الهدنة التي تم الإعلان عنها خلال الأيام القليلة الماضية، في اليمن بدت للوهلة الأولى أكثر جدية من سابقاتها، لأنه لأول مرة يقبل المتحاربون الهدنة التي تم الإعلان عنها خلال الأيام القليلة الماضية، في اليمن بدت للوهلة الأولى أكثر جدية من سابقاتها، لأنه لأول مرة يقبل المتحاربون، بهدنة تفسح المجال لتنفيس الاحتقان في الأزمة القائمة منذ أكثر من عام ونصف من المواجهات العسكرية في مختلف جبهات القتال، إلا أنها ذهبت أدراج الرياح كما ذهبت هدن سابقة تم الإعلان عنها من قبل الأمم المتحدة، بخاصة بعد استمرار أعمال القتال في أكثر من جبهة.
مؤشرات الأمل في الهدنة الأخيرة جاءت بعد تحركات حثيثة من قبل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي التقى في العاصمة العمانية مسقط ولأول مرة بجماعة الحوثي، التي ظلت على مدى سنوات طويلة ترفع شعار «الموت لأمريكا» وتصنيف المواجهات التي تدور في البلاد بأنها بتدبير أمريكي، فالاجتماع الذي جمع الجانبين في مسقط مهد الطريق لإقامة تفاهمات من شأنها أن تقود إلى تسوية سياسية شاملة تجنب البلاد المزيد من الخراب.
يدرك المتحاربون ومن يملكون القرار السياسي أن استمرار الحرب لن يزيد إلا في اشتعال الحرائق في كل مكان، ولن تقوم للبلاد قائمة، إذا لم يلتقط الجميع فرصة مساعدة الآخرين لهم، للبناء على هدنة حقيقية تعيد الأمور إلى نصابها قبل الذهاب إلى تسوية لا تستثني أحداً، وهي التسوية التي كان بالإمكان تطبيقها في حال التزم الجميع، وعلى رأسهم الحوثيون والرئيس السابق علي عبدالله صالح، بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، التي وضعت الأسس المتينة للدولة اليمنية الحديثة، ذلك أن انقلاب الحوثيين وصالح على مخرجات مؤتمر الحوار قبل اجتياح صنعاء، فرض واقعاً جديداً وغير قواعد الصراع.
لا بد من الاعتراف أولاً بأن العودة إلى عهد المركزية الشديدة، التي حكم بها الرئيس السابق البلاد، لم تعد ممكنة، والطريق الوحيد الذي يبدو ممكناً اليوم يكمن في تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار التي تقسم البلاد إلى عدد من الأقاليم، تحكم نفسها بنفسها من دون تدخل مباشر من المركز، وهو نموذج معمول به في عدد من دول العالم.
ليس من السهل الانتقال إلى هذا النمط من الحكم، لكن إذا ما توفرت الإرادة الحقيقية سيجد طريقه إلى التطبيق، لأن غير ذلك يعني نشوء حروب صغيرة في طول البلاد وعرضها، وبالتالي يزيد تفكك البلاد بأكملها، وخطر ذلك كبير على كيان اليمن نفسه، ناهيك عن مخاطر جمة على الدول المجاورة لها، وهذه الدول لن تسمح بذلك أبداً.
بعد أكثر من عام ونصف العام من الحرب لايزال اليمنيون غير قادرين على اغتنام الفرص المتاحة لهم لتهدئة الأوضاع ووقف الحرب المدمرة، والبحث في وسائل تساعد في إعادة الروح إلى اليمن الممزق والبداية من إعطاء الهدن المعلنة لوقف الحرب حقها من الجدية والاهتمام، حيث يأمل الناس في أن تجد هذه التفاهمات طريقها للتنفيذ في أقرب وقت ممكن.
تقلا عن الخليج الاماراتية