقصي أوضاع النازحين في ثلاث محافظات يمنية.. حلم العودة وكابوس الحرب
اندلعت الحرب قبل ما يزيد منذ سبتمبر/أيلول 2014م في اليمن ترك الناس بيوتهم وذهبوا للعراء مشردين أتووا في المدارس والمحلات كوضع مؤقت، تذمروا لاختلاف حياتهم الجديدة، وفقدانهم لأعمالهم وبيوتهم واهاليهم وأماكن نشؤا فيها، مع مرور الأيام تأقلموا على ظرفهم الجديد واستمرت حياتهم حتى اليوم.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من مروى العريقي:
اندلعت الحرب قبل ما يزيد منذ سبتمبر/أيلول 2014م في اليمن ترك الناس بيوتهم وذهبوا للعراء مشردين أتووا في المدارس والمحلات كوضع مؤقت، تذمروا لاختلاف حياتهم الجديدة، وفقدانهم لأعمالهم وبيوتهم واهاليهم وأماكن نشؤا فيها، مع مرور الأيام تأقلموا على ظرفهم الجديد واستمرت حياتهم حتى اليوم.
تنقلت مراسلة “يمن مونيتور” بين منازل النازحين وأماكن معيشتهم في ثلاث محافظات “إب” و “منطقة خمر بمحافظة عمران” و “العاصمة صنعاء”، ولاحظت أن حياة النازحين لا تختلف بين أولئك القانطين في المخيمات عن المستأجرين محلات صغيرة فمخيم السلام مثلا يضم 70 غرفة يأوي 82 اسرة، فيه 20 حمام بمعدل 10 حمامات للرجال و10 حمامات للنساء ومغسلتين لغسل الملابس، ويضم المخيم نازحين من: تعز- عدن- الضالع- صعدة- صنعاء- حجة.
في هذا التقرير يرصد معاناة الاسر العالقة بسبب الحرب..
العودة للبيت
البداية كانت من صنعاء مع الشابة تهاني أحمد – 20 عاماً – نازحة من جبل فج عطان مع اختها وأمها يعيشون في غرفة صغيرة وحمام فقد تضرر منزلهم واحرق بعض من اجزاءه بسبب قصف قوات التحالف، لم تزر تهاني منزلهم منذ أن غادرته قبل أكثر من عام كون جماعة انصار الله قد استولت عليه، تفتقد تهاني لمنزلهم الكبير حد وصفها قائله: “بيتنا كبير وفسح هذه الغرفة صغيرة ضيقة، ياليت نرجع بيتنا”
الحجة مُلك – 90 عاماٌ – تركت بيتها في تعز وتتنقل لدى بناتها منذ عامين بين ثلاث محافظات هي صنعاء –إب – الحديدة، تبكي بحرقة على منزلها الذي تتمنى أن تموت فيه وبناتها جوارها وتدفن في مقبرة جامع المظفر بتعز، من يحقق لهذه العجوز أمنيتها الأخيرة في هذه الحياة؟
البحث عن الأمان
وفي مدينة إب وسط اليمن التقت “يمن مونيتور” فائزة يحيى عبد الله – 30 عاما – أم لبنت وثلاثة أطفال نازحة من الكمب بمدينة تعز، تسكن هي واسرتها في مخيم السلام بمدينة اب نزحت بسبب الاشتباكات بيت طرفي الصراع في تعز تقول: ” رهنا أوراق الموتر حق زوجي عشان نقدر نخرج من تعز وكلفتنا عملية الخروج 25 ألف ريال يمني، وهنا شعرنا بالأمان”
أصيب ابنها بكسر في فخذه الأيمن بفعل الاشتباكات في تعز وظل سته أشهر دون أن يجري العملية بسبب قصف مستشفى الثورة، تسبب هذا التأخير بإصابته بعاهة فقد قصرت ساقة بنانه ونصف عن الأخرى.
عن المشاكل التي تواجهها تقول فائزة: ” ضيق الغرف في المخيم يكدر العيش خاصة انه لكل سبع أسر حمام واحد، وحين نفكر بالعودة إلى أين سنعود فقد خسرنا بيتنا وعفش بيتنا سرق! “.
إعادة شمل الأسرة
اشراق الاصبحي -40 عاما – فقدت بيتها وتشتت اسرتها وصعوبة الحياة تحول دون رؤيتهم أو التواصل معهم. كما تعرض زوجها لأطلاق نار بسبب الاشتباكات الدائرة في منطقة ذو باب أدت الإصابة إلى فقدانه إحدى كليتيه ويحتاج إلى إجراء عملية لاستئصال طلق ناري آخر استقر بقرب العمود، تكلفة العملية مليون ريال أي ما يزيد عن 3000 $، اشراق تتمنى أن تتوقف الحرب وتعود الى مدينتها وتعيد اصلاح منزلها المدمر حتى تعيش فيه مع اسرتها ويعود شملهم من جديد.
اختلاف المجتمعات
وترى الدكتورة ذكرى عبد الجبار – أستاذ علم الاجتماع- في حديث لـ”يمن مونيتور” أن مشكلة النزوح مشكلة كبيرة لها تبعات نفسية واجتماعية كثيرة، المجتمع في اب مختلف تماما عن المجتمع في تعز.
وتضيف: “في تعز هناك تقبل لأن تعمل المرأة وأن تكون “فاتشه” – لا ترتدي النقاب- ممكن تعمل في أي محل في صيدلية، حين جاءت الى اب بهذه الصورة تبحث عن عمل كي تستمر الحياة بالنسبة لها وجدت مضايقات كثيرة، رغم القرب الجغرافي للمدينتين إلا أن هناك فروق جوهرية”.
وتشير إلى أن عمل المنظمات في إب فيه الكثير من علامات الاستفهام قائلة: ” أكثر الناس الحاصلين على مساعدات هم مستقرين في بيوتهم، توجد مشكلة كبيرة من المنظمات الاغاثية حيث انها لا تعمل كما تعمل منظمات الإغاثة في صنعاء”.
وتتحدث بمرارة حول تسول النازحات: ” مأساة كبيرة جدا ان تخرج المرأة الريفية لتتسول البيوت كي تبحث عن لقمة عيش لها ولأبنائها، المرأة النازحة في إب خاصة المرأة التعزية مصابة بكثير من الإحباط إضافة الى المعاناة الاقتصادية الكبيرة، أيضا المرأة في هذه الحرب عليها الثقل الكبير لأن زوجها اما في الجبهة او مقتول.
سوء توزيع
يوضح ماجد ياسين المدير التنفيذي لمؤسسة عطا أن مؤسسته تكفل 50 اسرة (علاج – غذاء – ايجار) ويوجد في مدينة إب 480 اسرة تعيش داخل دكاكين وبيوت ومهمشين نازحين غير الأسر المتواجدة في المخيمات، تعيش هذه الاسر أوضاع مزرية فتوجهنا بالأنظار إليهم، لنكون حلقة وصل بينهم وبين فاعلي الخير.
يتحدث ماجد عن سوء توزيع لدعم قائلاً: يوصل دعم من منظمات كاليونسف ومنظمة الصحة العالمية، لكن لا نعلم اين يذهب؟!! حوالي 30% تذهب الى جهات متنفذة و30% تذهب إلى المسؤولين لم يسميهم و 10% تذهب الى فريق العمل و30% تذهب إلى النازحين، مع العلم أن أغلب المساعدات للنازحين هي من أبناء اب أنفسهم.
ويشير الى وجود صعوبات في إيجاد تعاون من المستشفيات: “إذا أردنا توفير تكلفه عملية نجدها من متبرعين وليس من إدارة المستشفى”.
الخوف
وفي مدينة خمر بمحافظة عمران شمالي العاصمة صنعاء ألتقت “يمن مونيتور” بالشابة أمينة – 37 عاما – والتي فقدت 7 من افراد اسرتها بسبب قصف طيران التحالف لمدينة صعدة، تعيش مع أمها في غرفة وحمام، لا تدري أمينة كم يستمر هذا الوضع خاصة أنها لا تعرف شيئاً عن بيتها في صعدة، وتخشى من المجهول.
نجاة- 45 عاماً – نزحت مع أطفالها الخمسة وزوجها الذي يعمل في أحد حقول القات في المدينة وتعمل هي منظفة في إحدى المدارس كي تستطيع تلبية متطلبات الحياة لها تقول نجاة: تركنا بيوتنا بما فيها بسبب القصف المستمر، خشينا على أطفالنا فالرعب مسيطر عليهم، استقرينا هنا وبدأنا الحياة من جديد، أطفالنا لم يتأقلموا على المكان كل شيء بالنسبة لهم تغير ليس فقط المكان، في السابق لم أكن أعمل كنت طوال الوقت في البيت، أتمنى عودة حياتي السابقة لأجل أطفالي.
حلم العودة
تتوق غدير محمد – 18 عام – إلى العودة لمنزلهم بصعدة إلا أن استمرار قصف قوات التحالف على المدينة يحول دون عودتها، نزحت غدير مع أمها وأخوتها وجدتها التي فقدت سمعها بفعل الضربات التي أصابت منزلهم، لا تملك غدير سوى الذكريات العالقة في مخيلتها عن مدينتها التي تحلم بالعودة إليها علها يوماً ما تستيقظ على خبر انتهاء الحرب.